دعاء الشيخ الشعراوي بالأسماء الحسنى، من الأمور التي يغفلها الكثيرون، حيث تحل اليوم الاثنين ذكرى رحيل إمام الدعاة الشيخ محمد متولي الشعراوي، ونرصد دعاء الشيخ الشعراوي بالأسماء الحسنى، لعلك تغتنم به يوم القر 11 ذي الحجة 1445 فهو من أحب الأيام إلى الله تعالى.
دعاء الشيخ الشعراوي بالأسماء الحسنى
يوم القَر هو اليوم الحادي عشر من الشهر، وسمي بهذا الاسم لأنّ المسلمين يتوجّهون في يوم القر إلى الاستقرار والاستراحة في مشعر منى، بعد انتهائهم من طواف الإفاضة وذبح الهدي.
يوم القر من الأيام التي لها منزلة وفضل عظيم، فثبت عن النبي- صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «إِنَّ أَعْظَمَ الأَيَّامِ عِنْدَ اللَّهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- يَوْمُ النَّحْرِ ثُمَّ يَوْمُ الْقَرِّ».
ويستجاب الدعاء في يوم القر وكان أبو موسى الأشعري- رضي الله عنه- يذكر به الناس في خطبته الملقاة يوم النحر، فكان يقول: «بعد يوم النحر ثلاثةُ أيام، الّتي ذكَرَ الله الأيامَ المعدودات لا يُردّ فيهن الدعاء، فارفعوا رغبتكم إلى الله عزّ وجل»، لذا ردد دعاء الشيخ الشعراوي بالأسماء الحسنى:
1- اللهمّ يا حسيب وكفى بك حسيباً، اللهمّ يا رقيب وكفى بك رقيباً، لا يعزب عنك أصغر ذرةٍ في السماوات والأرض، ولا يعجزك شيءٌ لإحاطة قدرتك، فعاملنا اللهمّ بالفضل لا بالعدل، وبالإحسان لا بالميزان، وحسبنا من رحمتك التي وسعت كلّ شيء ما شكرناه من نعم ربوبيتك، وما أطعناه من نعمة ألوهيتك.
2- اللهمّ أنت الجامع المانع، جمعتَ لذاتك ما لا يُحصى من صفات الكمال، ومنعتَ بسبحانيّتك أن يُشهبك أي مثال، وجمعتَ لكلّ خلقك كلّ خير، ومنعتَ أن أطاعك من تسلّل أيّ شر، فأعطِنا اللهمّ خير جامعيتك، وحصِّنا اللهمّ بمانعيّتك.
3- اللهم أنت القوي، فأَعِنّا بقواك لنأخذ ما آتيتنا بقوة الإيجاب للطاعة، وبقوة السَّلب عن المعصية، واجعل اللهمّ كلّ ما وهبتنا من طاعة، أداة عبادةٍ لورعِ عمارة حتى تكون لنا مناعة من وافدات الإلحاد، وجراثيم الفساد.
4- اللهمّ إنك الشفيع الأعلى بعد شفاعة من تأذن له بالشفاعة لمن ارتضيت، فاشفع اللهمّ لنا بصفات جمالك يا غفار، عند صفات جلالك يا قهار، فإنه لا مفزع منك إلا إليك، لأنَّه لا إله إلا أنت.
الشيخ الشعراوي في سطور
ولد الشيخ محمد متولي الشعراوي في 15 أبريل عام 1911م، بقرية دقادوس، مركز ميت غمر بمحافظة الدقهلية بجمهورية مصر العربية، وأتم حفظ القرآن الكريم في الحادية عشرة من عمره، وحصل على الشهادة الابتدائية الأزهرية عام 1923م، ودخل المعهد الثانوي الأزهري، وزاد اهتمامه بالشعر والأدب، وحظي بمكانة خاصة بين زملائه، فاختاروه رئيسًا لاتحاد الطلبة، ورئيسًا لجمعية الأدباء بالزقازيق.
وبعد حصوله على الثانوية الأزهرية، التحق بكلية اللغة العربية؛ لتكون اللغة العربية بابَه إلى جميع العلوم الشرعية، علاوة على ما تمتع به الشيخ من تمكُّنٍ في فنون اللغة العربية وملكاتها، كالنحو، والصرف، والبديع، ونظم الشعر، والخطابة، وطلاقة اللسان، ووضوح البيان.
وبالفعل كانت اللغة العربية وملكاتها سبيله إلى تفسير القرآن الكريم، وتدبّر آياته، وإيصال معانيه إلى جمهور المسلمين في صورة سهلة واضحة وشيقة؛ حتى صار الإمامُ إمامًا للدعاة وعلامةً فارقة في عصر الدعوة الإسلامية الحديث، وصار الناس ينتظرون أحاديثه الأسبوعية أمام شاشات التلفاز، وعبر أثير إذاعة القرآن الكريم، وارتبط وجدانهم بحديثه وخواطره حول كتاب الله عز وجل.
وللشيخ مواقف وطنية مشرفة ضد قوى الاحتلال، وجهودٌ موفقة في رد الشبهات عن الإسلام والقرآن وسيدنا رسول الله ﷺ، وتقديمِ ردود عقلانية ومنطقية عليها من خلال لقاءات إعلامية وميدانية مع شرائح المجتمع المختلفة؛ سيما الشباب منهم.
وفي كل مكان مرّ عليه الشيخ أو منصب تقلده؛ كان له فيه عظيم النفع والأثر، في مصر و خارجها، ومن أشهر مواقفه إرساله برقية إلى الملك سعود بن عبد العزيز آل سعود أثناء إقامته بالمملكة العربية السعودية يعترض فيها على نقل مقام سيدنا إبراهيم عليه السلام؛ لتوسعة المطاف حول الكعبة الشريفة؛ مؤيِّدًا رأيه بالأدلة الشرعية على عدم جواز ذلك.
وقد استجاب الملك سعود رحمه الله لخطاب الشيخ، وأقر رأيه، ومنع نقل المقام من مكانه، واستشاره في بعض شئون توسعة الحرم المكي الشريف، وأخذ بمشورته.
ومن أبرز المناصب التي خدم من خلالها الشيخُ الشعراوي الدعوةَ الإسلامية منصب مدير إدارة مكتب فضيلة الإمام الأكبر حسن مأمون شيخ الأزهر الأسبق 1964م، ورئيس بعثة الأزهر الشريف في الجزائر 1966م، ووزير الأوقاف وشئون الأزهر بجمهورية مصر العربية 1976م، كما شغل عضوية مجمع البحوث الإسلامية 1980م، ومجمع اللغة العربية، ومجلس الشورى بجمهورية مصر العربية 1980م.
إضافة إلى العديد من المناصب التي عُرضت عليه واعتذر عنها؛ تفرغًا للعلم والدعوة وخدمة المُحتاجين.
وللشيخ مؤلفات علمية عديدة منها: معجزة القرآن - الأدلة المادية على وجود الله - أنت تسأل والإسلام يجيب - الإسلام والفكر المعاصر - قضايا العصر - أسئلة حرجة وأجوبة صريحة.
وبعد عمر مديد في رحاب الدعوة الإسلامية المستنيرة والسمحة، وفي خدمة الإسلام والمسلمين، توفي الشيخ عن عمر يناهز السابعة والثمانين، في 22 صفر 1419هـ، الموافق 17 يونيو 1998م.