تواجه صناعة الغزل والنسيج في مصر مجموعة من التحديات والمعوقات والتي يمكن من خلال إيجاد حلول لها أن تصبح مصر في مصاف دول العالم في هذه الصناعة المهمة، ومن بين تلك المشكلات: تدريب العمالة، والبيروقراطية، والضرائب، والقروض البنكية، إضافة لبعض الأمور الأخرى المتعلقة بالمكان.
وأكد طارق النبراوي، نقيب المهندسين، أن نقابة المهندسين ستواصل دورها الوطني في مساندة الصناعة المصرية، مشيرا إلى أن "النقابة جزء من الدولة المصرية العظيمة، ودورنا تقديم وجهات نظر مهندسي مصر في تنمية الصناعة وتطوير جميع المجالات التي تتلامس مع مهنة الهندسة".
وقال "النبراوي": "النقابة بما تضمه من قامات علمية عظيمة وعقول مبدعة، وإيمانًا بدورها الوطني كاستشاري أول للدولة في مجالها، لديها القدرة على مناقشة كل القضايا بحرية كاملة ووضوح تام وشفافية مطلقة، والوصول إلى توصيات تخدم الوطن والمجتمع، والمهنة، وتقديم تلك التوصيات للمسئولين للاستفادة منها".
معوقات صناعة الغزل والنسيج
وأضاف نقيب المهندسين أن السنوات الأخيرة شهدت بعض الأمور الإيجابية في مجال صناعة الغزل والنسيج، ولكن هناك أمورا أخرى يجب التعامل معها بشكل سريع وحاسم، وفي مقدمتها تدريب العمالة.
وتابع: "هناك تجارب ناجحة للتدريب داخل التجمعات الصناعية الكبرى، وهذا أمر جيد يجب التوسع فيه، كما يجب حل جميع المشاكل البيروقراطية التي تحول دون انطلاق التعليم الفني، فقد حان الوقت لينال التعليم الفني الاهتمام الذي يستحقه، وأن تقدم له الدولة حوافز ودعمًا كبيرًا".
وأوضح أن المشاكل الضريبية قضية حساسة، ويلزم مناقشتها في أسرع وقت ممكن بما يحقق صالح الصناعة والدولة معًا؛ لأن تكبيل الصناعة بالضرائب، أشبه بمن يذبح الدجاجة التي تبيض ذهبًا، كما يجب إعادة النظر في القروض البنكية للقطاع الصناعي، والتي تصل فوائدها إلى 30%، وهي نسبة تفوق قدرة جميع المشروعات الصناعية، ولا بد من تخفيض تلك النسبة بما يمكِّن الصناعة الوطنية من التوسع والنمو، كما يجب صرف حافز التصدير للشركات التي تستحقها بأسرع وقت ممكن لتكون قادرة على المنافسة ومواصلة التصدير.
وشدد نقيب المهندسين، على أن الحماية المدنية والبيئة يمثلان عائقًا كبيرًا أمام تأسيس المصانع في مصر، وهو ما يجب التصدي له، مشيرا إلى أن النقابة تدرك تمامًا أهمية التدريب، ولهذا تسعى بكل جهد لإتاحة التدريب لأكبر عدد من شباب المهندسين.
وذكر "النبراوي" أن سوق العمل الهندسي يعاني خللًا واضحًا، أبرز ملامحه وجود بطالة بين المهندسين وتدني الأجور، ولهذا تسعى النقابة إلى تقليل أعداد الخريجين من كليات الهندسة، لتقضي على البطالة بين المهندسين ولتحسين رواتبهم.
من جانبه، أوضح الدكتور حماد عبد الله حماد، رئيس شعبة هندسة الغزل والنسيج بنقابة المهندسين، أن الشعبة عقدت سلسلة ندوات بدأتها منذ عام 2016، وشارك فيها كل المهتمين بهذه الصناعة، وهي الندوات التي ناقشت بشكل موسع جميع المشاكل والتحديات التي تواجه صناعة الغزل والنسيج في مصر، وانتهت إلى وضع 12 مقترحًا؛ لمواجهة كل التحديات التي تحول دون انطلاق هذه الصناعة.
