شاركت د. منى عصام، نائب وزيرة التخطيط لشئون التنمية المستدامة -نيابة عن د. هالة السعيد، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية- في المؤتمر الدولي العلمي للهندسة الكيميائية الخضراء المنعقد بعنوان "أثر تحولات الطاقة على حماية البيئة في ظل تحقيق أهداف التنمية المستدامة" بحضور ممثلي الدول والمنظمات الاقليمية والدولية والخبراء والمتخصصين.
وفي بداية كلمتها التي ألقتها نيابة عنها د. منى عصام، وجهت د. هالة السعيد، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية الشكر إلى م. أسامة كمال رئيس جمعية المهندسين المصريين،و د. ناصر القحطاني، مدير عام المنظمة العربية للتنمية الإدارية، على إعداد وتنظيم الحدث، والذي يأتي في إطار الدور الفاعل الذي تقوم به المنظمة باعتبارها بيت الخبرة العربي لتحقيق التنمية الإدارية في اقطارنا العربية، كأحد الروافد الرئيسية لتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة في دولنا الشقيقة.
وأشارت د. هالة السعيد إلى رؤية مصر 2030 المُحدثة، مؤكدة أن إدماج الأبعاد البيئية والمناخية في خطط الدولة لتحقيق التنمية المستدامة هو توجّه عام للدولة، فهو هدف رئيسي لرؤية مصر 2023 ( في نسختها المُحدَّثة) التي جاء ضمن أهدافها الاستراتيجية، هدف الوصول إلى "نظام بيئي متكامل ومستدام"، ويرتبط ذلك بالأهمية التي توليها الدولة للمحافظة على حقوق الأجيال القادمة، كما يأتي ذلك متسقاً مع اهتمام مصر والعالم بقضية حماية النُظُم البيئية واستدامتها وتكاملها، حيث يتم العمل على تحقيق ذلك وفقاً للرؤية من خلال أربعة أهداف عامة تتمثل في: "مواجهة تحدّيات تغيّر المناخ"، "استدامة الموارد الطبيعية"، "المحافظة على التنوّع البيولوجي واستدامة النُظُم الإيكولوجية"، "إدارة المخلفات".
أضافت السعيد أنه تندرج تحت كل هدف مجموعة من المُستهدفات والسياسات التمكينية اللازمة لتحقيق هذه المُستهدفات، بالإضافة إلى المؤشّرات الكمّية لمتابعة الأداء وتقييمه.
وأوضحت السعيد أن موضوع المؤتمر يتسق مع توجهات الدولة المصرية في مجالات الطاقة والبيئة بشكل كبير، فيظهر ضمن أولويات الدولة في الهدف الاستراتيجي الخامس "بنية تحتية متطورة"، وخاصةً في الهدف العام "تعزيز نظم وموارد الطاقة المستدامة"، وهو أحد الأهداف العامة الأربعة التي يتحقق الهدف الاستراتيجي من خلالها، حيث أن رؤية مصر 2030 تدرك أهمية الطاقة المتجددة التي تنبع من كونها أحد أهم المصادر التي يمكن استخدامها في خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، بما يسهم في إجراءات التصدي للتغيّرات المناخية لأنشطة قطاع الطاقة، والحدّ من الانبعاثات الملوّثة للهواء، بما يسهم في تحسّن جودة الهواء، كما تبدو أهميتها أيضًا في جذب الفرص الاستثمارية وتشجيعها على التوجه نحو الاقتصاد الأخضر بشكل عام، وإتاحة الطاقة في المناطق النائية التي تبعُد عن الشبكة القومية، وفي المجالات المتعلقة بقضايا البيئة ومصادر توليد الطاقة بشكل خاص.
وذكرت وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية أنه من خلال هدف "تعزيز نظم وموارد الطاقة المستدامة"، تستهدف رؤية مصر 2030 أن يكون قطاع الطاقة قادرًا على تلبية جميع الاحتياجات التنموية من موارد الطاقة وتعظيم الاستفادة الكفء من مصادرها المتنوعة (تقليدية ومتجدّدة)، بما يؤدي إلى المساهمة الفعَّالة في دفع عجلة الاقتصاد والحفاظ على البيئة، موضحة أن الرؤية تسعى إلى الحدِّ من الآثار السلبية لنفاد مصادر الطاقة التقليدية الناضبة بطبيعتها، وزيادة الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة مع تحقيق الريادة فيها.
