من الشرق الأوسط إلى أوكرانيا، وحيثما كانت له أذرع أو أدوات، يحرك الغرب الأطلسي، مسارات السلام على مقاييسه. ما يحكم أداءه هنا أو هناك، تحقيق ما عجز عنه في الحرب، عبر طرق وأساليب أخرى.
في غزة تطرح واشنطن، وقفا لإطلاق النار. ثم تنسفه مباشرة أو مواربة، بتسمية الأشياء يغير أسمائها. فتصبح حركة حماس، هي المطالبة بالموافقة على المقترح كما هو. ويجري تجاهل إسرائيل، التي تواصل حرب الإبادة الجماعية. سلوك هو نفسه في الحالة الأوكرانية، يرفع الغرب السلام شعارا، ويعقد له المؤتمرات تباعا. فيما هي ليست سوى منصة لتحريض كييف، وتمويلها وتسليحها للاستمرار في الحرب. ما بين النموذجين سياسة تتجاوز ازدواجية المعايير، إلي ما يشبه السلام "المغشوش". ذاك الذي لا يختلف عن سائد العقود السابقة.
ففي الظاهر رغبة للسلام، وفي الباطن جنوح للحرب، وفرض للأمر الواقع، في مقابل خطاب العنف المغلف بالسلام، خطاب واقعي يقرأ جيدا التحولات العابرة للقارة. فمن غزة إلي جبهات الإسناد، تتصدي لإسرائيل، مقاومة مقدامة وجريئة، تسير بالكيان الإسرائيلي، نحو الهزيمة، إلا لم يكن قد هزم أصلا. أما في النطاق الأوسع، فيواجه الغرب الأطلسي، روسيا المبادرة، إيران القادرة، الصين المواجهة، وجنوب أفريقيا الصامدة، وأمريكا اللاتينية الثابتة.
هكذا يبدو العالم اليوم، يتحرك بشدة تتغير معادلاته، فيه الميدان هو الفيصل، حيث الصمود هو الأساس. وما بعده إنجازات أكبر وأوسع. من مقترح وقف إطلاق النار في غزة، إلي مؤتمر السلام حول أوكرانيا في سويسرا. هل ينشد الغرب الأطلسي وقف الحروب، أم يطرح سلاما "مغشوشا"، بهدف إدامتها؟.