كان لدى المصريين أمل أن تنجح ثورة 25 يناير فيما خرجت من أجله، وبصعود تيار الإخوان المسلمين للحكم كان هناك ترقب حذر وسط تساؤلات كثيرة هل سينجح هؤلاء في إدارة الدولة؟ وخلال عام من الحكم، ابتلع المصريون إحباطهم يوماً وراء يوم، وزادت حدة الأوضاع فأعلن مرسي حالة الطوارئ في البلاد.
كان الوضع مزرياً، المصريون يصارعون الأفكار والقرارات المظلمة، بعد أن عجزت الحكومة على حل الأزمات اليومية، التفتت جموع الشعب حول حركة "تمرد" مؤيدين هذه الخطوة لسحب الثقة من الإخوان والدعوة لانتخابات رئاسية مبكرة، ومع تزايد أعداد الاستمارات أصاب النظام الحاكم توتر وقلق، الذي أبدى عدم قدرته حتى على التصريح بحلول سياسية محنكة.
ومع غروب يوم 30 يونيو كان حدث محوري يتهيأ للحدوث، فقد اجتمع عدد كبير جداً من المصريين في الشوارع، معبرين عن مطالبهم، وقتها امهل الجيش القوى السياسية 48 ساعة لتحقيق مطالب الشعب وإلا سيعلن عن خارطة طريق للمستقبل، ومع تدفق المزيد والمزيد من الملايين وخلال ثلاثة أيام لاحقة، لم يتمكن النظام من حل الأزمة بل زادت تصريحات مرسي الوضع إصراراً، فوقف الجيش منحازاً لجموع الشعب مستجيباً لمطالب وتوقيعات الملايين على استمارات تمرد بعزل مرسي ليحل محله رئيس المحكمة الدستورية العليا استعداداً لإجراء انتخابات مبكرة.
لقد كنا في حالة يرثى لها، بداية من محاولة أخونة القضاء وحصار المحكمة الدستورية العليا، وتعيين نائب عام خاص بالجماعة بدلا من النائب العام عبد المجيد محمود، ومحاولات أخونه الدولة بزرع المنتمين للجماعة في المناصب المفصلية ومحاولة تفكيك الدولة، والإعلان الدستوري 2012 الذي كرس بديكتاتورية أن قرارات مرسي غير قابلة للطعن، ثم أحداث الاتحادية وسفك دماء بريئة من جانب الإخوان، والاحتفال بذكرى انتصارات أكتوبر في حضور قاتلي السادات، لقد كانت مصر في حالة من "الهلهلة السياسية" قرارات مهلهلة يديرها مكتب الإخوان لصالح دول أخرى، وأفعال مهلهلة وتصريحات مهلهلة، ورغم أن رد فعل الجماعة الإرهابية كان همجياً معرباً عن نواياها الخبيثة، حين حرقت الكنائس، ودمرت المباني إلا أن هذا الوضع لم يستمر طويلاً فقد انتقلت الدولة من حالة الضعف والانهيار والتفتت إلى الاستقرار والبناء.
أين كنا وإلى أين وصلنا؟ من إقصاء فصائل المعارضة إلى ضم المعارضين للحوار الوطني، من انعدام الخبرة في الإدارة إلى قرارات مدروسة ومحكومة جيداً، من انهيار الأوضاع الاقتصادية إلى النمو الاقتصادي وزيادة الاستثمارات، من شبه دولة متداعية إلى دولة قوية وقادرة، ومن دولة تراجعت هيبتها إلى دولة لها مكانة دولية واضحة.
لقد كانت مصر على شفا الانهيار أو الدخول في حرب أهلية، ولكن لولا خروج جموع الشعب ولولا تدخل الجيش وانحيازه للشعب لما كنا الآن على ما نحن عليه، فبعد سنوات من العمل والبناء نجحت الدولة في تثبيت دعائمها واستعادة مكانتها والحفاظ على هويتها من السرقة، وفي ظل حالة غير مسبوقة من البناء هناك إنجازات تنموية ومشروعات عملاقة.