11عاما تمر علي ثورة المصريين، ويبقي المشهد الجماهيري هو الملهم، وتظل 30يونيو صنيعة الشعب وذكري غالية لاستعادة الوطن والروح والاستقرار، والانتصار للهوية الوطنية والدولة المدنية.
ففي خلال العام الذي تولت فيه الجماعة الإرهابية حكم مصر بالالتفاف والخديعة، أدرك المصريون خطورة المرحلة، فمصر صاحبة الحضارة المتأصلة بجذورها الممتدة عبر الاف السنين صانعة التاريخ تنسحب خارج نطاق التاريخ والجغرافيا ،مما ولد شعور لدي عموم الشعب بالاغتراب الحضاري والثقافي في وطنهم ،نتيجة ممارسات إخوانية بمفردات غربية علي مكونهم الحضاري ومورثهم الإنساني.
وحتي لا ننسى السنة حالكة السواد والتي بدأت مقدماتها في 2011 باقتحام السجون وحرق مقرات أقسام الشرطة، مرورا بوصول الجماعة الإرهابية لسدة الحكم بالاحتيال، ثم قرارات الإفراج عن العناصر التكفيرية التي قتلت وخربت ودمرت في ثمانينيات وتسعينات القرن الماضي ،وظهورهم المستفز للمصريين في الاحتفال بنصر أكتوبر بجانب محمد مرسي، والمشهد يتبلور شيئا فشيأ.
حتي لا ننسي أحداث قصر الاتحادية الدامية التي قام بها الجناح المسلح لجماعة الإخوان وأنصارهم، وراح ضحيتها العشرات من المحتجبين علي قرار جماعة الدم بالإعلان الدستوري الجائر لمرسي ، الذي كان يهدف إلي القضاء علي المؤسسات الوطنية وأخونة الدولة وظهر الوجه الأقبح للإخوان .
وحتي لا ننسي المشهد الأبرز المفزع برفع جماعات ملثمة رايات داعشية سوداء في ميادين القاهرة في وضح النهار، وتحت زعم الحفاظ علي الشرعية جاء التحريض علي عموم الشعب من مرسي وجماعته، واشتدت حالات الاستقطاب السياسي والضبابية تسود المشهد المصري يوما بعد يوم.
ولا حل يلوح في الأفق السياسي فمصر التي عرفت مفهوم الدولة بتنظيمها المؤسسي منذ فجر التاريخ تحكمها جماعة إرهابية، قفزت على هويتها الثقافية والتاريخية بالغة الثراء والتنوع، مستهدفة إسقاط مؤسساتها ونشر الفوضي وإثارة الفتن وتفكيك مفاصل الدولة ، وساد شعور جمعي شعبي بالخوف علي الوطن ومقدراته، وكان لابد من الخروج من النفق المظلم وكان الخروج الكبير.
وأمام مكونات المشهد المصري الفريد فى الشوارع والميادين تحت راية الوطن ووحدة المصير،
لم تستطع قوي الشر في الداخل والخارج أن تلتف حول الإرادة الشعبية.
الثورة المصرية كانت بمثابة المخلص من سيناريو محفوف بالمخاطر، وكانت نقطة مضيئة وسط الظلام الدامس المسمي بالربيع العربي في نسخته العربية ،ومشروع الشرق الأوسط الكبير في نسخته الاستعمارية والطوفان كاسح .
وجاء30يونيو تحت شعار أرحل ويسقط حكم المرشد، وملايين المتظاهرين علي قلب رجل واحد دون تنسيق أو ترتيب تحت حرارة الشمس الحارقة، وموجة هائلة من مختلف الأعمار وطبقات الشعب الغاضبة التي أعدت العدة لاسترداد ما سرق منها ، فكسروا كل القيود وخالفوا التوقعات متخطين كافة الحدود.
ولم يكن يتوقع أحد أن تقوم للمصريين قائمة بعد إنهاك دام سنتين، عقب ثورة يناير وما فعلته جماعة الخراب ، من ممارسات إرهابية بكافة اشكاله السياسية والأيدلوجية والدموية و تضيق وإقصاء لكافة مكونات المشهد السياسي.
وكان للمشهد الثوري وجه أخر محفوف بالمخاطر أهمها التخوف من حدوث أعمال عنف، وهو ماحدث باتباع سياسة الأرض المحروقة، وجاء أغتيال النائب العام هشام بركات ومحاولة أغتيال وزير الداخلية محمد ابراهيم.
وحتي لا ننسي مشاهد الأغتيالات التي استهدفت رجال الجيش و الشرطة والقضاء ومحاولات اشاعة الفوضي بحرق الكنائس واستهداف أقباط مصر.ولم ينجحوا فتصدت الدولة بمؤسساتها الوطنية و قدمت المؤسسة الوطنية العريقة كالعادة انبل معاني التضحية للحفاظ علي الهوية المصرية والانحياز للشعب، وتصدت القوات المسلحة بكل شجاعة وجسارة لهذه المؤامرة التي كانت تستهدف الوطن الأم.
التحية للشعب المصري العظيم صاحب الجينات الحضارية التي لا تخبو، كل العرفان للقوات المسلحة العظيمة ورجال الشرطة، والشكر للمؤسسات الدينية الأزهر الشريف والكنسية المصرية، والسلام لأرواح الشهداء الذين سقطوا فداء للوطن ومصرنا الحبية.