نشهد اليوم الثالث من المحرم، لذا ينبغي معرفة كل وأي أفعال محرمة في شهر المحرم ، حيث تعد أحد أهم الأمور التي ينبغي العلم بها لاجتنابها في شهر المحرم ، لأن عاقبتها وخيمة، خاصة وأن هناك من فترت همتهم وعزمهم في الطاعات والعبادات، لذا ينبغي الانتباه إلى أن شهر الله المحرم هو من الأشهر الحرم، ومن هنا تبدو الحاجة إلى معرفة أفعال محرمة في شهر الله المحرم ، لاجتنابها حتى لا تتحول حياتنا إلى جحيم في الدنيا قبل الآخرة، وحيث ورد التشديد على حرمة هذا الشهر خاصة في كثير من نصوص الكتاب العزيز والسُنة النبوية الشريفة، فهذا يؤكد على ضرورة الوقوف عند أي أفعال محرمة في شهر الله المحرم ؟، لأهميته الكبيرة في الابتعاد عن وإغلاق إحدى بوابات جهنم في الدنيا قبل الآخرة .
أفعال محرمة في شهر الله المحرم
ورد من أحكامِ شهرِ الله المُحَرَّم تحريمُ ابتداءِ القتالِ فيه؛ قال ابنُ كثير رحمه الله: وقد اختلف العُلماءُ في تحريمِ ابتداءِ القتالِ في الشَّهرِ الحرامِ: هل هو منسوخٌ أو مُحكَمٌ على قولينِ: أحدُهما، وهو الأشهَرُ: أنَّه منسوخٌ؛ لأنَّه تعالى قال هاهنا: {فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ} وأمَرَ بقتالِ المشركين، والقولُ الآخَرُ: أنَّ ابتداءَ القِتالِ في الشَّهرِ الحرامِ حرامٌ، وأنَّه لم يُنسَخْ تحريمُ الشَّهرِ الحرامِ؛ لقولِه تعالى: {الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} الآية. وقال: {فَإِذَا انسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ} الآية (4).
وقد كانت العرَبُ تعَظِّمُه في الجاهليَّةِ، وكان يسمَّى بشهرِ اللهِ الأصَمِّ؛ مِن شدةِ تحريمِه.. والصَّومُ في شهرِ محَرَّم مِن أفضل التطوُّعِ؛ فقد أخرج مسلمٌ من حديث أبي هريرةَ أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: (أفضلُ الصِّيامِ بعد شَهرِ رمضانَ شهرُ اللهِ الذي تَدْعونَه المُحَرَّمَ، وأفضَلُ الصَّلاةِ بعد الفَريضةِ قيامُ الليلِ).
وورد في تفسير الآية 36 من سورة التوبة «إن عدة الشهور» المعتد بها للسنة «عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله» اللوح المحفوظ «يوم خلق السماوات والأرض منها» أي الشهور «أربعة حرم» محرَّمة ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب «ذلك» أي تحريمها «الدين القيم» المستقيم «فلا تظلموا فيهن» أي الأشهر الحرم «أنفسكم» بالمعاصي فإنها فيها أعظم وزرا وقيل في الأشهر كلها «وقاتلوا المشركين كافة» جميعا في كل الشهور «كما يقاتلونكم كافة واعلموا أن الله مع المتقين» بالعون والنصر.
و جاء إنّ عدة الشهور في حكم الله وفيما كُتب في اللوح المحفوظ اثنا عشر شهرًا، يوم خلق السموات والأرض، منها أربعة حُرُم؛ حرَّم الله فيهنَّ القتال (هي: ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب) ذلك هو الدين المستقيم، فلا تظلموا فيهن أنفسكم؛ لزيادة تحريمها، وكون الظلم فيها أشد منه في غيرها، لا أنَّ الظلم في غيرها جائز، وقاتلوا المشركين جميعًا كما يقاتلونكم جميعًا، واعلموا أن الله مع أهل التقوى بتأييده ونصره.
شهر المحرم
ورد أن المُحَرَّم (بالألف واللام دائمًا) الشهر الأول من السنة القمرية أو التقويم الهجري، كان اسمه في الجاهلية مُؤْتَمِر أو المُؤْتَمِر، في حين كان يطلق اسم المُحَرَّم في الجاهلية على شهر رَجَب.
قال تعالى «إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ»، سورة التوبة: 36، والأشهر الأربعة الحرم هي أشهر قمرية «رجب وذو القعدة وذو الحجة ومحرم»، ولأن الله تعالى نعتها بالدين القيم فقد حرص أئمة المسلمين منذ بداية الأمة أن لا يعملوا إلا به، رغم أن التقويم أنشئ في عهد المسلمين إلاّ أن أسماء الأشهر والتقويم القمري كان تستخدم منذ أيام الجاهلية، أول يوم هذا التقويم الجمعة 1 محرم سنة 1هـ.
فضل شهر المحرم
ورد عن فضل شهر المحرم أن هناك العديد من الفضائل التي تتعلّق بشهر مُحرَّم، ومنها ما يأتي:
يُعدّ صيامه أفضل الصيام بعد رمضان؛ وذلك لحديث الرسول -صلّى الله عليه وسلّم-؛ إذ قال: (أَفْضَلُ الصِّيامِ، بَعْدَ رَمَضانَ، شَهْرُ اللهِ المُحَرَّمُ، وأَفْضَلُ الصَّلاةِ، بَعْدَ الفَرِيضَةِ، صَلاةُ اللَّيْلِ)، والمقصود بالصيام هنا صيام التطوُّع المُطلَق، وعليه فإنّ أفضل الصيام المُطلَق هو صيام شهر مُحرَّم.
خصّصه الله بإضافته إلى نفسه، ممّا يدلّ على عظيم فَضله، وشَرَفه؛ ذلك أنّ الله -سبحانه وتعالى- لا يُضيف إلى اسمه إلّا أهمّ مخلوقاته، كما هو الحال قي نسبة البيت الحرام له، كما أنّ في إضافته إلى الله -سبحانه وتعالى- تأكيدٌ على حُرمته، فلا يجوز لأحد أن يُحِلَّه.
يضمّ يوماً أظهر الله -عزّ وجلّ- فيه الحقّ ونجّى موسى -عليه السلام- من فرعون وجنوده، ألا وهو ما هو يوم عاشوراء.
فضل الصيام في شهر المحرم
ورد من مميزات شهر محرّم أنّه يُشرَع فيه صيام اليومَين التاسع والعاشر، أو اليومَين: العاشر، والحادي عشر منه، كما يُشرَع صيام الأيّام البيض، وصيام يومَي الاثنين، والخميس أيضاً، كما أنّ صيام الشهر كاملاً أمرٌ حَسَنٌ؛ وذلك لِما ورد عن أبي هريرة، عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-: (جاءَ رجلٌ إلى النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ فقالَ: أيُّ الصِّيامِ أفضلُ بعدَ شَهْرِ رمضانَ ؟ قالَ : شَهْرُ اللَّهِ الَّذي تدعونَهُ المُحرَّمَ)