قال الشيخ الدكتور ياسر بن راشد الدوسري، إمام وخطيب المسجد الحرام ،إنه قدِ انقضَى موسمٌ مِنْ أشرفِ مواسمِ أهلِ الإسلامِ، وانتهتْ أيامُ الحجِّ وشعائرِهِ العظامِ، وعاشَ الحجاجُ معَهَا أفضلَ الأيامِ، فوقفُوا في المشاعرِ بخضوعٍ واستسلامٍ، ورفعُوا الأكفَّ سائلينَ ربَّ الأنامِ، وتَطَهَّروا مِنَ الذنوبِ والآثامِ.
[[system-code:ad:autoads]]
أشرف مواسم أهل الإسلام
وأضاف " الدوسري" خلال خطبة الجمعة الثالثة من ذي الحجة اليوم من المسجد الحرام بمكة المكرمة ، قائلاً: فَهَنِيئًا لهُمْ علَى التمامِ، وهَنِيئًا لهُمْ مَا آتاهُمُ اللهُ مِنَ الفضلِ والإنعامِ، {قُل بِفَضلِ اللَّهِ وَبِرَحمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَليَفرَحُوا هُوَ خَيرٌ مّمَّا يَجمَعُونَ}، داعيًا إلى شكر الله على نعمَهُ وإمدادَهُ، فالشكرُ لهُ مؤذنٌ بالزيادةِ، وبذلكَ تحققُونَ مقصَدًا مِنْ مقاصدِ الحجِّ والعبادةِ، قالَ تعالَى: {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ}..
[[system-code:ad:autoads]]
وأوصى حجاج بيت الله الحرام بالقول هَا أنتُم يا حجاجَ بيتِ اللهِ - قدِ استفتَحتُمْ حياتَكُم بصفحةٍ بيضاء، ورجعتُم بعدَ حَجِّكُم بثيابِ الطُّهرِ والنقَاءِ، فأَرُوا اللهَ مِنْ أنفسِكُم خَيرًا، وَاعزِمُوا على المُحافظةِ على الطاعاتِ مَا بَقِيتُم، والبعدِ عنِ المعاصِي مَا حَيِيتُم؛ وحافِظُوا على مَا اكتسبْتُم وَجنيْتُم، وإياكُم مِنْ هَدْمِ مَا شَيَّدْتُم وبَنيْتُم، {وَلا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثًا}.
ونبه إلى أن أمارةَ الحجِّ المبرورِ ومنارةَ قَبولِهِ، إيقاعُ الحسنةِ بعدَ الحسنةِ، والمداومةُ على ذلكَ، قالَ تعالَى: {فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ}، وهكذَا حالُ المؤمنِ كُلَّمَا فَرَغَ مِنْ عبادةٍ أعقبَها بعبادةٍ أخرَى، فللهِ دَرُّ أقوَامٍ أعيادُهُم قَبُولُ الأعمالِ، ومُرَادُهُم أشرفُ الآمالِ، وأحوالُهُم تَجْرِي على كَمَالٍ.
أمارة الحج المبرور
وأوضح أن مَنْ لبَّى في الحجِّ للرحمنِ فليلبِي بالطاعاتِ في كلِّ مكانٍ وزمانٍ؛ ومَنِ امتنعَ في حَجِّهِ عنْ محظوراتِ الإحرامِ، فليعلمْ أنَّ هناكَ محظوراتٍ على الدوامِ، فليحذرْ مِنْ خطواتِ الشيطانِ، ولا يقتربْ مِنْ حِمَى الرَّحمنِ، قالَ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: «أَلَا وَإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى، أَلَا وَإِنَّ حِمَى اللهِ مَحَارِمُهُ». متفقٌ عليه.
وأفاد بأن مِنْ توفيقِ اللهِ تعالَى أنْ يعودَ الحاجُّ بعدَ الحجِّ بالتوحيدِ الخالصِ، وقدْ صَلَحَ قَلبُهُ، وازدادَ إيمانُهُ، واستقامَ حالُهُ، وحسُنُ خُلُقه، وقَوِيَ يقينُهُ، وزادَ وَرَعُه، سُئِل الحسنُ البصريُّ رحمَهُ اللهُ تعالَى: ما الحجُّ المبرورُ؟ قالَ: أنْ تعودَ زاهدًا في الدنيا، راغبًا في الآخرةِ، موصيًا المسلمين بتقوى الله عز وجل فإنَّ تقواهُ أفضل زادٍ، وأحسن عاقبةٍ ليومِ المَعادِ، فاتَّقوا اللهَ في كلِّ حينٍ، وتذكَّرُوا قولَ الحقِّ في كتابِهِ المبينِ: {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ المُتَّقِينَ}.
وأشار إلى أن ما يجري اليوم من اختصارٍ للخطبة وتخفيف للصلاة يأتي مراعاةً للزحام وحرارة الأجواء وتيسيرًا على المصلين، وجزى اللهُ ولاةَ أَمرِنَا في هذهِ الدولةِ المباركةِ على جهودِهِم العظيمةِ المعهودةِ، وأعمالِهِم الجليلةِ المشهودةِ؛ والتي أثمرتْ بتوفيقِ اللهِ نجاحًا عظيمًا لموسمِ الحجِّ في هذا العامِ وفي كلِّ عامٍ، وإنَّ خدمةَ الحرمينِ الشريفينِ وقاصديهِمَا مِنَ الحُجاجِ والمعتمرينَ والزوّارِ ممَّا امتازتْ بهِ المملكةُ العربيةُ السعوديةُ منذُ تأسيسِهَا، فجزاهُم اللهُ عنَّا وعنكُم وعنِ الإسلامِ والمسلمينَ مِنَ الأجرِ أعظمهُ ومِنَ الثوابِ أجزلهُ، وجعلَ ذلكَ في ميزانِ حسناتِهِم.