وقال "حماد": "قدمنا هذه الحلول لرئيس وزراء مصر - آنذاك- الدكتور إبراهيم محلب، وعقدنا جلسة موسَّعة مع خمسة وزراء - وقتها - وهم: وزير الزراعة، وزير الصناعة، ووزير الاستثمار، ووزير قطاع الأعمال، ووزير البترول، وبالفعل تم تنفيذ بعض الحلول التي طرحناها، وسنواصل مناقشة ذات القضية، وما سننتهي إليه من توصيات، سنقدمها أيضًا للدكتور مصطفى مدبولي- رئيس الحكومة، وسنواصل اهتمامنا بتلك القضية حتى تصل صناعة الغزل والنسيج إلى المكانة التي تستحقها".
وأضاف: "صناعة الغزل والنسيج هي أمل مصر، وليس لدينا ميزة نسبية في الاقتصاد سوى في صناعة الغزل والنسيج، ولدينا بنية أساسية في تلك الصناعة، نستطيع لو أحسنا استغلالها أن تكون صناعة الغزل والنسيج المصرية أفضل من مثيلاتها في الهند وبنجلاديش وسنغافورة، فمصر مؤهلة لتكون إحدى أكبر دول العالم في تلك الصناعة".
وتابع: "منذ عام 2016 تم تنفيذ بعض الخطوات الجيدة في مجال صناعة الغزل والنسيج، ولكن ما تحقق حتى الآن لا يكفي، ولهذا سنواصل ندواتنا النقاشية مع كل الخبراء والمهتمين بتلك الصناعة، للوصول إلى أفضل الحلول للنهوض بها، وسنقدم ما سننتهي إليه من توصيات في هذا الشأن لرئيس الحكومة ولوزراء الاستثمار والصناعة وقطاع الأعمال".
وعلى مدى 4 ساعات متصلة، دارت مناقشات موسَّعة ترصد أوجاع الصناعة، وأهم التحديات التي تحول دون انطلاقها، وما يمكن أن تقدمه هيئتا الاستثمار والصناعة للنهوض بتلك الصناعة.
وقد كشفت المناقشات أن أكبر التحديات التي تواجة صناعة الغزل والنسيج في مصر، هي عدم وجود عمالة مدربة ماهرة، والضرائب، وعلى رأسها ضريبة القيمة المضافة، والتوسع في استيراد الملابس والأقمشة، وعدم وجود حماية جمركية للصناعة الوطنية، وتأخر صرف حوافز التصدير، والبيروقراطية الحكومية، وتقادم الآلات في عدد غير قليل من شركات الغزل والنسيج، والاعتماد على استيراد المواد الخام الخاصة بتلك الصناعة، سواء الغزول، أو الأصباغ، وعدم الاهتمام الكافي بالتعليم الفني، وعدم الربط بين التعليم الجامعي وحاجة سوق العمل، وعدم وجود رؤية واضحة للتعليم العالي في مصر، وشيوع نظرية التصنيع للاستثمار والمكسب السريع، وليس للنهوض بالمهنة.
فيما أكدت الدكتورة إيمان منصور، نائب رئيس هيئة الاستثمار، أن الهيئة تقدم عدة حوافز لدعم الصناعة، خصوصًا صناعة النسيج، من بينها الرخصة الذهبية، ومنح إعفاءات جمركية لاستيراد الآلات، والمشاركة في تحمل جزء من نفقات التدريب الفني، مشيرة إلى أن الهيئة تسعى حاليًا لإقامة منطقة حرة متخصصة للغزل والنسيج، وإقامة مدينة متكاملة تضم جميع عناصر صناعة الغزل والنسيج، مؤكدة: "لدينا في مصر عدة مزايا كبيرة في هذه الصناعة، فلدينا أيدٍ عاملة رخيصة، وسوق كبير، وخبراء قادرون على النهوض بتلك الصناعة".
وأوضح أسامة الصعيدي، نائب رئيس هيئة التنمية الصناعية، أن هيئة التنمية تمارس دورها في تخصيص الأراضي الصناعية، وإصدار تراخيص التشغيل، وإصدار شهادات السجل الصناعي خلال ساعات أحيانًا، وخلال أيام قليلة لا تتعدى 7 أيام على أقصى تقدير، ثم تتابع الالتزام بتشغيل المصنع خلال الفترة المتفق عليها، ومن يخالف ذلك يتم سحب الأرض منه، وإعادة تخصيصها.