تداول رواد مواقع التواصل الإجتماعي كثيرا خلال الفترة الماضية مسألة الإذن بالذكر، حيث كشف عن حقيقتها الدكتور أسامة الأزهري، وزير الأوقاف الجديد.
حكم الإذن بالذكر
وقال الدكتور أسامة الأزهري، في منشور لبيان حكم الإذن بالذكر، إن الاذن في الذكر معناه طلب الدعاء بالتوفيق فيه فكل من طلب الاذن في الذكر ادعو له بالتوفيق فيه وأرجو منه الدعاء أيضًا، وأوضح أن الأعداد في الذكر فقد نظر العلماء في السنة النبوية، فوجدوا الذكر في ختم الصلاة ثلاثا وثلاثين، ووجدوا في صحيح مسلم الاستغفار سبعين، ووجدوا التسبيح مائة، إلى غير ذلك من الأعداد.
وتابع أسامة الأزهري: اجتهد العلماء في فهم مسألة الأذن بالذكر وسر هذه الأعداد، اهتداء بهدي النبوي، فتوصلوا إلى أن الذكر بأعداد معينة يعين الذاكر لله، ويساعده على الانضباط في الذكر والمواظبة عليه، ومن أراد عدم التقيد باعداد فلا حرج عليه، وقد توصل العلماء الى رقم لكل اسم من اسماء الله يعين من يذكر ويساعده على الانتظام في الذكر.
معنى الإذن بالذكر
كان الداعية هشام محمود ، قد كتب على صفحته على الفيسبوك يشرح معنى اﻹذن بالذكر، الإجازة فيه، ويمكن هنا أن نقيسه على اﻹجازة في القرآن الكريم، فلم يقل أحد من المسلمين قطُّ أن اﻹجازة في القرآن الكريم تعني أنه لا يجوز ﻷحدٍ أن يقرأ القرآن إلا بعد أن يأخذ اﻹجازة، بل كل مسلمٍ من حقِّه أن يقرأ القرآن متى شاء ما دام على طهارةٍ، لكن اﻹجازة في القرآن تحقق لقارئ القرآن فضيلة أخرى، وهي أنه سيقرأ القرآن بصورةٍ صحيحةٍ كما قرأه رسول الله ﷺ وكما قرأه الصحابة والتابعون والعلماء من بعدهم إلى يومنا هذا.
وكذلك اﻹجازة في القرآن تجعل صاحبها متصلًا بسندٍ نورانيٍّ حلقاته أهلُ العلم ورأسُهُ رسول الله ﷺ فمعنى اﻹذن في الذكر قريب من معنى اﻹجازة في القرآن الكريم، فأنت عندما تأخذ اﻹذن في الذكر من أحدٍ من أهل العلم تكون بذلك قد اتصلت بسندٍ نورانيٍّ رأسُهُ الجناب النبوي المعظَّم ﷺ وهذا في اﻷذكار الواردة عنه.وتتحقق لك فضيلة بهذا اﻹذن ليست موجودة لمَنْ ليس عنده هذا اﻹذن، وهو أنك تعلم متى كان النبي ﷺ يذكر بهذا الذكر، وكيف كان يذكر به، وكم مرة كان يذكر به، وهكذا، فكل هذا يعلِّمك إياه الشيخ عندما يأذن لك بالذكر.
وأضاف: وقد درج العلماء قديمًا وحتى اليوم على أخذ اﻹذن من الجيل الذي قبلهم في ذكر الله تعالى، وهذا مشهورٌ ومعروفٌ عند طلاب العلمِ، وعندما يطالع اﻹنسان تراجم العلماء يجد ذلك منثورًا فيها بصورة غزيرة، وبهذا نفهم أن معنى اﻹذن بالذكر ليس أبدًا أنه لا بد على كل إنسانٍ أن يأخذ إذنًا من شيخٍ حتى يذكر الله، بل يستحب لكل إنسان أن يكثر من الذكر، سواء كان معه إذن أم لا، وأن مَن أخذ إذنًا يتحقق له فضيلة اتصال السند، ويتحقق له فضيلة العلم بأفضل الكيفيات للذكر وما هي السنة النبوية المشرفة فيه.
بقي هنا سؤال لا بد من الجواب عنه: وهو أنني ذكرت اتصال السند بالجناب النبوي المعظم ﷺ فهل الذكر بـ(عزيز) ٦٥٨ مرةً ورد في السنة النبوية؟ وهنا نبيِّنُ أن هناكَ أذكارًا واردةً عن الجناب النبوي المعظَّم، وهي التي يُتعبَّد الله تعالى بها، واشتملت عليها كتب اﻷذكار النبوية وأسفار السنة المشرفة..لكن هناك نوعٌ آخر من اﻷذكار ذكره أهل العلم قديمًا ودرجوا على العمل به حتى اليوم، وهو ما عرف باسم (المجرَّبات)، فما هي هذه المجربات وما قصَّتُها؟
الذكر بالعدد
وعندما نظر أهل العلم في الوحي الشريف، كتابًا وسنَّةً، وجدوا أن الله تعالى قد فضَّل بعض اﻷسماء واﻷحرف، وأنه قد أمر بالذكر بأعدادٍ مخصوصةٍ، فمثلًا أمر بالذكر بعد الصلاة بـ(سبحان الله) ٣٣ مرةً، وأمر بالذكر بـ(سبحان الله وبحمدِهِ) ١٠٠ مرة، وأخبر النبي ﷺ أنه يستغفر الله ٧٠ مرة، فوقفوا يتأمَّلون هذه اﻷعداد المخصوصة، ولماذا لم يكن الذكر بغير عددٍ محددٍ، ويذكر كل إنسان بعد الصلاة قدرَ استطاعتِهِ؟ فوجدوا أن هذا التخصيص يدلُّ على أن الذكر بهذا اللفظ هذا العدد من المرات يتحقق به شيءٌ معين لا يتحقق لو أنك ذكرت بعددٍ آخر، فلو أنك بـ(سبحان الله وبحمدِهِ) ٥٠ مرةً مثلًا فلن يتحقق لك ما أخبر به النبي ﷺ من أنه تُحطُّ عنك جميع خطاياك ولو كانت مثل زبد البحر، بل لا بد من الذكر بها ١٠٠ مرةً، فهذا العدد له سرٌّ لا يتحقق إلا به.
هذه بالنسبة إلى الأعداد، أما الحروف: فقد نظروا في القرآن الكريم فوجدوا أن الله تعالى افتتح بعض السور ببعض اﻷحرف دون غيرها، مثل (ألمص)، (كهيعص)، (حم)، وهكذا، فأدركوا أن هذه الحروف لها مزية دون غيرها، واكتشفوا أن هذه الحروف هي نصف الحروف العربية، فهناك ١٤ حرفًا ذكروا في مطالع السور، وهناك ١٤ حرفًا آخر لم يذكروا، فقالوا: لا بد أن هذه اﻷحرف التي تشرفت بافتتاح السور بها لها فضيلة ونورانية دون اﻷحرف اﻷخرى، فالله تعالى لا يفعل شيئًا عبثًا بلا حكمة ولا فائدة.
فهِمَ أهل العلم هذا من الوحي الشريف، وبدأوا في التفتيش حول أسرار الحروف وأسرار الأعداد، ومن هذا التفتيش ومحاولة الفهم العميق للوحي الشريف وﻷسرار الله في الكون بدأوا في الذكر بالمجرباتِ.
فمثلًا: اسم الله (اللطيف)، حاولوا أن يفهموا سر هذا الاسم الشريف فوجدوا أن مجموع أعدادِهِ بحساب الجُمَّل هو ١٢٩، فجرَّبوا أن يذكروا الله تعالى بهذا الاسم ١٢٩ مرة فوجدوا أن الله تعالى يلطف بالعبد فعلًا، وجربوه كثيرًا فوجدوا ذللك يتحقق للعبد إذا كان على يقينٍ وصلةٍ بالله تعالى، فبدأوا ينصحون به ويعطون اﻹذن فيه.
وهكذا قلْ في المجربات، ولا أستطيع أن أطيل في شرح ذلك ﻷنه علم كبير وفيه مؤلفات طويلة، وليس اﻷمر جديدًا ولا غريبًا، ويمكن لمَن شاء أن يرجع لكتب أهل العلم في هذه المجربات، فقد كتب فيها الديربي كتابه (المجربات)، وكتب فيها اليافعي اليمني (الدر النظيم في خواص القرآن الكريم)، وكتب فيها الشرجي (الفوائد والصلوات)، فالمسألة علمٌ وكتبٌ وعلماءٌ، لكنَّ آفةَ حارتنا هي الجهل بموروثها وما فيه من أنوار وبركات وأسرار.