أكد الدكتور على جمعة، مفتي الجمهورية السابق أن الاحتفال بالمناسبات الدينية المختلفة مثل الهجرة النبوية والمولد النبوى وغيرها، وذلك باجتماع نخبة من المشايخ والعلماء لإلقاء بعض المحاضرات الدينية لهذه المناسبات، مع إقامة بعض المسابقات والابتهالات الدينية فهذا أمر مرغب فيه ما لم تشتمل على ما ينهى عنه شرعا.
وأضاف «جمعة» في إجابته عن سؤال: «ما حكم الاحتفال بالهجرة النبوية؟»، أنه قد ورد فى الشرع الشريف بالأمر بالتذكير بأيام الله تعالى في قوله عز وجل: «وذكرهم بأيام الله»، [إبراهيم: 5]، وجاءت السنة الشريفة بذلك؛ ففي صحيح مسلم «أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم- كان يصوم يوم الاثنين من كل أسبوع ويقول: ذاك يوم ولدت فيه».
وتابع: وفي الصحيحين عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: «إن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- قدم المدينة فوجد اليهود صياما يوم عاشوراء، فقال لهم: ما هذا اليوم الذي تصومونه؟، فقالوا: هذا يوم عظيم؛ أنجى الله عز وجل فيه موسى وقومه وغرق فيه فرعون وقومه، فصامه موسى شكرا، فنحن نصومه، فقال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: فنحن أحق وأولى بموسى منكم»، فصامه رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- وأمر بصيامه.
واختتم أن الاحتفال بالمناسبات الدينية ومنها الهجرة النبوية على الصورة المذكورة أمر مشروع لا كراهة فيه ولا ابتداع، بل هو من تعظيم شعائر الله تعالى: «ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب» .
رأس السنة الهجرية
قال الدكتور على جمعة، مفتي الجمهورية السابق، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إن الله عز وجل عندما شرف الوجود بحضور حضرة النبي – صلى الله عليه وسلم- كانت القضية في الهجرة؛ هل تدون بأول ما بعث – عليه الصلاة والسلام-، أو السنة الأولى من مبعثه، أو السنة الثانية من مبعثه، معلقا: « هذا كلام المسلمين فيما بينهم».
وأضاف «جمعة» عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي « فيسبوك» أنه بعد ما انتقل – صلى الله عليه وسلم- جعلها سيدنا عمر- رضى الله عنه- ابتداء من الهجرة منذ بناء الدولة في المدينة المنورة، فبدأت من الهجرة، ورأى سيدنا عمر- رضى الله عنه- أن يجعل بداية العام بعد الرجوع من الحج، نبدأ السنة، فهي تبدأ بالمحرم.
التقويم الهجري
وأوضح عضو هيئة كبار العلماء أن العرب كانوا يقومون بما يسمى بالنسيء، وهو أمر معقد؛ لأنهم كانوا يستكثرون حرمة الأشهر الحرم: القعدة، والحجة، والمحرم، فكانوا يريدون سفك الدماء في هذه الشهور، وسفك الدم حرام في هذه الشهور، فيقومون بتغيير اسم شهر محرم ويسموه صفر، ويأجلون المحرم للشهر القادم، فيذهبوا لكاهن؛ لكي يحسبها لهم، فعندما يجعل صفر محرم، ويأتي ربيع فيسموه صفر، فتتزحزح الشهور.
وتابع المفتي السابق أنه عندما تتزحزح ؛ الدورة لا تتم، فكانوا يقومون كل سنتين حركة في الزيادات والنقصان، فكانت تتم بعد 18 سنة وتتعدل الدورة مرة أخرى، وهكذا - سبحان الله- في السنة التي حج فيها النبي – صلى الله عليه وسلم- كانت نهاية ال 18، وكانت الدورة معدولة،فقالصلى الله عليه وسلم-: «إن الفلك قد رجع إلى هيئة يوم خلق الله الخلق»، بداية صحيحة، {إنما النسيء زيادة في الكفر} [التوبة: 37]، فجاءت حجة سيدنا – عليه الصلاة والسلام-. مضبوطة؛ في أن الدورة لفت إلى كما خلق الله الخلق.
وحث الدكتور علي جمعة، في وقت سابق على تذكر دروس الهجرة وأحاديثها، ومنها قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: «لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية، وإذا استنفرتم فانفروا» (أخرجه البخاري).
وأفاد «جمعة» في فتوى له، أنه بعد فتح مكة، خرجت من عبادة الأوثان ودخلت في التوحيد الخالص فلم يعد هناك حاجة للفرار بالدين منها إلى المدينة المنورة كهجرة إيمان أو إلى الحبشة من قبل كهجرة أمن، فقد آمن الناس وشعروا جميعا بالأمن.
وأشار إلى أن للهجرة معنى مهما في ذاته نراه عند جميع الأنبياء، مشيرا إلى أن سيدنا إبراهيم -عليه السلام- هاجر طلبا للإيمان، قال تعالى في شأنه: «وقال إنى ذاهب إلى ربى سيهدين»، وموسى -عليه السلام- هاجر إلى أرض مدين طلبا للأمن، وإسماعيل هاجر إلى أرض مكة لإقامة البيت على قواعده، ويعقوب هاجر إلى مصر للحاق بيوسف وأخيه، وهكذا لو تتبعنا هجرة الأنبياء لوجدناها كانت لأغراض كثيرة فأصبحت منهج حياة لطلب الرزق أو لطلب العلم أو لطب الأمن أو لطلب الأيمان أو غير ذلك.