الطمع والجشع لدى العديد من الشركات السياحية هو ما أدى إلى الأزمة التي شهدها موسم الحج هذا العام، والتي تسببت في وفاة مئات الحجاج في المملكة العربية السعودية، رغم الأموال الكبيرة التي جمعتها هذه الشركات من الحجاج، مستغلة رغبتهم في أداء الفريضة.
أعلنت المملكة العربية السعودية وفاة ما لا يقل عن 1301 من الحجاج هذا العام، معظمهم ممن لم يحصلوا على تصريح للحج، موضحة أنهم ساروا لمسافات طويلة في الحر الشديد.
موسم الحج 2024
وقد أدى الحجاج المناسك هذا العام خلال موجة شديدة الحرارة؛ حيث تجاوزت درجات الحرارة في بعض الأحيان 50 درجة مئوية.
وقالت وكالة الأنباء السعودية الرسمية، إن أكثر من ثلاثة أرباع الذين لقوا حتفهم لم يكن لديهم تصاريح رسمية تسمح بوجودهم هناك، وساروا تحت أشعة الشمس المباشرة دون مأوى مناسب.
وأضافت الوكالة أن بعضاً ممن توفوا كانوا من كبار السن أو يعانون من أمراض مزمنة.
وأكد وزير الصحة السعودي، فهد الجلاجل، أن الجهات المختصة بذلت جهوداً لرفع مستوى الوعي بمخاطر الإجهاد الحراري وكيف يمكن للحجاج التخفيف من تأثيره.
وأضاف أن المرافق الصحية عالجت ما يقرب من نصف مليون حاج، من بينهم أكثر من 140 ألفاً ليس لديهم تصريح، ولا يزال بعضهم في المستشفى بسبب الإجهاد الحراري.
وقال الجلاجل: "الله يغفر ويرحم المتوفين.. تعازينا القلبية لعائلاتهم".
وكشف مصدر في الجمعية العمومية لغرفة شركات السياحة أنهم لديهم قائمة كاملة بأسماء سماسرة الحج الذين تسببوا في وفاة الحجاج نتيجة مساندتهم على السفر بدون تصريح رسمي.
كما أعلن أن تم بالفعل القبض على 450 سمسارًا من بينهم مؤكدًا على استمرار القبض على باقي سماسرة موسم الحج 2024 تباعًا فور وصولهم إلى المطارات بعد أدائهم مناسك الحج وعودتهم من المملكة العربية السعودية.
وأوضح المصدر أنهم استطاعوا تحديد سماسرة الحج المتسببين في وفاة حجاج 2024 من خلال الباركود الموجود مع الحجاج حيث أنه يتضمن العديد من المعلومات حول الكيان المستخرج منه.
في سياق متصل، أشار أحد أصحاب شركات السياحة أنه من المقرر عقد اجتماع عاجل مع غرفة شركات السياحة خلال هذا الأسبوع لمناقشة ما جرى خلال موسم الحج العام الحالي.
وكشف أنه من المتوقع حضور ما يزيد عن 50 شركة سياحية من الشركات المشاركة في موسم الحج 2024 حرصًا منهم على سمعة الشركات السياحية المعتمدة بشكل رسمي من وزارة السياحة والأثار.
وأشار أنه سيتم خلال الفترة المقبلة مراجعة أوراق وأنشطة ما يزيد عن 35 ألف مكتب سياحي من بينهما من شارك في موسم الحج لهذا العام وسيتم المحاسبة والغلق الفوري للمخالف منها.
من جانبه، قال باسل السيسي، عضو اللجنة الفنية للحج بوزارة السياحة والآثار، إن شركات السياحة هي المسؤولة عن تنظيم الحج الرسمي للدولة من خلال شركات السياحة. الرحلات التي نفذتها شركات السياحة كحصة رسمية كانت موجهة من خلال البعثة الرسمية لوزارة السياحة وتنفيذها من خلال شركات السياحة، لم تواجه أي مشاكل في ذلك، وهذه المشاكل عادةً تكون مشاكل مع الحجاج.
وأضاف “السيسي” لـ صدى البلد، أن الحج السياحي بشكله الطبيعي، أو الذي يتم تنظيمه من خلال شركات السياحة تحت متابعة ورقابة وزارة السياحة، لم تواجهنا فيه مشاكل وتم بشكل سهل وبسيط وحقق النجاح كذلك.
