بعد مرور تسعة أشهر على بدء الحرب في غزة، يشعر الإسرائيليون بإحباط كبير تجاه سياسة نتنياهو في التعامل مع الحرب، خاصة فيما يتعلق بملف الأسرى.
وفي ذكرى مرور تسعة أشهر على بدء الحرب في غزة، يوم الأحد، 7 يوليو 2024، أغلق المتظاهرون الإسرائيليون الطرق السريعة في جميع أنحاء البلاد، مطالبين بتنحي رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وإجراء انتخابات جديدة، والضغط من أجل وقف إطلاق النار لإعادة عشرات الرهائن الذين تحتجزهم حماس.
نتنياهو يفقد ثقة الإسرائيليين
زاد الغضب الإسرائيلي من الحكومة بقيادة بنيامين نتنياهو الذي لم يحقق الأهداف الذي وعد بها، كما صمود المقاومة الفلسطينية أدى إلى تفاقم الوضع.
ووفقاً لاستطلاع رأي أجراه مركز بيو للأبحاث مطلع يونيو الماضي، هناك تراجع واضح في الثقة بأداء الحكومة الإسرائيلية، وجاءت نتائج الاستطلاع كالتالي:
- تضاؤل التعاطف الدولي مع إسرائيل: الاستطلاع أظهر أن غالبية الإسرائيليين يشعرون بأن دولتهم لا تحظى بالاحترام دولياً، و15% منهم يرون أنها "لا تحظى بالاحترام على الإطلاق".
- الحرب على غزة: حوالي 40% من الإسرائيليين يرون أن الحرب على غزة كانت "ضرورة وجودية"، بينما يرى ما يزيد قليلاً على الثلث أن الرد العسكري كان دون المطلوب.
- قدرة الحكومة على تحقيق أهدافها: 40% من المستطلعة آراؤهم يعتقدون أن الحكومة قادرة على تحقيق أهدافها في الحرب، بينما 19% يرون أنها غير قادرة وربما تفشل في ذلك.
كما أن شعبية نتنياهو تراجعت بشكل ملحوظ:
- إحباط من أداء نتنياهو: الإحباط من فشل نتنياهو في تقديم مسار عملي للخروج من الحرب تصاعد، وأظهر الاستطلاع تراجعه إلى المرتبة الأخيرة بين وزير دفاعه يوآف غالانت وزعيم حزب الوحدة الوطنية بيني جانتس.
- النظرة السلبية: النظرة السلبية تجاه نتنياهو زادت بنسبة 6% عن العام الماضي.
- تراجع شعبية نتنياهو بين اليمينيين: حتى بين الإسرائيليين ذوي الميول اليمينية، الذين يشكلون الدعامة الأساسية للائتلاف السياسي الحاكم، تراجعت شعبية نتنياهو بنسبة 20% مقارنة بالعام الماضي.
وبالرغم من التأييد الواسع للرد العسكري، هناك قناعة كبيرة بضرورة المساعي الدبلوماسية لإنهاء الحرب:
- الوساطة الخارجية: 72% من الإسرائيليين يفضلون أن تلعب الولايات المتحدة الأمريكية دور الوسيط، بينما 45% يفضلون أن يكون دور الوساطة منوطاً بمصر.
يشير الوضع الحالي إلى تراجع الثقة في حكومة نتنياهو وفقدان الشعبية، مما يعكس الفشل في تحقيق الأهداف المعلنة للحرب، وزيادة الرغبة في البحث عن حلول دبلوماسية لإنهاء الصراع.
مصير نتنياهو بعد انتهاء الحرب
وقال الدكتور أيمن الرقب، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس والقيادي بحركة فتح، إن جميع التقارير تشير إلى أن نتنياهو لا يرغب في إنهاء الحرب الحالية، لأنه يدرك أنه بمجرد انتهاء الحرب، سيكون مطالباً بتقديم إجابات عن العديد من الإخفاقات، بما في ذلك إخفاقات السابع من أكتوبر وما قبلها وما بعدها.
وأضاف الرقب، في تصريحات لـ "صدى البلد"، أن انتهاء الحرب سيعني ضرورة إجراء انتخابات مبكرة، واستطلاعات الرأي تظهر تراجع شعبية نتنياهو وتحالفه، ما يجعله غير قادر على تشكيل حكومة في الوضع الحالي.
وذكر أن نتنياهو يحاول التهرب من هذه الاستحقاقات عبر استمرار الحرب، مشيراً إلى أنه قد يتوجه إلى جبهة جنوب لبنان حيث تكون التكلفة أقل، إذا ما تعرض لضغوط لإنهاء الحرب في قطاع غزة.
وأوضح أن نتنياهو، بعد مرور تسعة أشهر من الحرب، أعاد التموضع في مناطق عديدة في قطاع غزة.
كما أشار الرقب إلى أن نتنياهو سيستمر في حرب أقل تكلفة كما يحدث في الضفة الغربية، لافتا إلى العمليات الأخيرة في مناطق مثل الشجاعية والتفاح والزيتون وبني سهيلة وعدسان وخزاعة وتل الهواء، حيث ينفذ عمليات دون الدخول في حرب واسعة أو برية.
وأكد الرقب أن نتنياهو يستمر في محاولاته لتنفيذ قرار 27/35 أو المشروع الأمريكي، لكنه يتهرب من تنفيذه حتى الآن، ويرجئ كل شيء حتى زيارته لواشنطن في 24 من الشهر الجاري. ويرى الرقب أن هذه الزيارة قد تؤدي إلى تغييرات في استراتيجية الحرب واستمرارها، بينما قد لا تخرج المفاوضات في القاهرة والدوحة بنتائج حقيقية للتنفيذ.
وذكر الرقب أن نتنياهو أعلن أنه سينفذ المرحلة الأولى من قرار 27/35 ثم سيعود إلى الحرب، كما أكد في تصريحاته الأخيرة، ويستمر في التحريض ضد الوصول إلى اتفاق، مدعياً أنه يسعى لتحقيق أهدافه للقضاء على حركة حماس وتحرير الأسرى، ويماطل نتنياهو بهدف البقاء في السلطة، حيث أشار في بيان رسمي من مكتبه إلى أنه لا ينوي وقف الحرب حتى بعد إتمام صفقة تبادل الأسرى.
واختتم الرقب بأن نتنياهو يستخدم الحرب كوسيلة للتهرب من الضغوط الداخلية والخارجية، ويحاول الحفاظ على موقعه السياسي من خلال استراتيجيات متعددة تشمل توجيه العمليات العسكرية وتكتيكات التفاوض والتحريض.