في ظل عيد الأضحى، تظهر إلى العلن عدة سلوكيات سلبية تخص الأضاحي، وتصرفات فردية تعكر صفو التمتع بقضاء الإجازة.
إذ اعتاد الكثير من المواطنين نـ.حر الأضاحي على بوابات منازلهم، باعتبارها أحد مظاهر الاحتفال به. ورغم التحذيرات التي تطلقها العديد من الجهات الحكومية، مثل وزارات البيئة والداخلية والمحافظات، من خطورة ذلك على الصحة والبيئة، وخاصة فيما يتعلق بإلقاء مخلفات المواشي من الجلود والأمعاء والـ.دماء في الطرقات والترع، ومخالفة كل ذلك للقانون، لم تتوقف تلك الأفعال بعد.
[[system-code:ad:autoads]]
نـ.حر الأضاحي في الشارع
وتنبع هذه السلوكيات من قلة وعي شريحة من الأفراد وعدم مسؤوليتهم تجاه الممتلكات العامة، بالإضافة إلى تصرفات أخرى تشوه المنظر العام ولا تعبر عن قيم المجتمع العُماني الأصيلة. تلك التصرفات تكلف الجهات الحكومية المختصة فاتورة إضافية، كان من الأجدر استغلالها لتقديم خدمات إضافية للمواطن والمقيم.
[[system-code:ad:autoads]]
ويرصد هذا التحقيق بعض السلوكيات السلبية التي تبرز خلال الإجازات، مثل رمي المخلفات، العبث بالممتلكات العامة، والنـ.حر العشوائي. وفيما يلي أهم الأضرار الصحية والبيئية التي يسببها إلقاء مخلفات الأضاحي في الشوارع:
- جذب الحشرات والقوارض:
إلقاء المخلفات يجذب الحشرات والقوارض التي عادة ما تحمل معها أنواعًا متعددة من الأمراض، وبالتالي تنقلها للإنسان. - تلوث الهواء:
المخلفات تصدر غاز الميثان، بالإضافة إلى الروائح الكريهة الناتجة عن تعفنها، مما يؤدي إلى تلوث الهواء الذي نستنشقه، ويتسبب في الكثير من الأمراض الصدرية والتنفسية. - تلوث التربة والمياه الجوفية:
تحلل مخلفات الذبائح واختلاطها بالتربة قد يؤدي إلى خلل بيئي وتلوث المياه الجوفية. - تلوث المسطحات المائية:
إلقاء مخلفات النحر في المسطحات المائية يلوث مياه البحار ويضر بالكائنات المائية، ويقتل بعضها كالأسماك. - عرقلة سريان المياه:
إلقاء مخلفات النحر في المياه يقلل من سريان المياه إلى نهايات الترع، مما يؤثر سلبًا على توزيع المياه.
ومن الضروري رفع الوعي بأهمية الحفاظ على البيئة والصحة العامة، والتشديد على الالتزام بالقوانين المتعلقة بالتخلص من مخلفات الأضاحي بشكل صحيح.
من جانبه، قال أمين عام اتحاد خبراء البيئة العرب، الدكتور مجدي علام،إن إلقاء مخلفات النـ.حر في الشارع هو من العادات السيئة جدًا لأن المجازر الآن تنتشر في كل المحافظات والمدن والمراكز، لافتًا إلى أن مخلفات الأضاحي تصنف كمخلفات بيولوجية خطرة، حيث تشكل بيئة خصبة لنمو الكائنات الحية وتعد مزرعة للبكتيريا والفيروسات، مشيرًا إلى أنه قديماً كان يتم التخلص من هذه المخلفات عبر دفنها وإلقاء الجير الحي عليها.
وأضاف علام في تصريحات لـ “ صدى البلد”، أنه في الوقت الحالي، يتم التخلص من هذه المخلفات الضارة من خلال نحر الأضاحي داخل المجازر، وتسليم المخلفات لكل رأس تذبح إلى المحارق المخصصة لذلك داخل المجزر، حيث يتم التخلص منها بطريقة آمنة بيئيًا وصحيًا. موضحًا أن التخلص الخاطئ من هذه المخلفات يمكن أن يحولها إلى مزرعة بكتيرية وفيروسية، ما قد يؤدي إلى ظهور أنواع بكتيرية أو فيروسية قد اختفت منذ عقود. مشيرًا إلى أن تفاعل هذه المخلفات مع الشمس والأتربة يشكل خطرًا كبيرًا، مستشهدًا بمنطقة السيدة زينب التي تمتد من أول سور مجرى العيون حتى فم الخليج، حيث تتكدس المخلفات الحيوانية بطول الشارع، مما يفوق إمكانيات الجهات المحلية في مواجهتها.
