عقب أيام، نشهد انطلاق فعاليات مؤتمر الاستثمار «مصر والاتحاد الأوروبي»، المقرر له في الفترة من 29 و30 يونيو 2024، في ظل الجهود غير مسبوقة التي بذلتها الدولة المصرية لتطوير وتحديث البنية التحتية، بالتوازي مع تنفيذ برنامج إصلاح اقتصادي ساهم بشكل كبير في قدرة الاقتصاد المصري على مواجهة التحديات العالمية.
مصر والاتحاد الأوروبي
وشهدت السياسة الخارجية المصرية، نشاطًا مكثفًا على مدار 10 سنوات، حيث ارتكزت على الحفاظ على المصالح الوطنية، وتحقيق التوازن والتنوع في علاقاتها مع مختلف دول العالم شرقًا وغربًا، وفتح آفاق جديدة للتعاون انطلاقا من مبادئ السياسة المصرية القائمة على تعزيز السلام والاستقرار في المحيط العربي والإقليمي والدولي، وعدم التدخل في الشئون الداخلية للدول، ودعم مبدأ الاحترام المتبادل وتعزيز التضامن، والتمسك بمبادئ القانون الدولي ودعم دور المنظمات الدولية إلى جانب الاهتمام بالبعد الاقتصادي للعلاقات الدولية فضلا عن توحيد القوى العالمية بشأن العديد من القضايا التي تبنتها وعلى رأسها قضايا الإرهاب، والهجرة غير الشرعة، واللاجئين، ما عزز من قوة مصر ودورها إقليميا ودوليا.
ونرصد تطور العلاقات المصرية الأوروبية في عهد السيسي:
-بحث الرئيس عبد الفتاح السيسي مؤخرا مع المستشار النمساوي كارل نيهامر العلاقات الثنائية بين البلدين، وسبل تعزيزها بما يخدم المصالح المشتركة للشعبين الصديقين في مختلف المجالات، في إطار الشراكة الاستراتيجية بين مصر والاتحاد الأوروبي.
-جاءت القمة المصرية الأوروبية مؤخرا بالقاهرة تتويجا لعشر سنوات من العمل المصري الشاق والدؤوب حيث بذلت مصر جهدًا ضخما على المستوى الداخلي والسياسة الخارجية وسط ظروف فيها كثير من سوء الحظ والصعوبات والتحديات.
-وقع الرئيس عبد الفتاح السيسي ورئيسة المفوضية الأوروبية على الإعلان المشترك "اتفاق الشراكة الاستراتيجية" حيث تغطي الشراكة الاستراتيجية إجمالي ستة ركائز تتعلق بالعلاقات السياسية والاستقرار الاقتصادي والتجارة والاستثمار والهجرة والتنقل والأمن والديموغرافيا ورأس المال البشري .
- خلال العام الجاري سيتم توفير قرض بقيمة مليار يورو بشروط ميسرة وفائدة منخفضة لصالح المشروعات الصغيرة كما سيتم توفير 1.8 مليار يورو ضمانات استثمارية للمستثمرين الأوروبيين لضخ استثمارات في مصر.
- فرص لتصدير الكهرباء إلى أوروبا وأيضا دعم القطاع الخاص المصري وتوقيع اتفاقيات القروض والتي من المتوقع أن يتم الانتهاء منها على مدار السنة.
- عقد مؤتمر اقتصادي في مصر بنهاية يونيو الجارى، تم الإعلان عن تفاصيله والموضوعات التي سيغطيها والتي سيكون من أهمها الطاقة الجديدة والمتجددة والهيدروجين الأخضر وغيرها من القطاعات التي تمثل فرصًا استثمارية ضخمة للشركات الأوروبية بمصر
وفي إنجاز جديد في العلاقات بين الجانبين مثلما وصفته رئيسة المفوضية الأوروبية أوروسولا فون دير لاين خلال زيارتها للقاهرة؛ بمناسبة التوقيع على الإعلان السياسي المشترك، حيث أكدت أنه مع ثقل مصر السياسي والاقتصادي وموقعها الاستراتيجي في منطقة مضطربة للغاية، فإن أهمية علاقاتنا سوف تزداد بمرور الوقت.
وتحدد وثيقة الشراكة الاستراتيجية الشاملة بوضوح مجالات محددة للتعاون، وهي: العلاقات السياسية، استقرار الاقتصاد الكلي، الاستثمار المستدام والتجارة، بما في ذلك الطاقة والمياه والأمن الغذائي وتغير المناخ، والهجرة، والأمن وتنمية رأس المال البشري، وعليه، يتعين أن يؤدي وضع هذه المجالات قيد التنفيذ إلى إطلاق العنان للعلاقة بين مصر والاتحاد الأوروبي للعمل بكامل طاقاتهما.
