أفادت هيئة البث الإسرائيلية الرسمية أمس، الاثنين، بتجاهل سلطات الأمن الإسرائيلية في سبتمبر الماضي "وثيقة استخبارية توقعت هجوم حركة حماس على المستوطنات المحاذية لقطاع غزة في 7 أكتوبر الماضي".
وقالت الهيئة، إن الوثيقة تعود إلى 19 سبتمبر 2023، أي قبل 3 أسابيع من الهجوم الذي تصفه إسرائيل بأنه الأسوأ في تاريخها.
توقعات عملية طوفان الأقصى
وذكرت أن وحدة 8200 التابعة لشعبة الاستخبارات العسكرية هي التي أعدت الوثيقة التي تحمل عنوان "تدريب مفصل على المداهمات من البداية إلى النهاية".
ونقلت عن مصادر أمنية إسرائيلية، لم تسمها إن "الوثيقة كانت معروفة لقيادة الاستخبارات، وعلى الأقل لقيادة غزة" في الجيش الإسرائيلي.
وقالت هيئة البث: "يصف الشخص الذي كتب الوثيقة بالتفصيل سلسلة من التدريبات التي نفذتها وحدات النخبة التابعة لحماس والتي تدربت فيها على مداهمة المواقع العسكرية والكيبوتسات (البلدات الإسرائيلية الصغيرة)، واختطاف الجنود والمدنيين، وحتى تعليمات حول كيفية احتجاز وحراسة المختطفين أثناء وجودهم داخل قطاع غزة".
وأضافت: "تتناول بداية الوثيقة سلسلة من التدريبات التي أجرتها سرايا الجناح العسكري لحماس".
وتابعت: "وفقا للوثيقة، فإن الخطوة الأولى في التمرين هي فتح ثغرات في موقع وهمي للجيش الإسرائيلي تم بناؤه في قطاع غزة يحاكي المواقع بالقرب من القطاع، وتم تنفيذ التمرين من قبل أربع سرايا، وتم إعطاء كل سرية موقعا مختلفا".
واستطردت "قام أفراد المخابرات الإسرائيلية الذين تابعوا التمرين بصياغة الخطوات التالية بعد اقتحام الأراضي الإسرائيلية والاستيلاء على المواقع الأمامية"، موضحين أن التعليمات كانت تسليم الجنود الأسرى إلى قادة السرايا، وإن العدد المتوقع للرهائن يتراوح بين 200 و250 شخصا".
خطة الاختطاف تم وضعها من قبل حماس
وأشارت إلى "وصف أهداف الغارة العسكرية التي تم التدريب عليها أيضا في الوثيقة: مقرات القيادة، مقرات قيادة العمليات، المعابد اليهودية في القواعد العسكرية، مقر الطيران الحربي، مقر الاتصالات، معدات إطلاق النار، وأماكن الجنود".
وقالت: "وفقا للوثيقة، أعطيت كتائب النخبة أمرا تم التأكيد عليه: يجب التحقق من المكان عند المغادرة وعدم ترك أي وثائق".
واعتبرت هيئة البث أنه "لم تكن استخبارات القيادة الجنوبية وفرقة غزة على علم بخطة الاختطاف التي وضعتها حماس فحسب، بل فصلت أيضا الظروف التي احتجز فيها المختطفون، بما في ذلك تعليمات للخاطفين حول كيفية التصرف في الحالات القصوى، وكيفية احتجاز المختطفين وتحت أي ظروف يمكن إعدامهم".
وأشارت الهيئة إلى أن سلطات الأمن تجاهلت الوثيقة، وأضافت: "قبل اندلاع الحرب، كانت مؤسسة الدفاع تفتخر بالحاجز الأمني الجديد الذكي، الذي اكتمل قبل عامين من هجوم حماس، وهو جدار فوق الأرض وتحتها، بنيت عليه أنظمة تكنولوجية".
وفي هذا الإطار، يقول الدكتور طارق فهمي، إن الجيش والمخابرات الإسرائيلية كانت لديها بعض المعلومات بتحركات لكتائب معينة تتبع حماس، وليس أن هناك ترتيبات لعمل عسكري، قد يتم خلال فترة وجيزة، ورفعت هذه التقديرات إلى قادة الجيش ولن يتم الإبلاغ عنها، لكن هذا الأمر كان محل تحقيق في إسرائيل ولن يتم الإعلان عن توصياته حتى الآن، مما يعني أن هناك تواطأ من قادة الجيش بحالة الاستعداد للدرجة "أ"، والاكتفاء بما كان موجودا بين درجتي "ب" و "ج"، وهذا الأمر طرح من قبل لجنة من الحكومة الإسرائيلية وعدد من العسكريين الحاليين.
لماذا لم تتخذ إسرائيل احتياطاتها الأمنية؟
وأضاف فهمي- خلال تصريحات لـ "صدى البلد"، أن تلك القضية مرتبطة بحجم التقصير في جيش الاحتلال، وشكله وإطاره ومن هم المسئولون عنه، وصدرت نتائج معينة ولكن التوصيات لم تعلن بدليل أنه كانت هناك استقالات وإقالات تمت على مستويات القادة الكبار، ومنها “قائد الجيش وقائد من منطقة غزة، نتيجة توجيه الاتهامات لهم، ولكن لم تعلن التوصيات في النهاية بما جرى”.
وأشار "فهمي"، إلى أنه حدث تواطؤ في التعامل، وهذا ما سوف تكشف عنه تحقيقات المدعي العام للدولة، وسيكون هذا الأمر محل نظر في المرحلة التي سوف تأتي بعد وقف إطلاق النار، حيث أنها سوف تكون تحقيقات دولة وليس تحقيقات متعلقة بإدارة الجيش.
وتابع: "لم تتخذ إسرائيل احتياطاتها الأمنية لعدة أسباب، ومنها: هناك تقصير لمناطق الحدود، وقد سبق لجندي مصري عبر هذه المناطق، وبالتالي فالحدود ليست آمنة بالصورة المباشرة، والأمر الآخر هو حالة التراخي التي جاءت لقيادات بعض مناطق الجنوب، وعدم تقديم أدلة والتسريع بمعدلات المواجهات، خاصة مع سير التقديرات الاستخباراتية التي حذرت من هذا، طوال الفترة الماضية، والنقطة الثالثة هو خوف المستوى العسكرى من اتهامه بأنه ليس لديه الإمكانيات والقدرات للدفاع عن أمن إسرائيل والتركيز على الداخل، وهو ما جرى في حالة التظاهرات التي شهدتها إسرائيل قبل حرب أكتوبر، بفترة 36 أسبوع، وكانت تلك المظاهرات بسبب الإصلاح القضائي حينها".
جدير بالذكر، أنه في يوم السبت الموافق 7 أكتوبر 2023، نفذت حركة حماس عملية طوفان الأقصى وهي أكبر هجوم لها على إسرائيل منذ سنوات، إذ أطلقت وابلاً من الصواريخ من قطاع غزة تجاه المدن والبلدات التابعة لدولة الاحتلال، بالإضافة إلى عبور مسلحين السياج الحدودي إلى داخل المدن والبلدات.
وأعلنت حينها- إسرائيل على الفور أنها في حالة حرب، وبدأت شن ضربات على أهداف لحماس في غزة، وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن هناك معارك جارية بين مجموعات من المسلحين الفلسطينيين وقوات الأمن في جنوب إسرائيل.