حالة كبيرة من الغضب اجتاحت وسائل التواصل الاجتماعي اليوم عقب تداول مقطع فيديو يظهر كلبًا عسكريًا إسرائيليًا يهاجم امرأة فلسطينية مسنة في منزلها خلال عملية للجيش في مخيم جباليا.
استخدام الكلاب في التعذيب
وظهر في الكاميرا المثبتة على الكلب، في الفيديو المسرب، المسنة وهي تصرخ، وتعرضت المرأة، التي رفضت مغادرة منزلها، للعض والجر من قبل الكلب، مما أدى إلى إصابتها بجروح خطيرة، في ظل عدم توفر مستشفيات وانعدام كامل في وصول الامدادت الطبية للقطاع ، وتظهر السيدة بجرح في يدها ولكن دون علاج.
وحول عدم تمكن السيدة المسنة من تلقي العلاج؛
فمن الجدير بالذكر أن "القطاع الصحي في غزة يعاني بشدة حيث يوجد نقص حاد في الأدوية والمستلزمات الطبية بسبب العمليات الإسرائيلية المستمر وسيطرة إسرائيل وإغلاقها جميع المعابر واستهدافها القطاع الصحي في غزة، كما أن هناك نقصا لا سيما في الأدوية اللازمة لعلاج حالات الطوارئ والتخدير والعناية المركزة والعمليات، في حين لا يتسنى لمرضى السرطان السفر للمستشفيات" وفقاً لما ذكرته وزارة الصحة في غزة .
وحول أسلوب استخدام الكلاب البوليسية في تعذيب وترهيب الفلسطينيين فيذكر أنها ليست أول مرة؛
حسب مقال نشر عام 2015 في "haaretz" لأيمانويل جروس فقال إنه من المعروف أن الجيش الإسرائيلي يستخدم الكلاب لأغراض مختلفة، بعضها مناسب ومبرر ، مثل البحث عن ناجين من انهيار صخري أو شم المتفجرات أو البضائع المهربة، و يتم تدريب الكلاب أيضًا على حراسة القواعد العسكرية، وهي بكل هذه الطرق بمثابة نعمة للجيش.
وأضاف الكاتب : يجوز للجيش، بل وهو مطلوب، أن يمنع أعمال الإرهاب، ومن الصحيح أن يعتقل مرتكبي الأعمال الإرهابية – ولكن ليست كل الوسائل مسموحة، لدى جيش الدفاع الإسرائيلي إجراءات يجب اتباعها عند اعتقال المشتبه به، و يتم تدريب الجنود على استخدام الأسلحة النارية لإلقاء القبض على المشتبه به، وإذا فعلوا ذلك بشكل صحيح فليس هناك سبب يمنعهم من القبض على المشتبه به. وعلى النقيض من ذلك، فإن قتل الكلاب للبشر هو وسيلة اعتقال قاسية وغير مناسبة، ولا يوجد أي مبرر قانوني أو إنساني لوضع الكلاب على البشر، و إن مثل هذا السلوك ينتمي إلى أنظمة الماضي المظلمة.
وتابع : إن المجتمع الذي لا يحترم كرامة الإنسان، والذي يرغب في استخدام الحيوانات ضد الإنسان، هو مجتمع غير صالح يفقد بوصلته وضميره، ومن الأفضل للجيش والشرطة أن يقوما بمراجعة بروتوكولاتهما المتعلقة باستخدام الحيوانات لتنفيذ الاعتقالات وتفريق الحشود، ودون تأخير.
ووفقاً لــ"euromedmonitor" فقد نشر في عام 2012 إدانة من قبل المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان (الأورومتوسطي) حول استخدام الجيش الإسرائيلي للكلاب البوليسية ضد المتظاهرين السلميين في الأراضي الفلسطينية.
ووثق الأورومتوسطي واقعة قيام جندي إسرائيلي بإعطاء إشارة للكلب المرافق له بالاعتداء على الشاب الفلسطيني، واعتدى الكلب بشكل وحشي على أحمد اشتيوي (24 عاما)، مما أدى إلى نزيف في فخذه ويديه.
وذكر والد ضحية أن ابنه تعرض لاعتداء متعمد وقع أمام أنظار جنود الاحتلال الذين لم ينقذوه من الاعتداء رغم مناشداته المستمرة، وأضاف الأب أنه عندما حاول عم أحمد السيد مراد اشتيوي إنقاذ ابن أخيه قام جنود الاحتلال برش الغاز المسيل للدموع على وجهه، مما يدل على تعمد هذا الاعتداء.
فضلاً عن وجود حالة أخرى هاجمت فيها الكلاب البوليسية الإسرائيلية مسناً فلسطينياً هو السيد سالم بني عودة (105 أعوام) عندما اقتحمت قوات الاحتلال الإسرائيلي بلدته طمون قرب نابلس منتصف عام 2010.
