رنين متواصل على هاتفي المحمول ، أثناء التجهيز لبرنامجي "الحدث المصري" الذي كنت أُعده بقناة "العربية" للإعلامي الأديب "محمود الورواري" هممت بالرد ، بادرني صوت زميلي الصحفي "محمد سامي" مجموعة شباب هايعملوا حركة اسمها " تمرد" يجمعوا توقيعات لرفض حكم الإخوان و"مرسي", ويدعون لانتخابات جديدة .
سألته بفرحة من هؤلاء ؟ ولو جادين نساندهم فورا . أعطاني زميلي تليفون شاب اسمه "محمود بدر" مؤسس الفكرة, يعمل صحفيًا بجريدة "الصباح", التي كان يرأس تحريرها الزميل الراحل "وائل الإبراشي", ومعه فتاة اسمها "دعاء خليفة".. وشاب يدعي محمد عبد العزيز في المساء تواصلت مع محمود تليفونيًا، ودعوته لمقابلتي بالقناة.. كان شابًا في أوائل العقد الثاني.. يحمل جسدا نحيلا أنهكه إجهاد يوم يلهث فيه علي فكرته .. رأيت فيه أمل الشارع الغاضب على حكم الإخوان.
كان ذلك منتصف أبريل 2013 ورأيت حماس "محمود و محمد و دعاء" تجاه رفض حكم الإخوان مع مجموعة من الشباب، أكدوا أنهم طبعوا أوراقاً بالجهود الذاتية وسيقومون بتوزيعها عن طريق لجان ليبدي الشعب رأيه ، واتفقت مع "محمود ودعاء" على تبني دعوتهم الوطنية، وإجراء لقاء معهم وعرضت الأمر على صديقي وزميل عمري " واستاذي مطاوع بركات" برديوسر البرنامج، والمذيع اللامع "محمود الورواري" واتفقنا علي محاور اللقاء، وكيف نستنهض همة ودعم الشعب المصري لدعمهم .
اتصلت بـ"محمود بدر" وأخبرته بأنه سيكون ضيفًا في برنامجنا و أبلغني بأنهم سيتوجهون لبورسعيد لنشر دعوتهم عند صديق، على أن يبحثوا عن مندوبين في المحافظات، وقام زميلي "محمد سامي" بنشر خبر عن تشكيل حركة "تمرد" الشبابية، وأشار لاستضافتنا لهم ..
في الموعد المحدد حضر "محمود بدر ودعاء خليفة" و “محمد عبد العزيز”، وتمت الحلقة وأعلن "محمود بدر" تشكيل حركة تمرد، وأهدافها جمع توقيعات لرفض حكم الإخوان، وإجراء انتخابات جديدة، وتحديد موعد 30 يونيو للتظاهر ضد الاخوان.. فوجئنا بكم اتصالات تؤيد حركة "تمرد" وأخرى تهددنا وتتوعدنا بتكسير عظامنا، وتناقلت المواقع الإلكترونية أخبار الحلقة، والإعلان عن تشكيل "تمرد"، و اتصل بي زملاء في برامج اخرى لأعطيهم أرقام أعضاء "تمرد" للتواصل والدعم الإعلامي وتكررت اللقاءات لدعم أعضاء تمرد محمد عبد العزيز حسن شاهين و محمد النبوي وإيمان المهدي ومها أبو بكر و مي وهبة وجميعهم جمعتني بهم علاقة مساندة لنبل مجهودهم ..
تجاوب المصريون مع أعضاء تمرد الذين حصلوا على مقر بوسط البلد الذي تعرض للاعتداء والحريق لطمس وثائق توقيع أكثر من 22 مليون مصري في الأسبوع الأول من الدعوة، التي ساندتها برامج أخري وتعرضت للعتاب والتهديد من بعض أعضاء الاخوان لإثنائي عن دعم تمرد ..لكنني تسلحت بإيماني بدورهم وقناعتي بالتصدي لحكم الإخوان ..
وأتذكر لغة التهديد التي قالها لي د . محمد الظواهري زعيم جماعة الجهاد المتشددة وشقيق أيمن الظواهري زعيم تنظيم القاعدة وأكد لي عقب انتهاء فقرة استضفته فيها إنه يخشي من خروج الشعب المصري لأن جماعة الجهاد ستحول الشوارع لبركة دماء.. ودعوت الله أن يخيب آماله ..
فجر أحد الأيام اتصل بي "عاصم عبد الماجد" أحد أقطاب الجماعة الإسلامية المتشددة في المنيا, أخبرني أنهم شكلوا حركة " تجرد " لتواجه حركة "تمرد", وأعطاني أسماء شابين من الجماعة الإسلامية هما "أحمد حسني ومحمد تيسير", سيتواصلان معي لإمدادي بالمعلومات عن نشاط تجرد , وطلب أن يكون ضيفا لدينا لعرض أهدافهم. مثلما عرضنا تمرد .
في اجتماعنا اليومي عرضت الأمر علي المذيع الرائع محمود الورواري وبرديوسر البرنامج استاذي مطاوع بركات ووافقنا على استضافته, على أن نأتي له بضيف قوي يكشف زيفه, وأيضًا نتصل بـ "محمود بدر" لعمل مداخلة. وفي الموعد المحدد حضر "عاصم عبد الماجد" كعادته وسط حراسة أتباعه متكئًا على أحدهم لإصابة قدمه بعملية إرهابية سابقة, وعندما علم بالضيوف الذين معه خشى المواجهة, وأصر على أن يكون وحيدًا ووافقنا إنقاذًا للموقف ، و قمت بطلب "محمود بدر" ليجري مداخلة هاتفية على الهواء, واشتعلت الفقرة سخونة في مواجهه الإثنين, تمرد و تجرد . و من يستطيع جذب طموع و رغبة شعب ..
