ألقى الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، اليوم بيان الحكومة أمام مجلس النواب، بمقر البرلمان بالعاصمة الإدارية الجديدة، بحضور كامل تشكيل الحكومة التي أدت اليمين الدستورية مُؤخراً، مستعرضا برنامج عمل الحكومة للسنوات الثلاث المقبلة، الذي يأتي تحت عنوان "معًا نبني مستقبلًا مستدامًا".
وأكد الدكتور مصطفى مدبولي حرص الحكومة على زيادة فرص العمل، وخفض معدل البطالة، الذي تراجع إلى 6.7% خلال الربع الأول من عام 2024؛ وهو أقل معدل بطالة خلال العشرين عامًا الماضية، لافتاً إلى سعي البرنامج لرفع كفاءة المشتغلين في سوق العمل من خلال مواءمة مخرجات التعليم مع متطلبات سوق العمل، بالإضافة إلى تسهيل التوظيف وخلق فرص عمل من خلال تحسين بيئة الأعمال وتحفيز الإنتاجية وتنمية القطاعات الرائدة كثيفة العمالة، مع تحسين أوضاع العمالة المصرية بالخارج.
وقال رئيس الوزراء إن الحكومة أولَت اهتمامًا خاصًّا بسياسات الإسكان والمرافق والتخطيط العمراني، وتستهدف في هذا الإطار، التوسُّع في المدن المستدامة ومدن الجيل الرابع، والارتقاء بمستويات التحضُّر والتطور العمراني مع ضمان الاستدامة البيئية، لافتاً إلى أن الحكومة انتهت بالفعل من تطوير المناطق غير الآمنة وسيكون التركيز على تطوير المناطق غير المخططة، مع توفير المسكن الملائم لمختلف شرائح الدخل، هذا فضلًا عن العمل على سرعة توفير خدمات صرف صحي لجميع المواطنين، وتنمية وتطوير القرى المصرية.
وتطرق الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، إلى المحور الرئيسي الثالث لبرنامج عمل الحكومة، والمَعنِي ببناء اقتصاد تنافسي جاذب للاستثمارات، مشيرًا إلى أنه يَتضمَّن ثلاثة محاور فرعية، هي: ترسيخ دعائم النهوض الاقتصادي، وتمكين القطاع الخاص، وضبط الأسعار والحدُّ من التضخم.
وأكد رئيس الوزراء أن بناء اقتصاد مرن قادر على مواجهة التقلبات والتغيرات العالمية المتسارعة، ولديه مقومات الانطلاق والنمو المستدام، وجاذب للاستثمار المحلي والأجنبي، يُعَدُّ من أهم المحاور التي يعمل البرنامج الحكومي على تحقيقها، مشيرًا إلى أن الفترة الماضية شهدت صمود الاقتصاد المصري في مواجهة العديد من الأزمات الخارجية والداخلية، واستطاعت الدولة تجاوزها بفضل برامج الإصلاح الهيكلي التي تبنتها الحكومة والسياسات والإجراءات الداعمة لمناخ الاستثمار.
وفي هذا الإطار، أوضح رئيس الوزراء أن الحكومة تستهدف في العام الأول من برنامج عملها، تحقيق معدل نمو يبلغ 4.2%، على أن تحقق معدلات نمو تتجاوز 5% كمتوسط خلال فترة البرنامج، مع التحول نحو دور أكبر للقطاع الخاص في توليد الناتج وفرص العمل، وتحقيق نمو احتوائي قادر على خلق المزيد من فرص العمل اللائقة، ومواصلة دمج الاقتصاد غير الرسمي في الاقتصاد الرسمي، فضلًا عن خلق اقتصاد تنافسي قائم على المعرفة، ومنع الممارسات الاحتكارية.
ولفت إلى أن الحكومة تُواصِل مسيرة الإصلاح الاقتصادي عبر تبنِّي إصلاحات اقتصادية كُليَّة، وذلك من خلال الانضباط المالي وتعزيز الاستدامة المالية، وزيادة الإيرادات العامة بنحو 16% في المتوسط سنويًّا حتى عام 2026/2027، وترشيد ورفع كفاءة الإنفاق العام، وخفض إجمالي الدين العام، وتعزيز الشفافية المالية، كما سيعمل البرنامج على ضمان التمكين الاقتصادي والتنمية المكانية المتوازنة؛ فمن المستهدف خفض فجوة النوع في سوق العمل ورفع نسبة مشاركة الإناث في القوى العاملة إلى 19% بحلول عام 2026/2027، وزيادة معدلات التشغيل إلى ما لا يقل عن 37% في محافظات الوجه القبلي، و45% في المحافظات الحدودية.
