في خطوة أثارت جدلاً حادًا وانعكاسًا ثقافيًا في جميع أنحاء تركيا، اقترح الرئيس رجب طيب أردوغان خطة شاملة للقضاء على الكلاب الضالة في الشوارع التي يقدر عددها بأربعة ملايين في البلاد.
ووفقا لصحيفة الجارديان البريطانية، أثارت هذه المبادرة، التي تم تأطيرها كرد فعل على ارتفاع أعداد الكلاب والهجمات وحالات داء الكلب، المشاعر وانقسام الرأي العام المتجذر بعمق في النسيج التاريخي والثقافي لتركيا.
السياق التاريخي والأهمية الثقافية
وأوضحت الصحيفة أنه على مدى قرون، لم تتجول كلاب الشوارع في إسطنبول بحرية فحسب، بل كانت أيضًا جزءًا لا يتجزأ من النسيج الاجتماعي للمدينة، وتجسد الكلاب مثل شيكو وهيركول، المعروفة لدى السكان المحليين ويعتزون بوجودها، جانبًا فريدًا من الثقافة التركية حيث يتم قبول هذه الحيوانات ورعايتها من قبل المجتمع.
تتناقض هذه العلاقة، المتجذرة في تقاليد العصر العثماني فيما يتعلق بالرعاية العامة والمسؤولية المجتمعية، بشكل حاد مع اقتراح أردوغان بالقتل الرحيم للحيوانات الضالة غير المعتمدة في غضون 30 يوما.
رد الفعل السياسي والاجتماعي
ويمثل موقف أردوغان خروجاً صارخاً عن الحماية القانونية الممنوحة لحيوانات الشوارع بموجب قانون صدر عام 2004، واعترف بحقها في العيش في المساحات الحضرية.
ويسلط هذا التحول الضوء على التوترات الأيديولوجية الأوسع نطاقا داخل تركيا، مما يؤلب أنصار الحداثة وحقوق الحيوان ضد الفصائل المحافظة التي تدعو إلى بيئة حضرية أكثر نظافة، ويعكس الاقتراح صراعاً حول تفسيرات التنمية والحضارة، وهو ما يعكس مناقشات تاريخية تعود إلى فترة انحدار الإمبراطورية العثمانية.
الاهتمامات الإنسانية ورعاية الحيوان
ويقول المنتقدون إن خطة أردوغان تخاطر بتكرار التاريخ المأساوي لإعدام الكلاب في الماضي، مثل عمليات القتل الجماعي سيئة السمعة خلال الإصلاحات العثمانية في أوائل القرن العشرين.
وأثارت التقارير عن الأساليب اللاإنسانية التي تستخدمها السلطات البلدية، بما في ذلك دفن الكلاب حية أو ضربها حتى الموت، إدانة دولية ودعوات إلى اتخاذ تدابير أكثر إنسانية للسيطرة على السكان، مثل حملات الخصي واسعة النطاق ومبادرات ملكية الحيوانات الأليفة المسؤولة.
الرمزية الثقافية والهوية الحضرية
وبعيداً عن المخاوف العملية، فإن المناقشة حول كلاب الشوارع ترمز إلى أسئلة أعمق حول الهوية الحضرية وتماسك المجتمع. وينظر إليها أنصار الكلاب كقوة موحدة تعمل على سد الانقسامات الاجتماعية وتعزيز الشعور بالمسؤولية الجماعية.
ويتناقض هذا المنظور بشكل صارخ مع الجهود المبذولة للقضاء عليها، التي يقول النقاد إنها تتجاهل القيمة الثقافية والبيئية للتعايش مع سكان المدن غير البشر.
وأشارت الجارديان إلى أنه بينما تبحر تركيا في هذه القضية المثيرة للجدل، يظل اقتراح أردوغان بإعدام كلاب الشوارع بمثابة نقطة اشتعال في الحروب الثقافية المستمرة، مما يثير أسئلة جوهرية حول التقدم والتقاليد والمعاملة الأخلاقية للحيوانات في المناطق الحضرية.
ويبقى أن نرى ما إذا كانت هذه الخطة ستستمر وسط معارضة متزايدة أو ستؤدي إلى إعادة تقييم الاستراتيجيات الإنسانية لإدارة المجموعات الضالة.