مع انتشار أهداف " تمرد" وتزكية جموع من المصريين لها كانت القوات المسلحة بقيادة الفريق أول "عبد الفتاح السيسي" وزير الدفاع آنذاك بأجهزتها تراقب عن قرب ما يحدث, وتتواصل معي وهناك من الأسرار ما لا يجب إعلانه الآن . وكان القرار أن نتجاهل حركة " تجرد الإخوانية " ونساند حركة "تمرد" الوطنية .
في 30 يونيو خرجت تظاهرات كثيرة في كل المحافظات تؤيد عزل "مرسي" وتم احراق المقر الرئيسي للإخوان في المقطم, وشعر الإخوان بقرب النهاية, فبات استخدام سلاح العنف وسيلة للإيقاع بين الجيش والشعب, لكن كان شعار "الجيش والشعب إيد واحدة" قضي على المؤامرة و الوقيعة.
علي جانب آخر في وزارة الثقافة اشتعلت الاحتجاجات لتعيين د. علاء عبد العزيز وزيرا للثقافة وكان علاء صديقي جدا ولم اكن اعرف عنه ميوله الإخوانية وكان يعمل أستاذا لفنون السينما في المعهد العالي للسينما . وحدث ان أقال علاء عبد العزيز وزير الثقافة الإخواني د. إيناس عبد الدايم وكانت تشغل رئيس دار الأوبرا وأيضا د. احمد مجاهد الذي كان يرأس الهيئة العامة للكتاب وتجمع المثقفون أمام مكتبه ومنعوه من دخوله احتجاجا علي القرار و قمت بالتضامن معهما ضد صديقي الوزير الإخواني و تحدثت مع أعضاء تمرد لمساندتهما وقمنا بإستضافتهما لعرض قضيتهما وتعنت الوزير ضدهما . لتعيين عناصر إخوانية بدلا منهما ..
كانت د. أيناس عبد الدايم محبطة جدًاو صارحتني أنها لا تري بصيص أمل للخلاص من الإخوان . ويشهد الله انني طمأنتها وأخبرتها بزوال حكمهم و أنها سوف تجلس علي كرسي وزارة الثقافة . وهو ما تحقق فيما بعد و ذكرتني الوزيرة العزيزة في أتصال بيننا بهذا الموقف ..
انحازت القوات المسلحة والشرطة لرأى جموع المصريين, واستقال خمسة وزراء من حكومة الإخوان لمساندة المصريين وكان ابرزهم السفير محمد كامل عمرو وزير الخارجية و كانت التظاهرات تتركز في ميدان التحرير للمطالبة بإسقاط حكم الإخوان بينما تركزت تجمعات الإخوان في ميداني رابعة و النهضة ..
وخرج الفريق أول "عبد الفتاح السيسي" وزير الدفاع آنذاك أول يوليو 2013 مؤيدا تظاهرات المحافظات وأعلن مساندة القوات المسلحة للشعب, ودعا القوى الوطنية للتدخل، وأمهل الإخوان 48 ساعة للاستجابة لرأي الشعب, وانضمت الشرطة للجيش في مواجهة الإخوان .
في 2 يوليوأصدرت محكمة النقض حكمًا ببطلان تعيين النائب العام المستشار الإخواني طلعت عبد الله الذي شغل المنصب بعد ان قام محمد مرسي بعزل المستشار عبد المجيد محمود ووقعت اشتباكات عند جامعة القاهرة صباح اليوم التالي أودت بحياة 22 شخصًا . وكنا نساند موقف القضاة ضد تعيين النائب العام الإخواني الذي تم إجباره علي كتابة استقالته أعطاني صورة منها المستشار رواد حما أحد الذين تصدوا للإخوان، ولازلت احتفظ بها للآن
ويأتي يوم الحسم في 3 يوليو حين أعلن المتحدث العسكري آنذاك العقيد "أحمد على" أن القوات المسلحة تجتمع بالقيادات الوطنية , وكانت الكنيسة والأزهر وشباب "تمرد" محمود بدر و محمد عبد العزيز ضمن المجتمعين ليعلن الفريق أول "عبد الفتاح السيسي" الساعة التاسعة مساءً 3 يوليو اتفاق القوى الوطنية على إنهاء حكم الإخوان لرفضهم مطالب الشعب.
كان قبلها بالطبع و ليس سرًا تم التنسيق مع رجال الجيش والشرطة على محاصرة وضبط قيادات الإخوان في أماكنهم، وهو ما سهّل نجاح الثورة، وخرجت جموع المصريين بالميادين فرحة بزوال الغمة تعطي تفويضًا للقوات المسلحة بحماية المكتسبات وانقاذ مصر من الإخوان، وكانت من أجمل الليالي التي قضيتها بالشارع أرصد فرحة قلوب المصريين ..
ويتم تسليم السلطة للمستشار "عدلي منصور" رئيس المحكمة الدستورية العليا، الذي قام بإصدار قرارا جمهوريا بترقية وزير الدفاع آنذاك الفريق أول عبد الفتاح السيسي لرتبة المشير، وتوالت الأحداث عقب ذلك ، ويتم القضاء علي حكم الإخوان و إجراء انتخابات رئاسية ويفوز بها الرئيس "عبد الفتاح السيسي" ويتم تسليم السلطة له ليقود مصر في أصعب مراحلها، وتجتاز محنا كثيرة لتعود مصر في عهده إلى ريادتها وقيادتها للقارة الأفريقية.