ويرى علام ضرورة التيسير على المواطنين للتخلص من هذه المخلفات من خلال الإعلان عن مواعيد جمع المخلفات بواسطة سيارات مخصصة لذلك. مؤكدًا على ضرورة تطبيق قانون البيئة وقانون الصحة العامة على المخالفين، بالتنسيق مع مديريات الطب البيطري والصحة والبيئة والمحليات. كما شدد على أهمية التخلص الآمن من هذه المخلفات خلال 24 ساعة لتجنب تكوّن البكتيريا والفيروسات، مع تعزيز الرقابة على أماكن النحر وطريقة التخلص من المخلفات.
ومن جانب آخر، قالت رئيس شعبة البيئة وزراعات المناطق الجافة بمركز بحوث الصحراء، الدكتورة فاطمة على أحمد، إنه على الرغم من الأضرار الصحية التي يعلن عنها الأطباء وتحذيرات الأجهزة المحلية من النحر في الشوارع ومناشدة المواطنين بضرورة ذبح الأضحية بالمجازر المخصصة لذلك، والمعلن عنها بكل منطقة ومحافظة، إلا أن كل مضحي يحرص على نحر أضحيته بنفسه وتلطيخ يده بالدماء.
وأضافت في تصريحات لها، أن ما يحدث من نحر إلقاء مخلفات الأضاحي في الشارع دُون إكتراث بالعواقب التي يُمكن أن تنتهي بنتائج كارثية يعد من الجرائم البيئية، مؤكدة أن ما يحدث خلال أيام عيد الأضحى من نحر بالشوارع ورمي مخلفات أمر لا يقره شرعٌ ولا عرف.
وأوضحت أن دـ.ماء الحيوانات المختلطة مع الأتربة والطين تمثل بيئة خصبة لحوالى 300 مرض تنتشر عدواها طوال العام، باعتبار أن معظم الحيوانات المذبوحة لا تظهر عليها الأمراض، لكن معظمها خطر على حياة الإنسان.
مخلفات نـ.حر الأضاحي
وأشارت إلى أن مخلفات نـ.حر الأضاحي تسبب فى زيادة المصادر المؤثرة على التلوث البيئي؛ نتيجة ما يتخلف عن عملية الذبح من مخلفات ثانوية تتمثل في الدم والجلد والقرون والعظام، والحوافر والأجزاء التي لا تصلح للاستخدام الآدمي ومحتويات الكرش والصوف والشعر، ومن الممكن لتلك المخلفات أيضا أن تحدث تلوثًا لكل من المياه السطحية والجوفية، والتربة، مما يتسبب عنه تغير في محتويات التربة، كما يمكن أن يؤدي إلى تلوث الهواء، لافتة إلى حدوث خلل بيئي عندما تصرف مخلفات النحر بشكل غير صحي إلى المياه، فقد يؤدي ذلك إلى نفاد الأكسجين الذائب، وحدوث أضرار جسيمة بالكائنات المائية، وتكوين ترسبات طينية ورغوة تطفو على سطح المياه.
وفي مثل هذه الأوقات، تصدر التحذيرات والقرارات على مستوى محافظات الجمهورية بغرامات متفاوتة لمنع عملية نحر الأضاحي خارج المجازر. وعلى الرغم من إعلان عدد من المحافظين، وعلى رأسهم محافظ القاهرة والجيزة، فتح عدد من المجازر مجانًا أمام المواطنين بشرط اصطحاب صاحب الأضحية لجزار معه، إلا أن العديد من الأهالي يضطرون للذبح خارج المجازر المحددة والمعروفة سلفًا بسبب كثرة حالات الذبح وقلة أعداد المجازر، بالإضافة إلى إهمال بعض الأهالي وتقصيرهم في الالتزام بالتعليمات.
حبس وغرامة 10 آلاف جنيه
وتصل العقوبة للحبس لمدة سنة وغرامة تصل إلى 10 آلاف جنيه، وتتضاعف في حالة تكرار المخالفة، حيث تُفرض غرامات مالية على المخالفين لقرار نقل جلود الأضاحي بدون تصريح تصل إلى 5 آلاف جنيه، مع التحفظ على وسيلة النقل في أقرب قسم شرطة لحين سداد الغرامة، بالإضافة إلى مصادرة الجلود ومخلفات النحر بمعرفة اللجان. كما تُفرض غرامة بقيمة 5 آلاف جنيه على المخالفين لقرار منع الذبح في الطريق العام، وتصل الغرامة إلى 10 آلاف جنيه لمقيمي شوادر الأضاحي وبائعي الخراف في الشوارع.
وهذا القرار يُعد من أكثر القرارات صرامة كما تعودنا في مثل هذه الأيام من كل عيد، والصادر من المحافظين على مستوى الجمهورية، في محاولة للحفاظ على نظافة البيئة من التلوث والشوارع، فضلاً عن الحفاظ على المظهر الحضاري والجمالي.