في السنوات الأخيرة، كانت شركات صناعة السيارات تتنافس على الإعلان عن خطط طموحة لتحويل تشكيلاتها بالكامل إلى سيارات كهربائية.
وضعت بعض الشركات مواعيد نهائية لإنهاء إنتاج السيارات التي تعمل بالوقود التقليدي، بينما استثمرت أخرى بشكل كبير في تطوير البنية التحتية لشحن المركبات الكهربائية.
ومع ذلك، يبدو أن هناك تغييرًا في الاتجاه، حيث أظهرت دراسة حديثة أن نسبة كبيرة من مالكي السيارات الكهربائية في الولايات المتحدة يفكرون في العودة إلى استخدام السيارات التي تعمل بالغاز. فما الذي يجري؟
دراسة McKinsey & Co: نتائج مثيرة للقلق
تكشف دراسة "2024 Mobility Consumer Pulse" التي أجرتها شركة McKinsey & Co. عن أن 46% من مالكي السيارات الكهربائية في الولايات المتحدة يفكرون في العودة إلى استخدام سيارات البنزين.
هذا الرقم يتجاوز بكثير المتوسط العالمي البالغ 29%، تكمن الأسباب الرئيسية وراء هذا التوجه في القضايا المتعلقة بالبنية التحتية للشحن وتكاليف الملكية العالية وتأثير السيارات الكهربائية على أنماط القيادة.
البنية التحتية للشحن: المشكلة الأكبر
أحد أبرز أسباب الإحباط بين مالكي السيارات الكهربائية هو عدم كفاية البنية التحتية للشحن.
أشار 35% من المشاركين عالميًا إلى أن الشبكة العامة للشحن غير كافية بعد. في الولايات المتحدة، على الرغم من وجود 183,000 شاحن عام اعتبارًا من مايو 2024، إلا أن هذا العدد لا يكفي لتلبية الطلب المتزايد.
خصص قانون البنية التحتية الحزبي لعام 2021 خمسة مليارات دولار لبناء شواحن سريعة، ولكن التنفيذ بطيء بسبب التعقيدات التنظيمية والتحديات اللوجستية.
تكاليف الملكية وتأثيرها على الرحلات الطويلة
أعرب 34% من المشاركين في الدراسة عن قلقهم بشأن تكاليف ملكية السيارات الكهربائية، التي لا تزال مرتفعة بالنسبة للكثيرين.
بالإضافة إلى ذلك، قال 32% إن استخدام السيارات الكهربائية أثر على أنماط قيادتهم، خاصة في الرحلات الطويلة حيث تظل البنية التحتية للشحن غير موثوقة أو كافية.
التحديات في السوق الأمريكية مقارنة بالعالم
في حين أن الولايات المتحدة تسجل نسبة عالية من مالكي السيارات الكهربائية الذين يفكرون في العودة إلى البنزين، فإن هذا التوجه ليس فريدًا لها.
في أستراليا، المعروفة بمساحتها الشاسعة، يفكر 49% من مالكي السيارات الكهربائية في العودة إلى استخدام البنزين.
على العكس من ذلك، يبدو أن مالكي السيارات الكهربائية في اليابان وإيطاليا وفرنسا وألمانيا أقل رغبة في العودة إلى السيارات التي تعمل بالوقود التقليدي.
التنقل ومتعة القيادة
أحد الأسباب الإضافية التي تثير قلق مالكي السيارات الكهربائية هو عدم القدرة على الشحن في المنزل (24%)، والقلق بشأن الشحن (21%)، ومتطلبات التنقل الخاصة بالشحن (16%).
اللافت للنظر، أن 13% فقط قالوا إنهم لم يستمتعوا بتجربة القيادة الكهربائية. وتكشف الدراسة أيضًا عن أن نسبة من المشاركين يستمتعون بقيادة السيارات التي تعمل بالاحتراق الداخلي، مما يعكس الرغبة المستمرة في تجربة القيادة التقليدية.
تأثير التفاوتات العالمية على شركات السيارات
تشير الدراسة إلى تحدي كبير يواجه شركات صناعة السيارات العالمية، حيث تختلف معدلات النمو والطلب على السيارات الكهربائية بشكل كبير بين الأسواق المختلفة.
بينما تتسارع بعض الأسواق نحو التحول الكهربائي، تجد شركات صناعة السيارات صعوبة في تلبية الاحتياجات المتباينة عالميًا.
هذا التفاوت في التوجهات العالمية يضع الشركات في موقف معقد، حيث يجب عليها التوازن بين الابتكار الكهربائي والاحتياجات التقليدية للمستهلكين.
مستقبل السيارات الكهربائية: التحديات والفرص
مع استمرار نمو البنية التحتية للشحن في الولايات المتحدة وتحسن تكنولوجيا السيارات الكهربائية، قد تتضاءل بعض التحديات التي يواجهها مالكو السيارات الكهربائية حاليًا.
ومع ذلك، يجب أن تركز الشركات المصنعة على تحسين تجربة المستخدم وخفض تكاليف الملكية لضمان تحول سلس ومستدام إلى مستقبل كهربائي.
في نهاية المطاف، يُظهر الاتجاه المتزايد نحو العودة إلى السيارات التقليدية أن هناك حاجة إلى مزيد من الجهد لتوفير بنية تحتية للشحن متينة، وتقليل تكاليف السيارات الكهربائية، وتحسين تجربة القيادة لتشجيع المستهلكين على تبني التكنولوجيا الكهربائية بالكامل.