أصبح مسعود بيزشكيان أول رئيس إصلاحي لإيران منذ عقدين، بعد فوز غير متوقع في جولة الإعادة في الانتخابات التي جرت يوم الجمعة.
ووفقا لفاينانشال تايمز، هزم جراح القلب البالغ من العمر 69 عاما خصمه المتشدد سعيد جليلي بحملة ركزت على وعود بإجراء تغييرات كبيرة في السياسات الداخلية والخارجية.
تجديد الحركة الإصلاحية
قد أدى انتصار بيزشكيان إلى تنشيط المعسكر الإصلاحي المهمش سابقًا بعدما اندهش أنصاره من الموافقة على ترشيحه، نظراً لسلسلة الانتخابات التي مُنع فيها الإصلاحيون، والآن يرى أنصاره فرصة لإعادة تشكيل الجمهورية، ويهدفون إلى الحد من نفوذ المحافظين الأيديولوجيين وتنفيذ إصلاحات اجتماعية واقتصادية، خاصة بعد وفاة الرئيس المتشدد إبراهيم رئيسي في حادث تحطم طائرة هليكوبتر في مايو.
دعوة للوحدة
في أول رد فعل علني له على فوزه، لجأ بيزشكيان إلى منصة التواصل الاجتماعي X، وحث على الوحدة والتعاون وكتب: “إن الطريق الصعب أمامنا لن يكون سلسًا بدون تعاونكم وتعاطفكم وثقتكم”. "أمد يدي إليك وأقسم بشرفي أني لن أتركك وحدك في هذا الطريق. لا تتركني وحيدا."
التحديات المقبلة
يرث بيزشكيان اقتصادًا يخضع لعقوبات شديدة ويشعر السكان بخيبة أمل شديدة. وعلى الرغم من التحديات، فقد التزم بإعادة التواصل مع الولايات المتحدة والدول الأوروبية لحل الأزمة النووية الإيرانية وتأمين تخفيف العقوبات. بالإضافة إلى ذلك، تعهد بتخفيف القيود الاجتماعية، بما في ذلك الرقابة على الإنترنت والمعاملة القاسية للنساء اللاتي يرفضن ارتداء الحجاب.
الموازنة بين الإصلاح والولاء
على الرغم من موقفه الإصلاحي، أوضح بيزشكيان أنه لا يزال مخلصًا للمرشد الأعلى آية الله علي خامنئي. وفي خطاب النصر، شكر خامنئي على دعمه، مشيراً إلى أن نجاحه يرجع جزئياً إلى دعم المرشد الأعلى. ويمكن لهذه الهوية المزدوجة كمصلح وموالٍ أن تكون أساسية في التعامل مع المشهد السياسي.
المأساة الشخصية والمرونة
اتسمت حياة بيزشكيان بمأساة شخصية، حيث فقد زوجته وابنه في حادث سيارة قبل ثلاثة عقود. قام بتربية أطفاله المتبقين كوالد وحيد، وغالبًا ما يشير إلى هذه التجربة، واعدًا بنفس الولاء لمؤيديه كما كان لعائلته. كما سلطت حملته الضوء على موقفه التقدمي بشأن حقوق المرأة وجاذبيته للأقليات في إيران.
رحلة سياسية
برز بيزشكيان على الساحة خلال رئاسة محمد خاتمي، حيث شغل في البداية منصب نائب وزير الصحة ثم رئيسًا للوزارة. على الرغم من سنوات العمل ضمن نظام مقاوم للتغيير، واصل مسيرته المهنية كجراح في المستشفيات العامة بينما كان أيضًا نائبًا في البرلمان. وستعتمد قدرته على المضي قدماً في الإصلاحات كرئيس بشكل كبير على علاقته مع خامنئي.
آراء الخبراء
يعتقد سعيد ليلاز، الخبير الاقتصادي المؤيد للإصلاح، أن نجاح بيزشكيان سيتوقف على تجنب المواجهة مع خامنئي، وهي استراتيجية كانت تاريخيا حاسمة بالنسبة للرؤساء الإصلاحيين. وقد أشار القادة الإصلاحيون السابقون، مثل حسن روحاني وخاتمي، إلى المقاومة من داخل النظام باعتبارها عقبة رئيسية أمام أجنداتهم.
منعطف حرج
يرى الإصلاحيون أن حكومة بيزشكيان قد تكون مختلفة، وتهدف إلى تهميش المتطرفين وتعزيز الوحدة، ويعتقدون أن النظام حريص على تجنب الاقتتال بين الفصائل للحفاظ على الاستقرار، خاصة أنه يستعد لخلافة خامنئي في نهاية المطاف.
ومع ذلك، فإن المتشككين، بما في ذلك العديد من مجتمع الأعمال والدبلوماسيين الغربيين، يشككون في قدرة النظام على التغيير.
علاقات دبلوماسية
في حين يرحب الدبلوماسيون بخطاب بيزشكيان الأقل عدائية، فإنهم يظلون حذرين بشأن نفوذه الفعلي.
ولا تزال السياسات الرئيسية يحددها المرشد الأعلى والحرس الثوري، والقضايا الكبرى مثل البرنامج النووي الإيراني ودعمها للجماعات المسلحة الإقليمية تقع خارج نطاق سيطرة بيزشكيان المباشرة.
سوف يشكل إقناع الرأي العام الإيراني المتشكك تحدياً كبيراً. وكما قال فريد سائق سيارة الأجرة في طهران: «كانت الأصوات لصالح بيزشكيان مشروطة. إذا فشل في تحسين حياتنا، فسوف يستعيد الناخبون أصواتهم من خلال الاحتجاجات”.
تمثل رئاسة بيزشكيان نقطة تحول محتملة بالنسبة لإيران. ويبقى أن نرى ما إذا كان قادراً على مواجهة التضاريس السياسية المعقدة والوفاء بوعوده.