شهد موسم الحج هذا العام حدوث أكثر من 672 حالة وفاة وخلال الحصر اتضح أن 28 حالة ضمن حجاج الجمعيات الأهلية التي تنظمها وزارتا التضامن الاجتماعي والداخلية من إجمالي 50 ألف حاج، بينما 644 حاجًا تابعين لشركات السمسرة أقصد بعض شركات السياحة التي تحايلت على القوانين المنظمة لتسفير الحجاج، وقامت بتخفيض قيمة المصروفات لإغراء و جذب المتعطشين لزيارة بيت الله الحرام، و الزج بهم للمجهول دون توفير أدنى سبل أمان و رعاية.
الأمر لم يقف عند حد الوَفَيَات بل هناك مفقودين أيضا فقدوا التواصل مع ذويهم و أصبحوا مفقودين غير معلوم اذا كانوا أحياء أو أموات، في صورة تبرز مدى تغول و تجبر أصحاب تلك الشركات التي فقدت أدنى قواعد الإنسانية و الرحمة و العبث بأحلام البسطاء الشغوفين بزيارة رسول الله، لذلك أؤيد بشدة الإجراءات التي اتخذتها الدولة حيال هؤلاء السماسرة و التي قضت بسحب تراخيص 16 شركة سياحية و إلقاء القبض على 450 سمسارا ثبت تورطهم في قتل الحجاج عن طريق الزج بهم في رحلات حج غير نظامية تفتقر لأبسط سبل الأمان تضمن سلامتهم من أجل التربح و حصد الأموال.
في الحقيقة علينا الإشادة برحلات الحج التي نظمتها وزارة التضامن الاجتماعي و وزارة الداخلية، و التي شملت 50 ألف حاج عدد كبير وبالرغم من ذلك تنعم جميعهم بالأمان و الراحة واستطاعوا تأدية المناسك بشكل ميسر نتيجة للتنظيم و التجهيز الذي قام به مسئولي و مشرفي بعثات الحج.
وتابعت بشكل يومي البث المباشر الذي كان يقوم به د. أحمد عبد الرحمن عوف مسئول بعثة الحاج عن وزارة التضامن الاجتماعي، عبر صفحته عبر شبكة التواصل الاجتماعي، كان يصور تحركات وفود الحجاج المصريين التابعين للجمعيات الأهلية لحظة بلحظة حتى عودتهم لأرض الوطن سالمين، فالحقيقة كان التنظيم الذي شاهدته عبر البث المباشر مشرفًا للدولة المصرية.
كما علمت من إمام فوزي وكيل وزارة التضامن لمحافظة القليوبية أن المديرية لديه أوفدت ليلى الشاذلي رئيس قسم الجمعيات على رأس الوفود التابعة لها لضمان تحقيق الأمان وسبل الراحة وتذليل العقبات التي من الممكن أن تقف أمام ضيوف الرحمن، و الالتزام بالتعليمات و بفضل تلك الترتيبات و التواصل الدائم منه لمسئولي البعثة الخاصة بمحافظته لم تسجل حالة وفاة واحدة بينهما.
وعلمت أيضا من دكتور أحمد عبيد وكيل وزارة التضامن لمحافظة القاهرة، أنه كانت هناك تعليمات عليا بضرورة الاهتمام و المتابعة لبعثات الحج و فتح خط مباشر مع الحجاج و ذويهم للاطمئنان عليهم لحظة بلحظة والتأكيد على الالتزام بالتعليمات لضمان تجنب أي خسائر في الأرواح.
في الواقع على الرغْم ما نعانيه أحيانا من بعض القصور في الأداء الوظيفي ووفاة 672 حاج بسبب السماسرة بخلاف المفقودين، إلا أننا فخورين بالأداء المشرف لوزارتي التضامن الاجتماعي والداخلية خلال بعثات الحج.
و لكن ما يسيء للدولة المصرية الأشخاص الذين يصرون دائما على السير عكس الاتجاه و العزف خارج السرب و التحايل على القوانين ويلجأون لسماسرة الموت من أجل توفير جزء من نفقات الحج و تناسوا أن الركن الخامس من أركان الإسلام أكد على أن الحج لمن استطاع إليه سبيلا، و لم يأمرنا الله بأن نلقي بأنفسنا بالتهلكة، أنا لا أهاجم حجاج بيت الله الحرام ولكني ضد التكلف وتحميل الذات أكثر مما تحتمل، فلا يجوز أن أقترض أو أحج بالتقسيط وأحمل أسرتي أعباء وديونًا مطلوب سدادها على سنوات هذا منافٍ للركن الخامس من أركان الإسلام.
فلا يعقل أن يكون موظفا لا يمتلك من الدنيا غير راتبه الذي ينفق منه على أسرته ولديه أبناء يحتاجون إلى مصروفات أدوية وبنات تحتاج إلى تجهيز للزواج وأقساط ومصروفات مدارس، يقوم بالاقتراض للذهاب للحج عن طريق السماسرة وينتهي به الحال بان يكون مفقودا أو توفاه الله، يجب أن تكون فريضة الحج تؤدى من متسع من فائض و ليس بالاقتراض، كما انه لابد من الامتثال للقانون و التقدم للسفر للحج عن طريق البعثات الرسمية التي تنظمها وتشرف عليها الدولة لضمان سلامة الحاج.