تابعت السعيد أن الرؤية المحدثة تقترح سبلًا وسياسات لتعزيز نظم وموارد الطاقة المستدامة، ومن ضمنها تهيئة مناخ جاذب للاستثمار في مجال الطاقة الجديدة والمتجددة، وتحفيز مشاركة القطاع الخاص في تنفيذ مشروعات إنتاج الطاقة الكهربائية من الطاقة المتجددة بخلق سوق تنافسية للكهرباء، والتعاون مع مراكز الأبحاث لحلِّ مشكلة ارتفاع تكلفة تخزين الطاقة، ومتابعة التطورات في تكنولوجيات تخزين الطاقة الكهربائية المتصلة بأنظمة الطاقة المتجددة، ودراسة الاستفادة منها في الحفاظ على استقرار شبكة الكهرباء، ورفع قدرة الشبكة الكهربائية على استيعاب الكهرباء من المصادر المتجددة، بالإضافة إلى تشجيع استخدامات الطاقات المتجدِّدة اللامركزية صغيرة الحجم في المنشآت الصناعية والسياحية والسكنية والخدمية، ونشر تكنولوجيا تحسين كفاءة الطاقة لخفض الاستهلاك من الكهرباء والوقود في القطاعات المختلفة.
وقالت السعيد إن رؤية مصر2030 المحدثة راعت التكامل بين أبعاد التنمية المستدامة الثلاثة (الاقتصادي- الاجتماعي- البيئي) عبر الوثيقة كلها في مبادئها الحاكمة وممكناتها وكذا أهدافها الاستراتيجية والعامة، وقد كان ذلك أحد الدوافع الأساسية لعملية التحديث. لذا، فإن تحولات الطاقة لا تسهم فقط في تحقيق الأهداف الاستراتيجية الخاصة بالبنية التحتية المتطورة والنظام البيئي المتكامل المستدام. بينما تدعم تحولات الطاقة تحقيق الأهداف الاستراتيجية الأخرى وعدد من أهدافها العامة بشكل غير مباشر.
وحول الجهود الوطنية في مجال الطاقة، أشارت وزيرة التخطيط إلى أن تلك الجهود تتوافق مع ما جاء برؤية مصر 2030 في نسختها المحدثة من خلال خلق بيئة تشريعية وتنظيمية داعمة للتحول نحو الطاقة الجديدة والمتجددة وتوفير الحوافز اللازمة لتحفيز الاستثمار في هذا المجال، فضلًا عن التوسع في مشروعات إنتاج الطاقة الجديدة والمتجددة والاستفادة من الإمكانات الطبيعية الهائلة التي تتمتع بها مصر من مصادر لإنتاج هذه الطاقة.
وأوضحت وزيرة التخطيط أن الدولة المصرية بذلت العديد من الجهود في مجال توطين صناعة الهيدروجين الأخضر، وعلى رأسها إنشاء المجلس الوطني للهيدروجين الأخضر والذي يهدف إلى توحيد جهود الدولة لتحفيز الاستثمار في مجال الهيدروجين الأخضر ومشتقاته، بما يتماشى مع متطلبات التنمية المستدامة وخطط الدولة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية. هذا بالإضافة إلى موافقة مجلس النواب في يناير 2024 على مشروع قانون بشأن حوافز مشروعات إنتاج الهيدروجين الأخضر ومشتقاته، مشيرة إلى الانتهاء من إعداد "الاستراتيجية الوطنية للهيدروجين منخفض الكربون"، واعتمادها من قبل المجلس الأعلى للطاقة في فبراير 2024 حيث تستهدف الاستراتيجية جعل مصر أحد الدول الرائدة في اقتصاد الهيدروجين الأخضر على مستوى العالم، من خلال الوصول إلى نسبة تتراوح بين 5 و8% من السوق العالمية للهيدروجين، وتحقيق أمن الطاقة، بالإضافة خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بواقع 40 مليون طن سنويًا بحلول عام 2040، وذلك عن طريق الاستعانة بالخبرات والابتكارات الرائدة عالميًا في إنتاج وتصدير الهيدروجين ومشتقاته، وهو ما يخدم أيضًا الأهداف الاستراتيجية لرؤية مصر2030.
