قال الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر، ان الجهاد في سبيل الله منه أصغر وأكبر، والصغر والكبر إنما يعود إلى الزمن الذي يستغرقه كل واحد منهما؛ قال رسول الله ﷺ : «رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر، ألا وهو جهاد النفس» (أخرجه البيهقي في «الزهد»)، وقال الله تعالى: {وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادًهِ}، وقال تعالى: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ}.
فالجهاد بالقتال لا يستغرق إلا مدة المعركة وهي قليلة على كل حال، أما الذي يمتد العمر كله، ويعم الناس كلهم والأرض كلها فهو جهاد النفس.
وجهاد القتال يجود فيه الإنسان بنفسه من أجل سعادة غيره ففيه معنى الفداء؛ فوصفه بالأصغر لا يقلل من علو شأنه وأهميته، ولكنه يشير إلى مدته، وأنه صراع عارض لأجل الرجوع إلى حالة الاستقرار والتوازن التي خلق الله الناس عليها أول مرة.
فوسع لنا سيدنا ﷺ مفهوم الجهاد، فشمل جهاد النفس، وشمل أيضًا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، سُئل سيدنا النبي ﷺ أَىُّ الْجِهَادِ أَفْضَلُ؟ قَالَ « كَلِمَةُ حَقٍّ عِنْدَ سُلْطَانٍ جَائِرٍ »[سنن النسائي] ، وشمل أيضًا الحج؛ لأن سيدنا النبي ﷺ قال: « جِهَادُ الْكَبِيرِ وَالصَّغِيرِ وَالضَّعِيفِ وَالْمَرْأَةِ الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ ».[سنن النسائي].
إذن حقيقة جهاد النفس ؛ هو الخضوع لأوامر الله سبحانه وتعالى، ولنواهيه، ولتكاليفه، وعدم الخروج عن المنظومة التي وضعها لنا الله.