إضافة إلى ذلك، فإن الاعتداء الوحشي للكلاب البوليسية الإسرائيلية أحدث آثارا نفسية على الضحايا، كما في حالة الطفلين محمد نجم (14 عاما) ومحمد قاسم (16 عاما)، مما استدعى علاجهما نفسيا.
"أجبروني على المشي وانا أنزف "..
ووفقاً لهيئة شئون الاسرى والمحررين " فقد نشر في 2019 أن اسرائيل تستخدم كافة وسائل التعذيب ضد الفلسطينيين، بما في ذلك الكلاب لمهاجمتهم أو إيذائهم،، ولا تستثني الأطفال الفلسطينيين، في انتهاك لكافة الاتفاقيات الدولية بما فيها اتفاقية مناهضة التعذيب، واتفاقية حقوق الطفل.
ففي 2019 روى أحد الفلسطينيين "حاصرت قوات الاحتلال منزلي في مخيم قلنديا، برفقة كلاب بوليسية ضخمة ومرعبة . عندما دخلوا المنزل وتأكدوا من أنني أنا الذي يبحثون عنه، سمحوا لكلبين بمهاجمتي وعضّي... لم تتمكن عائلتي من التدخل، حيث كان الجنود يحتجزون أفراد عائلتي في زاوية أخرى من المنزل ويهددونهم بالسلاح.. وظلت الكلاب تعضني لمدة 15 دقيقة، مما أدى إلى إصابتها بجروح وكدمات عديدة في جميع أنحاء جسدي... بعد ذلك قام الجنود بتكبيل يدي وعصب عيني وأجبروني على المشي وأنا أنزف".
الكلاب البوليسية تحيط بالمعتقلين؛
وفي الايام القليلة الماضية وصف صحفي فلسطيني معتقل من غزة حالات متعددة من التعذيب وسوء المعاملة والاغتصاب تعرض لها هو ومعتقلون آخرون في معسكر الاعتقال الإسرائيلي سدي تيمان في صحراء النقب.
وقد روى محمد صابر عرب، 42 عاماً، تفاصيل تجاربه المروعة لمحاميه خالد محاجنة، خلال زيارة قام بها مؤخراً إلى مركز الاحتجاز، وبحسب ما ورد فإن محاجنة هو أول محامٍ فلسطيني يُسمح له بالدخول إلى مركز الاستجواب منذ 7 أكتوبر.
وقال إن الكلاب البوليسية تحيط بالمعتقلين بشكل مستمر، ولا يُسمح إلا لأربعة معتقلين بالدخول إلى الحمام لمدة دقيقة واحدة في كل مرة، مع فرض عقوبات على من يتجاوز هذا الحد.
وأضاف أن المعتقلين ينامون على الأرض ويستخدمون أحذيتهم كوسائد، كما يسمح لهم بالاستحمام مرة واحدة في الأسبوع لمدة دقيقة واحدة فقط، ولا يسمح لهم بالنوم أثناء النهار.
وقال عرب أيضًا إنه بعد 50 يومًا من اعتقاله، سُمح له أخيرًا بالحلاقة، وكانت الوجبات تتكون من أجزاء صغيرة من اللبنة، أو الزبادي المصفى، وقطع من الخيار أو الطماطم.
إهانة لكرامة الإنسان
استخدام الكلاب البوليسية ضد الأفراد محظور، ويعتبر شكلاً من أشكال "التعذيب" كما نص عليه الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ، واتفاقية مناهضة التعذيب عام 1984 ، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. الحقوق . كما يعتبر "إهانة لكرامة الإنسان" لأنه يسبب الخوف والترهيب، خاصة للأطفال وكبار السن.
وتشن قوات الاحتلال الإسرائيلي منذ 7 أكتوبر 2023، حربا مدمرة على قطاع غزة خلفت عشرات الآلاف من الضحايا المدنيين معظمهم أطفال ونساء، وكارثة إنسانية ودمارا هائلا بالبنية التحتية، مما أدى إلى مثول تل أبيب أمام محكمة العدل الدولية بتهمة الإبادة الجماعية.
وبالإضافة إلى الخسائر البشرية، تسببت الحرب بكارثة إنسانية غير مسبوقة وبدمار هائل في البنى التحتية والممتلكات، ونزوح نحو مليوني فلسطيني من أصل نحو 2.3 مليون في غزة، بحسب بيانات فلسطينية وأممية.
وتواصل إسرائيل الحرب رغم صدور التدابير المؤقتة من محكمة العدل الدولية، وكذلك رغم إصدار مجلس الأمن الدولي لاحقا قرار بوقف إطلاق النار فورا.
وقتلت إسرائيل أكثر من 37 الف فلسطيني في غزة، معظمهم من النساء والأطفال، وأصابت أكثر من 85 الف آخرين.
وبعد أكثر من ثمانية أشهر من الحرب الإسرائيلية، تحولت مساحات شاسعة من غزة إلى أنقاض وسط حصار خانق على الغذاء والمياه النظيفة والدواء.