ألقي الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، اليوم بيان الحكومة أمام مجلس النواب بمقر البرلمان بالعاصمة الإدارية الجديدة، بحضور كامل تشكيل الحكومة التي أدت اليمين الدستورية مُؤخراً، مستعرضا برنامج عمل الحكومة للسنوات الثلاث المقبلة، الذي يأتي تحت عنوان "معًا نبني مستقبلًا مستدامًا".
وأكد الدكتور مصطفى مدبولي أن الأزمات الاقتصادية المتلاحقة تسبَّبت في ارتفاع معدلات التضخم على المستوى العالمي، معتبراً أن مصر لم تكن بِمَعزِل عن هذه الأزمات؛ فقد شهدت الأسواق المصرية ارتفاعًا غير مسبوق في أسعار العديد من السلع والمنتجات، ومع انحسار الضغوط التضخمية خلال عام 2024 استهدفت الحكومة تنفيذ مجموعة برامج، على رأسها ضمان توافر جميع السلع في الأسواق المحلية، والتوسُّع في الإنتاج الزراعي والغذائي مع ضمان تحقيق الاستقرار السعري، هذا فضلًا عن تطوير منظومة سلاسل التوريد، ورقمنة أسواق السلع الرئيسية.
وقال إننا لمسنا مؤخرًا تراجع معدل التضخم السنوي لإجمالي الجمهورية ليسجل 27.4% في مايو 2024 بعد أن وصل إلى 39.7% في أغسطس 2023، مؤكداً استمرار جهود الحكومة لخفض هذا المعدل وتخفيف الأعباء على المواطنين.
وأضاف أن الحكومة ستسعى باستمرار نحو رفع كفاءة الأداء الحكومي، واستهدفت عددًا من البرامج في مقدمتها: دعم التحول الرقمي من خلال تعزيز استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في جميع القطاعات عبر تطوير بنية تحتية رقمية قوية تشمل شبكات اتصالات فائقة السرعة ومراكز بيانات آمنة وبرامج وخدمات رقمية سهلة الاستخدام، ومواصلة ميكنة منظومة الخدمات الحكومية الرقمية في جميع الخدمات الاستراتيجية والحيوية بالنسبة للمواطن، كما ستعمل على تطوير وتطبيق حلول الذكاء الاصطناعي في قطاعات الرعاية الصحية، والتعليم، والزراعة، والنقل، والخدمات اللوجستية، وفي خدمة العملاء والشكاوى الحكومية، بالإضافة إلى تطوير برامج تدريبية لرفع القدرات والمهارات في مجال الذكاء الاصطناعي.
وتطرق الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، خلال بيانه أمام مجلس النواب، إلى المحور الرئيسي الرابع لبرنامج عمل الحكومة، والمتمثل في "تحقيق الاستقرار السياسي والتماسُك الوطني"، مشيرًا إلى أنه يأتي من منطلق كون استقرار الدولة المصرية يعتمد على قدرة مؤسسات الدولة على التكيُّف مع حركة التفاعلات في المجتمع، ومواجهة التحديات الداخلية والتهديدات الخارجية الرامية إلى استغلال المجتمع أو فرض أوضاع غير مقبولة عليه.
وأكد رئيس الوزراء أن برنامج عمل الحكومة في هذا المحور يقوم على مبادئ رئيسية حاكمة تضم: دولة ديمقراطية مدنية، تقوم على أساس المواطنة وسيادة القانون، وإعلاء قيم المساواة والعدالة الاجتماعية، والكرامة الإنسانية، وتكافؤ الفرص بين جميع المواطنين، وتدعم الحقوق والحريات، ودولة تُعلي من قيمة المواطن، وتسعى إلى بناء الإنسان المصري بناء متكاملًا صحيًّا وعقليًّا وثقافيًّا، ودولة قوية تمتلك القدرات الشاملة عسكريًّا وسياسيًّا واقتصاديًّا واجتماعيًّا، وتسعى إلى تحقيق السلام والاستقرار والتنمية، ودولة ذات مكانة رائدة إقليميًّا ودوليًّا، تقوم بدور فاعل في مختلف القضايا الإقليمية، وتحقق التوازن في علاقاتها الخارجية.
وأشار رئيس الوزراء إلى أن هذا المحور تَضمَّن تعزيز المشاركة السياسية والحكم الرشيد، وذلك من خلال دعم اللامركزية وتمكين المجتمع المحلي، عن طريق العمل على سرعة إصدار قانون المجالس الشعبية المحلية وسرعة إجراء انتخاباتها، والتوافُق على النظام الانتخابي للمجالس الشعبية المحلية، بالإضافة إلى إتاحة آليات وتدابير لإشراك المواطنين في التخطيط وإدارة المشروعات والمرافق، عبر تشكيل لجان التخطيط التشاركي الذي أسهمت تجربة حياة كريمة في توضيح وترسيخ معانيه.
واضاف أن الحكومة تؤكد أهمية تعزيز التواصل السياسي مع جميع مكونات المجتمع المصري كجزء من استراتيجيتها لتحقيق الشمولية والوحدة الوطنية، وتسعى من خلال هذا التوجه إلى فتح قنوات حوار فعالة مع جميع الأطياف والفئات المجتمعية لضمان مشاركة واسعة في عملية صنع القرار وتعزيز التفاهم المشترك، ويشمل هذا التواصل؛ الاجتماعات الدورية مع مجلس أمناء الحوار الوطني، وممثلي المجتمع المدني، والنقابات، والأحزاب السياسية، والشباب، والمرأة، والمجموعات المهمشة، لضمان سماع أصواتهم وتلبية احتياجاتهم، كما تلتزم الحكومة بتعزيز الشفافية وتوفير المعلومات اللازمة للمواطنين حول السياسات والقرارات الحكومية، مما يسهم في بناء الثقة وتعزيز الانتماء الوطني.
كما أكد رئيس الوزراء على تعزيز حقوق الإنسان من خلال الاهتمام بالفئات الأَوْلَى بالرعاية، وتفعيل القانون رقم 19 لسنة 2024 الخاص برعاية حقوق المسنين وإصدار لائحته التنفيذية، مع مواصلة العمل على ضمان عدالة توزيع ثمار التنمية، ودعم تحقيق التنمية في المحافظات الحدودية، بما يضمن اندماجها في المشروعات القومية الضخمة، مع التركيز على نشر روح التسامح لتقليل جميع أشكال العنف في المجتمع، وتعزيز التواصل بين الحكومة ومنظمات المجتمع المدني العاملة في مجال حقوق الإنسان.
وأكد أيضًا أن الحكومة ستحرص على تعزيز البنية التشريعية التي تكفل للمجتمع المدني ممارسة دوره بحرية واستقلالية، والنظر في التعديلات المقدمة من خلال المرحلة الأولى للحوار الوطني، وكذلك تفعيل دور النقابات المهنية، فضلًا عن تعزيز ثقة المواطنين بالحكومة، وخاصةً فيما يتعلق بتعزيز مشاركة الشباب والمرأة في الحياة السياسية والاقتصادية، وذلك من خلال طرح مبادرات لتعزيز المشاركة السياسية للشباب والتوعية بحقوقهم المدنية والسياسية.
ولفت إلى أن الحكومة تؤكد على بناء أواصر الثقة بين المواطن والدولة، وذلك من خلال: تعميق الشفافية والمُساءَلة المجتمعية، والاستجابة لمطالب واحتياجات المواطنين، وتعزيز سيادة القانون، مع مواصلة التوسع في أعمال مَيْكَنـة إجراءات التقاضي في المحاكم الجهات المعاونة لها.