يقترب أول الأشهر الحرم لعام 1446 هجريًا، حيث من المقرر فلكيًا أن يوافق أول محرم 1446 الأحد 7 يوليو المقبل فلكيًا، ومن خلال السطور التالية نستعرض أفضل الأعمال في شهر محرم كأول الأشهر الحرم في السنة الهجرية الجديدة.
ما أفضل الأعمال في الأشهر الحرم؟
جاء ذكر الأشهر الحرم في قول الله تعالى في سورة التوبة: {إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السموات والأرض منها أربعة حرم، ذلك الدين القيم فلا تظلموا فيهن أنفسكم}. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع مبينا هذه الأشهر، مؤكدًا على حرمتها، ووجوب احترامها: (إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض، السنةُ اثنا عشر شهرا، منها أربعة حرم، ثلاث متواليات: ذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم، ورجبُ مُضَر، الذي بين جمادى وشعبان). رواه البخاري ومسلم.
وجاء في تفسير الإمام ابن كثير لقوله تعالى: {فلا تظلموا فيهن أنفسكم}: "فلا تظلموا فيهن أنفسكم، أي في هذه الأشهر المحرمة، لأنها آكَدُ وأبْلَغُ في الإثم من غيرها، كما أن المعاصي في البلد الحرام تضاعف لقوله تعالى: {ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم}، وكذلك الشهر الحرام تغلظ فيه الآثام" (تفسير بن كثير 4/130). وقيل إن الضمير في {فيهن} راجع إلى جميع أشهر السنة، والأول أرجح.
وقد اختُلف في سبب التسمية بالأشهر الحرم، قال ابن رجب رحمه الله في لطائف المعارف: "واختلفوا لمَ سُميت هذه الأشهر الأربعة حُرُما. "فقيل: لعظم حرمتها وحرمة الذنب فيها. "قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما: اختص الله أربعة أشهر جعلهن حرما، وعظم حرماتهن، وجعل الذنب فيهن أعظم، وجعل العمل الصالح والأجر أعظم.
"وقيل: إن سبب تحريم هذه الأشهر الأربعة بين العرب لأجل التمكن من الحج والعمرة، فحرم شهر ذي الحجة لوقوع الحج فيه، وحرم معه شهر ذي القعدة للسير، فيه إلى الحج، وشهر المحرم للرجوع فيه من الحج، حتى يأمن الحاج على نفسه من حين يخرج من بيته إلى أن يرجع إليه. "وحرم شهر رجب للاعتمار فيه في وسط السنة، فيعتمر فيه من كان قريبا من مكة". (لطائف المعارف ص115).
أفضل الأعمال في الأشهر الحرم
وجاء في أفضل الأعمال في الأشهر الحرم ما يلي:
1- أداء الفرائض والسنن: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنَّ الله تعالى قال: مَن عادى لي وليًّا فقد آذنتُه بالحرب، وما تقرَّب إليَّ عبدي بشيء أحبَّ إليَّ مِمَّا افترضته، ولا يزال عبدي يتقرَّب إليَّ بالنوافل حتى أحبَّه، فإذا أحبَبْتُه كنتُ سمعَه الذي يَسمع به، وبصرَه الذي يُبصر به، ويدَه التي يَبطشُ بها، ورِجلَه التي يَمشي بها، ولئن سألني لأعطينَّه، ولئن استعاذني لأعيذنَّه). رواه البخاري
2- اجتناب المعاصي والسيئات: إن ترك المعاصي هو الشق الثاني من حقيقة التقوى التي أمر الله بها عباده، فالتقوى هي فعل الأوامر، واجتناب النواهي، امتثالا لأمر الله، واجتنابا لنهيه، رغبة في ثوابه، ورهبة من عقابه.
والمحرمات منها كبائر هي أخطرها، وصغائر هي أكثرها.
وقد تهاون كثير من الناس في كثير من الكبائر، حتى صارت أصغر في أعينهم من الصغائر، ولا حول ولا قوة إلا بالله، حتى صارت أصغر في حسهم من الذر، وأدق من الشعر!!
وقد صح عن بعض الصحابة رضوان الله عليهم أنهم كانوا يقولون: (إنَّكم لتعملونَ أعمالاً هي أَدَقُّ في أَعْيُنِكُمْ مِنَ الشِّعَرِ؛ كُنَّا نَعُدُّها على عَهْدِ رسولِ اللِه -صلى الله عليه وسلم- من المُوبقات!).
وقال النبي صلى الله عليه وسلم في التحذير من محقَّرات الذنوب وهي صغائرها: (إياكم ومحقَّرات الذنوب، فإنما مثل محقَّرات الذنوب كمثل قوم نزلوا بطنَ وادٍ، فجاء ذا بعُود وذا بعود، حتى أنضجوا خبزَهم، وإن محقَّرات الذنوب متى يؤخذْ بها صاحبها تهلِكْه) أخرجه أحمد في المسند وصححه الشيخ شعيب الأرناؤوط.
3- التوبة إلى الله تعالى: والتوبة فريضة على كل أحد وفي كل وقت، يقول تعالى: (وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون). وتتأكد التوبة عند استقبال مواسم الطاعات، وأوقات القربات، فبالتوبة تكون التخلية من الذنوب، قبل التحلية للقلوب.
4- أداء الحج والعمرة: أفضل الأعمال المختصة بالأشهر الحرم هو ما جعلها الله تعالى وقتا خاصا له وهو الحج. والحج هو ركن الإسلام الخامس، وقد فرضه الله تعلى في كتابه، وعلى لسان رسول صلى الله عليه وسلم. وقال صلى الله عليه وسلم في فضله، وفضل العمرة، ومتابعتِهما: (العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة) رواه البخاري.
5- الصيام: الصيام من أفضل الأعمال، وفي الحديث القدسي: (كلُّ عَملِ ابنِ آدم له، إلا الصوم، فإنه لي وأنا أجزي به) متفق عليه. وقد وردت في فضل الصيام في الأشهر الحرم أحاديث منها الصحيح ومنها دون ذلك.
ومن ذلك ما ورد في فضل صيام شهر المحرم، فقد روى الإمام مسلم من حديث أبي هريرة رضي اللَّه عنه أن رسول اللَّه -صلى الله عليه وسلم- قال: (أفضل الصيام بعد رمضان شهر اللَّه المحرم، وأفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل).