عيد الأضحى المبارك أعاده الله علينا وعليكم بالخير وكل عام وأنتم بخير .... عيد الأضحى يعلمنا الفداء من خلال الأقدار التي تأتي لتزيح أقدارا أخرى أصعب على نفوسنا البشرية .... ويعطينا الغفران بالأضاحي التي لا ينال الله لحمها ودمها قربانا وإنما يناله التقوى منا بذكر اسمه عند التضحية ويغفر لنا ذنوبنا بتصدقنا منها على الفقراء والمحتاجين : "لَن يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَٰكِن يَنَالُهُ التَّقْوَىٰ مِنكُمْ ۚ .." {الحج : ٣٧}.
[[system-code:ad:autoads]]
وكان إبراهيم عليه السلام أمامه اختيار صعب على كل نفس بشرية ، إما أن يستسلم لأمر الله بإيمان كامل ويذبح ابنه الذي جاء إليه بعد في شيخوخته بعد سنوات من الصبر والتمني .... أو أن يرفض أمر الله ويكون عاصياً وغير مؤمنا .... لكن إيمانه وتسليمه لأمر الله كان سبب نجاة ابنه من الذبح .... ذلك الابن المؤمن الذي استسلم هو أيضاً لأمر الله قائلا : "..قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ ۖ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ" {الصافات : ١٠٢}.
[[system-code:ad:autoads]]
وكانت نتيجة الرضوخ لأمر الله النجاة والفداء بذبح عظيم ليذبح مكان ابنه : "وَنَادَيْنَاهُ أَن يَا إِبْرَاهِيمُ ▪︎ قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا ۚ إِنَّا كَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ▪︎ إِنَّ هَٰذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ ▪︎ وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ" {الصافات : ١٠٤ - ١٠٦} .... في حياتنا اليومية يحدث هذا الفداء ولكن بصور مختلفة .... عندما يبتلينا الله باختبار أو بتجربة صعبة على نفوسنا البشرية ونستسلم لإرادة الله قد يجازينا الله خيراً ويبدل إبتلائنا بإبتلاء آخر أسهل وأخف على نفوسنا .... وقد يكون ما يبتلينا الله به ونجزع منه في أول الأمر ، ابتلاء أسهل وأخف من ابتلاء آخر كان على وشك الوقوع .... لذلك علينا أن نشكر الله على كل ما نبتلى به في حياتنا لأنه بلا شك يكون في صالحنا .... هنا يكون الفداء من خلال قدر واقع أخف من قدر كاد أن يقع وتم استبداله بما هو أخف على قلوبنا.
وعن غفران الخطايا فيكون للمضحي من أول قطرة دم تنزل من أضحيته .... ليس لأن الدم في حد ذاته يغفر الخطايا ولكن لأن الأضحية تذبح لتوزع على الفقراء والمساكين فيغفر لمن يضحي ابتداء من أول قطرة دم باعتبار ما سيكون من التصدق بلحمها .... قال النبي ﷺ : " يا فاطمة قومي إلى أضحيتك فاشهديها ، فإنه يغفر لك عند أول قطرة تقطر من دمها كل ذنب عملتيه وقولي : " إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين " " ، قال عمران : قلت : يا رسول الله ، هذا لك ولأهل بيتك خاصة ، فأهل ذاك أنتم أم للمسلمين عامة ؟ فقال : " لا بل للمسلمين عامة ".
عيدكم مبارك وكل عام وأنتم بخير