وفيما يتعلق بالعلاقات السياسية، ستواصل مصر والاتحاد الأوروبي العمل على صياغة برنامج عمل إيجابي وتنفيذه؛ لتحقيق الرخاء والاستقرار المشترك.
التعاون مع الإتحاد الأوروبي
وستواصل مصر والاتحاد الأوروبي العمل على التزاماتهما لمواصلة تعزيز الديمقراطية والحريات الأساسية وحقوق الإنسان والمساواة بين الجنسين وتكافؤ الفرص، على النحو المتفق عليه في أولويات الشراكة.
ووفقا للإعلان المشترك، يبدي الاتحاد الأوروبي استعداده لمساعدة مصر في تنفيذ استراتيجيتها الوطنية لحقوق الإنسان وبما يتفق مع أحكام اتفاقية المشاركة بين مصر والاتحاد الأوروبي وأولويات الشراكة خلال الفترة الممتدة من عام 2021 و حتى عام 2027.
وأشار الإعلان المشترك إلى أن التحديات الإقليمية والدولية تسلط الضوء على أهمية تعزيز الحوار السياسي بين الجانبين، من خلال عقد قمة كل عامين تجمع رؤساء كل من جمهورية مصر العربية والمفوضية الأوروبية والمجلس الأوروبي، على أن تعقد القمة بالتناوب بين الطرفين، بالإضافة إلى اجتماع مجلس المشاركة السنوي بين مصر والاتحاد الأوروبي، والذي يشكل حجر الزاوية للمشاركة الثنائية بين الجانبين، وذلك في إطار اتفاقية الشراكة بين مصر والاتحاد الأوروبي، فضلاً عن أنشطة التعاون القائمة التي تضم مصر والدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي.
وبالنسبة للاستقرار الاقتصادي، فإن الاتحاد الأوروبي على استعداد لدعم أجندة التنمية المصرية لعام 2030 لضمان استقرار الاقتصاد المصري الكلي على المدى الطويل والنمو الاقتصادي المستدام، وذلك وفقاً للأولويات التي حددها الجانبان وأهداف الإصلاح الواردة في أجندة التنمية المصرية.
وسيدعم التمويل، وسيواكب التقدم المحرز فيما يتعلق بتلك الأولويات والأهداف المحددة بشكل مشترك، وهو الأمر الذي من شأنه أن يطلق العنان لاستثمارات القطاع الخاص بكل طاقته، ما بدوره سيساعد على تخفيف التأثير الناجم عن الأزمات الدولية والإقليمية الحالية، بما يصب في صالح الاستقرار والأمن المشترك لكلا الجانبين.
وأكد الإعلان المشترك على أن الاتحاد الأوروبي على استعداد لدعم الاقتصاد المصري على ضوء ما تواجهه مصر من ضغوط متزايدة على ميزان المدفوعات والنابعة من البيئة الاقتصادية العالمية، بما في ذلك الزيادة الحادة في تكاليف الاقتراض.. وسيفيد هذا الدعم مصر إذ سيكون مكملاً لتمويل صندوق النقد الدولي وسيدعم مصر في تنفيذ سياسات اقتصادية تهدف لتأكيد المصداقية، وتعزيز الثقة، وفتح الباب أمام تدفقات رؤوس الأموال الخاصة.
من جانبها، تحدثت الدكتورة وفاء علي، أستاذة الاقتصاد وخبيرة أسواق الطاقة، عن أهداف مؤتمر الاستثمار "مصر والاتحاد الأوروبي"، موضحة أن المؤتمر يمثل نافذة جديدة لمصر في مسارها الاقتصادي، حيث يتم رسم خارطة استثمار جديدة.
وأضافت "علي"، أن مصر لديها إصرار وعزيمة على الانخراط في المستقبل، وأنه من الضروري تحديد معالم هذا المؤتمر والملفات الواعدة والفعالة التي تمت دراستها بعناية. وأشارت إلى أن دراسة هذه الملفات بدأت منذ توقيع الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين مصر والاتحاد الأوروبي.
وأوضحت أيضًا أن هناك اتفاقية سابقة للشراكة تم من خلالها إعادة تشكيل هياكل صنع القرار ضمن تكتلات اقتصادية تقدم نماذج جديدة ومختلفة، مما يضع قاعدة انطلاق جديدة لمشاركة القطاع الخاص. يأتي ذلك بعد تعديل المسار التشريعي وتنفيذ إصلاحات جذرية بمشاركة القطاع الخاص من قبل الدولة المصرية.