قالت دار الإفتاء إن برُّ الوالدين مطلوب على الدوام، ولا ينحصر في حال دون حال، ولا في زمان دون آخر، وهو مطلوب حال حياتهما وبعد موتهما.
وأضافت دار الإفتاء عبر الفيسبوك :" من صور بر الوالدين بعد انتقالهما: زيارة قبرهما؛ لعموم قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ، فَزُورُوهَا، فَإِنَّ فِي زِيَارَتِهَا تَذْكِرَةً» رواه أبو داود، وفي خصوص زيارتهما قال صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ زَارَ قَبْرَ وَالِدَيْهِ فِي كُلِّ جُمُعَةٍ أَوْ أَحَدِهِمَا، فَقَرَأَ عِنْدَهُمَا أَوْ عِنْدَهُ يس، غُفِرَ لَهُ بِعَدَدِ كُلِّ آيَةٍ أَوْ حَرْفٍ».
[[system-code:ad:autoads]]
وأيضًا قراءة القرآن لهما، والأحاديث في ذلك صحيحة صريحة.
حكم التسبيح وقراءة القرآن عند دفن الميت وهبة ثواب هذه الأعمال له؟، حيث اعتاد أهل القرية أثناء دفن الموتى، وعند إهالة التراب، أن يقولوا: "سبحان الله وبحمده"، وذلك بدلًا من كثرة اللغو في الحديث في أثناء دفن الميت، وبعد ذلك يقرأ الجميع آخر سورة البقرة ثم يدعون لميتهم وينصرفون، حتى ظهر أحد الشباب الذي يدّعي أن ذلك مخالف للسنة؛ فهل التسبيح عند دفن الميت مخالف للسنة؟ وما حكم هبة ثواب التسبيح وقراءة القرآن للميت؟ وهل من يفعل ذلك آثم ومبتدع؟
[[system-code:ad:autoads]]
قالت “الإفتاء” إن المشروع في حقّ مَن يحضر دفن الميت الاشتغال بالدعاء له وقراءة القرآن عنده، وفي معناه كلُّ ذكر مشروع كالتسبيح والتهليل.
وأضافت أن قراءة القرآن الكريم في المسجد وعند القبر قبل الدفن وأثنائه وبعده مستحبة، والمعتمد عند أصحاب المذاهب المتبوعة على أنَّ الذكر والدعاء وغيرهما من الأعمال الصالحة تنفع الميت ويصل إليه ثوابها، وقد جرى عمل المسلمين بذلك جيلًا بعد جيل وخلفًا عن سلف من غير نكير
وأكدت أنه “لا يصحُّ تبْديعُ من يفعل ذلك ولا اتهامه بالفسق؛ فإنَّ أمر الذكر والدعاء على السعة والإطلاق”.
وواصلت: ومن السُّنة أن يقفَ المشيعون للجنازة عند القبر ساعةً بعد دفن الميت والدعاء له؛ لِما رواه أبو داود والحاكم وقال: صحيح الإسناد، عن عثمان رضي الله عنه قال: كانَ النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم إذا فَرَغَ مِن دَفنِ المَيِّتِ وَقَفَ عليه فقالَ: «استَغفِرُوا لأَخِيكُم وسَلُوا لَه التَّثبِيتَ؛ فإِنَّه الآنَ يُسأَلُ».
وروى الإمام مسلم عن عمرو بن العاص- رضي الله عنه- أنه قال: "إِذَا دَفَنتُمُونِي فَشُنُّوا عليَّ التُّرَابَ شَنًّا، ثُم أَقِيمُوا حَولَ قَبرِي قَدرَ ما تُنحَرُ جَزُورٌ ويُقسمُ لَحمُها حتى أَستَأنِسَ بِكم وأَنظُرَ ماذا أُراجِعُ به رُسُلَ رَبِّي"، وذلك إنما يكون بعد الدفن.
ولا بأسَ أن يسبقَ الدعاءَ موعظةٌ موجزةٌ تذكر بالموت والدار الآخرة؛ لِما في ذلك مِن ترقيق القلوب، وتهيئتها للتضرع إلى الله- تعالى-، وجمع الهمة في الدعاء؛ فعن علي- كرم الله وجهه- قال: كُنَّا في جنازةٍ في بَقِيعِ الغَرقَدِ، فأَتانا النبيُّ- صلى الله عليه وآله وسلم- فقَعَدَ وقَعَدنا حَولَه، ومَعَه مِخصَرةٌ، فـنَكَّسَ، فجَعَلَ يَنكُتُ بمِخصَرَتِه، ثُم قالَ: «مَا مِنكُمْ مِن أَحَدٍ، مَا مِن نَفْسٍ مَنفُوسَةٍ إلا كُتِبَ مَكانُهَا مِنَ الجَنَّةِ والنّارِ، وإلَّا قد كُتِبَ شَقِيّةً أو سَعِيدةً»، فقالَ رَجُلٌ: يا رسولَ اللهِ، أفَلا نَتَّكِلُ على كِتابِنَا؟ فقال: «اعمَلُوا؛ فكُلٌّ مُيَسَّرٌ لِما خُلِقَ لَهُ» متفق عليه. وقد بَوَّبَ على ذلك البخاري في "صحيحه" بقوله: (باب مَوعِظةِ المُحَدِّثِ عندَ القَبرِ وقُعُودِ أَصحابِه حَولَه).