وأوضح أن المشكلة الحقيقية ليست في الحج السياحي، بل في تأشيرات الزيارة التي حصل عليها الناس، والتي تم تنظيمها من قبل بعض الأفراد أو تحت مسمى كيانات وشركات وهمية لا علاقة لها بشركات السياحة، مشيرا إلى أن شركات تعلم أن ذلك مخالف لأنظمة الحج التي قررتها وزارة الحج السعودية، والتي تنص على أن جواز الحج لا يتناسب مع تأشيرة الزيارة، لذا نحن كشركات ليس لنا دور في هذا الموضوع على الإطلاق وإذا ثبت أن أي شركة تعاملت في هذا الموضوع في مصر، فستعاقب لأننا جميعًا نعلم أن ذلك مخالف.
نصب شركات السياحة
تابع: لقد حذرنا من هذا الأمر منذ أربعة أشهر وبشكل رسمي، وقدمنا طلبًا لوزارة السياحة وطلبنا منهم اتخاذ إجراءات لتنظيم هذه التأشيرات، لأننا كنا نتوقع أن يقوم الناس بتسويق هذه الرحلات على اعتبار أنها تسمح بالحج، وقدمنا مشروعًا للوزارة وطلبنا تنظيم هذا الموضوع، وللأسف لم يستجب أحد. والنتيجة التي نراها حاليًا، بالنسبة لنا في الحج السياحي، لا توجد مشاكل فيه.
وأكد أن التأشيرات التي حصل عليها الحجاج كزيارة، يجب الانتظار لأن لا أحد لديه عدد ولا حصر ولا مسمى ولا أي نوع من التنظيم لإمكانية متابعتهم.
جدير بالذكر أن الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، أمر بسرعة سحب تراخيص 16 شركة سياحةـ بصورة مبدئيةـ لتحايلها وتسفير الحجاج بصورة غير نظامية، دون تقديم أى خدمات لهم وإحالة مسؤولي هذه الشركات إلى النيابة العامة، مع تغريم هذه الشركات لصالح ذوى المتوفين.
جاء ذلك خلال اجتماع خلية الأزمة المُشكلة بتكليف من الرئيس عبدالفتاح السيسي، لمتابعة وإدارة الوضع الخاص بحالات وفاة الحجاج المصريين، حيث أعرب مدبولي عن تقدم مجلس الوزراء بخالص العزاء والمواساة لأسر الضحايا من الحجاج المتوفين، مؤكدًا الالتزام بتقديم الدعم اللازم لهم خلال هذا الحدث المُحزن.
وأشار رئيس مجلس الوزراء إلى أن الاجتماع يهدف لمتابعة أوضاع الحجاج المصريين، وتقديم الدعم والمساندة لأسر المُتوفين، والتنسيق مع السلطات السعودية، لتسهيل الإجراءات الخاصة بالمتوفين، وتقديم كافة التسهيلات اللازمة في هذا الشأن، وكذلك دراسة أسباب ما حدث والعمل على عدم تكراره.
ووجه الدكتور مصطفى مدبولي بضرورة اتخاذ قرارات فورية مع الشركات أو الكيانات التي ساهمت في تسفير هؤلاء الحجاج بآليات وطرق غير رسمية، مع وضع الأطر والقواعد التي تسهم في عدم تكرار هذا الأمر.
من جانبه، أوضح سامح شكري، وزير الخارجية، أن الحجاج الذين فقدوا أرواحهم خلال هذه الأزمة، معظمهم من الحجاج غير النظاميين حيث لم توفر لهم شركات السياحة التي قامت بتسفيرهم أي خدمات، مشيرًا إلى جهود الوزارة في متابعة أوضاع الحجاج المصريين، حيث تواصل القنصلية المصرية بجدة وفرق العمل المتعددة التي أوفدتها إلى مكة المكرمة والمشاعر المقدسة التنسيق مع السلطات السعودية وإجراء الزيارات الميدانية للمستشفيات للحصول على بيانات المواطنين المصريين المتواجدين بها سواء من يتلقى العلاج أو من وافته المنية ومطابقتها مع بيانات المفقودين.
ونوّه سامح شكري إلى أن غرف الطوارئ التي تم تخصيصها للاستجابة السريعة تعمل على مدار الساعة ويمكن للمواطنين التواصل معها من خلال الأرقام المعلنة، مؤكدًا استمرار بذل كافة الجهود بالتنسيق مع السلطات السعودية لضمان الوصول إلى المصريين المفقودين فى أسرع وقت ممكن، وتأمين عودة كافة الحجاج إلى أرض الوطن.