«فاذكروني أذكركم واشكروا لي ولا تكفرون» هل هي تسبيح؟ سؤال يشغل ذهن الكثيرين ممن يبحثون عن أسرار آية 152 من سورة البقرة، يقول تعالى: ﴿فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ﴾، فيكف يكون الذكر؟
[[system-code:ad:autoads]]
فاذكروني أذكركم واشكروا لي ولا تكفرون هل هي تسبيح؟
جاء في تفسير السعدي حول: «فاذكروني أذكركم واشكروا لي ولا تكفرون»: أمر تعالى المؤمنين بذكره، ووعد عليه أفضل الجزاء، وهو الثناء في الملأ الأعلى على مَنْ ذكره، وخصوني -أيها المؤمنون- بالشكر قولا وعملا ولا تجحدوا نعمي عليكم.
[[system-code:ad:autoads]]
وبين أن {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ} فأمر تعالى بذكره, ووعد عليه أفضل جزاء, وهو ذكره لمن ذكره, كما قال تعالى على لسان رسوله: { من ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي, ومن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم } وذكر الله تعالى, أفضله, ما تواطأ عليه القلب واللسان, وهو الذكر الذي يثمر معرفة الله ومحبته, وكثرة ثوابه، والذكر هو رأس الشكر, فلهذا أمر به خصوصا, ثم من بعده أمر بالشكر عموما فقال: { وَاشْكُرُوا لِي }- أي: على ما أنعمت عليكم بهذه النعم، ودفعت عنكم صنوف النقم، والشكر يكون بالقلب, إقرارا بالنعم, واعترافا, وباللسان, ذكرا وثناء, وبالجوارح, طاعة لله وانقيادا لأمره, واجتنابا لنهيه، فالشكر فيه بقاء النعمة الموجودة، وزيادة في النعم المفقودة، قال تعالى: { لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ } وفي الإتيان بالأمر بالشكر بعد النعم الدينية، من العلم وتزكية الأخلاق والتوفيق للأعمال، بيان أنها أكبر النعم, بل هي النعم الحقيقية؟ التي تدوم, إذا زال غيرها وأنه ينبغي لمن وفقوا لعلم أو عمل, أن يشكروا الله على ذلك, ليزيدهم من فضله, وليندفع عنهم الإعجاب, فيشتغلوا بالشكر.
وأكمل: “لما كان الشكر ضده الكفر، نهى عن ضده فقال: { وَلَا تَكْفُرُونِ } المراد بالكفر هاهنا ما يقابل الشكر، فهو كفر النعم وجحدها، وعدم القيام بها، ويحتمل أن يكون المعنى عاما، فيكون الكفر أنواعا كثيرة، أعظمه الكفر بالله، ثم أنواع المعاصي، على اختلاف أنواعها وأجناسها، من الشرك، فما دونه”.
فاذكروني أذكركم واشكروا لي ولا تكفرون هل هي تسبيح؟
يقول الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف والمفتي السابق، إن من جميل المنن ومن أعلى النعم أن الله سبحانه وتعالى يذكر إسمك في الملأ الأعلى عند ذكره تعالى وفي الحديث القدسي " ومن ذكَرَني في ملإٍ ذكرتُهُ في ملإٍ خيرٍ منه ". هكذا يمن الله علينا وهو الذي خلقنا ووفقنا لذكره، فإذ به يعطينا على هذا الذكر -وهو الذي يعود علينا بتنوير القلوب وغفران الذنوب- يعطينا أجراً حسناً عليه ،لو تخيل الإنسان أنه كلما ذَكر ربه من قلبه ذُكر في الملأ الأعلى في الحضرة القدسية.
وفي الحديث: "إِذَا أحَبَّ اللَّهُ العَبْدَ نَادَى جِبْرِيلَ: إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ فُلَانًا فأحْبِبْهُ، فيُحِبُّهُ جِبْرِيلُ، فيُنَادِي جِبْرِيلُ في أهْلِ السَّمَاءِ: إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ فُلَانًا فأحِبُّوهُ، فيُحِبُّهُ أهْلُ السَّمَاءِ، ثُمَّ يُوضَعُ له القَبُولُ في الأرْضِ". يأخذ سيدنا جبريل الكلام وينزل به إلى من بعده ويقول إن ربكم يحب فلاناً فأحبوه، وتتسلسل هذه المحبة من الملأ الأعلى فيجد أحدكم نفسه وقد أحبه الناس من غير حول له ولا قوة {واعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ المَرْءِ وقَلْبِهِ} ، واعلموا أن الله - سبحانه وتعالى - عندما يذكرك في الملأ الأعلى فإنه يلقى عليك محبة منه .
وشدد: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ} دافعة للذكر، وتجعلك محلاً لنظره عز وجل {ولِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي}.