كما أشارت د. هالة السعيد في كلمتها التي ألقتها نيابة عنها مساعد الوزيرة للتنمية المستدامة إلى مؤتمر الاستثمار المصري - الأوروبي، والذي شهد توقيع اتفاقية لإنشاء مركز دولي للهيدروجين الأخضر، وذلك بين جامعة النيل ومنظمة الهيدروجين الأخضر GH2، لتسريع تمويل مشروعات الطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر وبناء القدرات في هذا المجال، بما يُسهم في جعل مصر مركزًا لإنتاج الهيدروجين الأخضر ووجهة رائدة للاستثمار الأجنبي المباشر، كما تم توقيع أربع اتفاقيات في مجال الأمونيا الخضراء بين صندوق مصر السيادي وعدد من المطورين الأوروبيين بتكلفة استثمارية تصل إلى نحو 33 مليار دولار على هامش المؤتمر، وهو ما يعكس الاهتمام المتزايد من قبل الشركات العالمية للاستثمار في هذا المجال في مصر خاصة في ظل حزم الحوافز الاستثمارية التي أطلقتها الدولة المصرية في الفترة الأخيرة.
وقالت السعيد إنه على مستوى المشروعات، فيتم بالفعل تنفيذ هذا التوجّه من خلال العديد من المشروعات في مختلف القطاعات (منها مشروعات النقل الذكي وانتاج الطاقة من الرياح والطاقة الشمسية بالاستفادة من المزايا النسبية والقدرات الواعدة لمصر في هذا المجال)، لافتة إلى أن المبادرات التنموية الكبرى تدعم توجّه الدولة نحو التحول الأخضر في كافة المجالات بما يشمل مجال الطاقة، وفي مقدمتها مبادرة حياة كريمة، مشيرة إلى مبادرة "القرية الخضراء" والتي تهدف إلى تأهيل قرى المشروع القومي لتطوير الريف المصري "حياة كريمة"، لتتوافق مع أحدث المعايير البيئية العالمية للمجلس العالمي للأبنية الخضراء، والحصول على شهادة "ترشيد" للمجتمعات الخضراء، حيث تأتي المبادرة في إطار دعم جهود الدولة للتحول إلى الاقتصاد الأخضر، وتطبيق معايير الاستدامة البيئية، كما تم اختيار قرية "فارس" بأسوان، كأول قرية خضراء على مستوى الجمهورية، وفقاً لمعايير واضحة، وتم تقديمها كنموذج مصري في مؤتمر تغير المناخ (COP27)، بالتعاون مع شركة "إي كونسلت" للاستشارات الهندسية والبيئية (استشاري المشروع)، والجمعية المصرية للأبنية الخضراء "جهة تقييم مستقلة"، وتبعتها فيما بعد قرية "نهطاي" بمحافظة الغربية، كثاني قرية خضراء في مصر. ومن المستهدف تأهيل قرية واحدة من كل مركز مُستهدف ضمن المراحل الثلاثة للمُبادرة لتكون نموذجاً يمكن تعميمه بإجمالي 175 قرية.
ولفتت السعيد إلى المبادرة الوطنية للمشروعات الخضراء الذكية الرائدة في مجال توطين التنمية المستدامة والتعامل مع البعد البيئي وآثار التغيرات المناخية، من خلال وضع خريطة على مستوى المحافظات للمشروعات الخضراء الذكية، وجذب الاستثمارات اللازمة لها، مشيرة إلى أنه يتم حاليا تنفيذ الدورة الثالثة للمبادرة تحت إشراف وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية، وبتعاون وثيق مع الوزارات والجهات المعنية