قالت دار الإفتاء المصرية، إنه قد أجمع فقهاء المسلمين على أنَّ الحجاب فرضٌ على المرأة المسلمة إذا بلغت سن التكليف، وهي السن التي ترى فيها الأنثى الحيض وتبلغ فيه مبلغ النساء، وهو ما يكون ساترًا جميع جسدها ما عدا وجهها وكفيها، وزاد بعض العلماء قدميها وبعض ذراعيها.
وأضافت دار الإفتاء ردا على من أنكر فرضية الحجاب، بأن القول بجواز إظهار شيء غير ذلك من جسدها لغير ضرورة أو حاجة تُنَزَّل منزلتَها هو كلام مخالف لِمَا عُلِم بالضرورة من دين المسلمين، وهو قولٌ مبتدَعٌ منحرف لم يُسبَقْ صاحبُه إليه، ولا يجوز نسبة هذا القول الباطل للإسلام بحال من الأحوال، فصار حكم فرضية الحجاب بهذا المعنى من المعلوم من الدين بالضرورة.
وأكدت دار الإفتاء، أن موقف الشريعة الإسلامية بكافة مصادر تشريعها من فرضيَّة الحجاب منذ فرضه الله تعالى في كتابه وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وآله وسلم وأجمع عليه المسلمون سلفًا وخلفًا منذ عصر النبوة وحتى عصرنا الحاضر هو موقفٌ واضحٌ قاطع حاسم لم يَجْرِ فيه الخلافُ قطُّ بين علماء المسلمين، ولم يقل بنفيه أحدٌ من المسلمين على مر العصور وتتابع الأجيال، ولا هو في أصله مما هو قابلٌ لأن يجري فيه الخلاف، ولا هو مما يتغير بتغير الأعراف والعوائد والبلدان؛ فلم يكن أبدًا من قبيل العادات، بل هو من صميم الدين وتكاليف الشريعة التي حمَّلها الله الإنسان دون سائر الكائنات، وهو سائله عنها يوم القيامة.
وأضافت دار الإفتاء بأن التزام المسلمات بالحجاب أثناء وجودهن في دُوَلٍ أخرى لها ثقافات وأعراف تختلف عن الثقافات الإسلامية فهو كالتزامها بصلاتها وصيامها وتعظيمها لشعائر دينها واعتزازها بها، وإنما تتأتى الرخصة التي تبيح للمرأة المسلمة خلع حجابها أو شيء منه عند وجود الضرورة أو الحاجة التي تُنَزَّل منزِلَتَها، فلا تكشف من حجابها في كل ذلك إلا بقدر ما يندفع به الضرر، وتَسْتَدُّ به الحاجة، فإن زال الضرر واندفعت الحاجة عادت لحجابها والتزمت فريضتها وأطاعت ربها.
واستشهدت دار الإفتاء على حكم الحجاب، بقول الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا﴾ [الأحزاب: 59].
وقوله سبحانه وتعالى: ﴿وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ [النور: 31].
أما الحديث: فأخرج أبو داود في "سننه" واللفظ له، والطبراني في "مسند الشاميين"، وابن عدي في "الكامل"، والبيهقي في "السنن الكبرى" و"الآداب" و"شُعَب الإيمان" عن عائشةَ رضي اللهُ عنها أنَّ أسماءَ بنتَ أبي بكر الصِّدِّيق رضي الله عنهما دخلَتْ على رسول اللهِ صلَّى اللهُ عليه وآله وسلَّم وعليها ثِيَابٌ رِقَاقٌ، فَأَعْرَضَ عَنْهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، وَقَالَ: «يَا أَسْمَاءُ، إِنَّ الْمَرْأَةَ إِذَا بَلَغَتِ الْمَحِيضَ لَمْ تَصْلُحْ أَنْ يُرَى مِنْهَا إِلَّا هَذَا وَهَذَا» وَأَشَارَ إِلَى وَجْهِهِ وَكَفَّيْهِ.
وأما الإجماع: فقد أجمعت الأمة الإسلامية سلفًا وخلفًا على وجوب الحجاب وهذا من المعلوم من الدين بالضرورة.