وأكد أن الحكومة تستهدف زيادة مساهمة الاقتصاد الأخضر في الناتج المحلي الإجمالي، من خلال مضاعفة نسبة الاستثمارات العامة الخضراء إلى إجمالي الاستثمارات العامة إلى نحو 55% عام 2026، وأن تصبح مصر مركزًا عالميًّا لإنتاج الهيدروجين الأخضر بحلول عام 2030.
وأضاف ان الحكومة ستعمل على حفز الاستثمارات المحلية والأجنبية، وفي هذا الإطار تتبنى استراتيجية قومية للاستثمار (2024 - 2030) تهدف إلى تشجيع الاستثمار في عدد من القطاعات ذات الأولوية الداعمة للمستهدفات القومية للنمو الاقتصادي، مع زيادة الاستثمارات الخاصة إلى مستويات تتراوح ما بين 60% و65% من إجمالي الاستثمارات، ورفع معدل النمو السنوي للاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى نحو 14%، فضلًا عن ربط الحوافز والإعفاءات الضريبية للاستثمار المحلى والأجنبي المباشر بالأنشطة والصناعات المستهدفة وكذلك بنسبة صادراته للخارج، بالإضافة إلى استكمال العمل على تطوير المنظومة الجمركية بعناصرها كافة، وزيادة فعالية جميع الأجهزة الرقابية؛ لتخفيض زمن الإفراج الجمركي.
وأكد رئيس الوزراء أن الحكومة ستواصل مسيرة الإصلاح الهيكلي والمؤسسي، حيث تعمل على تطوير هيكل النشاط الاقتصادي، لنتحول إلى اقتصاد تنافسي من خلال تعميق الصناعات المحلية، وتوطين الصناعات المتقدمة، والاستفادة من المزايا التي تتمتع بها مصر في عددٍ من القطاعات التي يأتي على رأسها قطاعات الزراعة والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، وفى سبيل تحقيق ذلك تتبنّى الحكومة سياسات تستهدف زيادة نصيب قطاعات الصناعة والزراعة والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات من الناتج المحلي الإجمالي لتصل إلى 38% في عام 2026/2027.
كما أكد أن الحكومة تولي اهتمامًا كبيرًا لتطوير الصناعة الوطنية كأحد الركائز الأساسية لتحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة، مشيراً إلى أن الجهود المبذولة تضمنت تحسين بيئة الأعمال وتسهيل الإجراءات البيروقراطية لدعم المستثمرين المحليين والأجانب، وتشجيع الابتكار والتكنولوجيا في قطاع الصناعة، كما تم إطلاق مبادرات لتعزيز قدرات الصناعات الصغيرة والمتوسطة وزيادة تنافسيتها في الأسواق المحلية والدولية.
وأضاف رئيس الوزراء أن الحكومة ركزت على تحديث البنية التحتية الصناعية وتوفير التدريب المهني المتقدم للعمال، بهدف خلق فرص عمل جديدة وتعزيز الإنتاجية، وتهدف من هذه الجهود إلى تحقيق نمو اقتصادي متوازن وزيادة مساهمة الصناعة في الناتج المحلي الإجمالي، حيث وضعت برنامجًا لتحفيز وزيادة الإنتاجية وتنمية القطاعات الرائدة كثيفة العمالة، تعمل من خلاله على تعميق التصنيع المحلي في الصناعات كثيفة العمالة، وتتبنى تنفيذ برنامج قومي بقيادة أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا بالتنسيق مع الجهات المعنية؛ لزيادة مستويات الإنتاجية وفق مستهدفات واضحة بالتركيز على القطاعات الاقتصادية الرائدة.
ولفت إلى أن الحكومة اتخذت خطوات جادة لتنفيذ خطة استثمارية لتوطين وتعميق الصناعة المحلية لنحو 152 فرصة استثمارية محددة على المستوى القومي بهدف توطين وتعميق التصنيع المحلي، بالإضافة إلى إطلاق خريطة استثمارية شاملة وديناميكية، تعرض جميع الفرص الاستثمارية في صورة مشروعات قابلة للتمويل موزعة على مستوى المحافظات.