ثبت في السنة النبوية المطهرة، أنه إذا ردد المسلم التلبية في الحج فإن كل المخلوقات تلبي عن يَمينِه وشِمالِه حتى الشجر، كماروي عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «ما مِن مُسلمٍ يُلبِّي إلَّا لبَّى مَن عن يَمينِه وشِمالِه؛ مِن حَجَرٍ، أو شَجرٍ، أو مَدَرٍ -الطين اليابس-، حتَّى تَنقطِعَ الأرضُ مِن هاهنا وهاهنا» رواه الترمذي.
معنى التلبية في الحج
التلبية تعني أن يقول القائم بالحج أو المحرم «لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك»،وأفضل أنواع الحج ما اشتمل على الْعَجُّ وَالثَّجُّ، والثج: إسالة دماء الهدايا -الذبائح-، وقال تعالى: «وَأَنزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ مَاء ثَجَّاجًا» أي سيالًا، و«العج»: هو رفع الصوت بالتلبية باعتدال، مستدلًا بما روي عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «سُئِلَ: أَيُّ الْحَجِّ أَفْضَلُ؟ فَقَالَ: الْعَجُّ وَالثَّجُّ».
وينبغى للمحرم بالحج أن يكثر من التلبية خصوصًا عند تغير الأحوال والأزمان مثل أن يعلو مرتفعًا أو أن ينزل منخفضًا، أو أن يُقبل الليل والنهار، وتلبى المرأة وإن كانت حائضًا، ولا تُقطع التلبية إلا عند ابتداء الطواف.
أخطاء في التلبية
هناك أخطاءً في التلبية يقع فيها الحاج، ومنها أولًا: ترك التلبية، ثانيًا: أو خفض الصوت بها، وهذا خلاف السنة، أن السُنة أن يرفع الرجال أصواتهم في التلبية، وتخفضها النساء، لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «أتاني جبريل فأمرني أن آمر أصحابي أن يرفعوا أصواتهم بالإهلال والتلبية» رواه أبو داود.
ثالثًأ: إن بعض الحجاج يقول: «اللهم إني أريد العمرة -أو الحج- وهذا خطأ، والصواب أن يقول: لبيك حجًا وعمرة إذا كان قارنًا، أو يقول: لبيك عمرة إذا كان متمتعًا أو معتمرًا فحسب، أو يقول: ليبك حجًا إذا كان مفردًا».
بعض الحجاج يقول التلبية بعدم التدبر في معناها، «فإنها تحمل معنى الاستجابة لأمر الله والانقياد له، والإقبال عليه رغبة ورهبة، فالواجب التفكر في معاني ألفاظها حتى تخرج خالصة من القلب».وحول تكبيرات الحج قال الدكتور مجدي عاشور، المستشار العلمي السابق لمفتي الجمهورية، إن تكبيرات الحج الحج والعمرة تبدأ بعد ارتداء ملابس الإحرام من الميقات، وصلاة ركعتين سنة الإحرام، مضيفًا أن التلبية تنتهي في العُمرة عند رؤية البيت واستلام الحجر، وفي الحج تنتهي حين يَشْرَع في جمرة العقبة يوم النحر.
واستشهد «عاشور» في تصريح له عن وقت انتهاء تكبيرات الحج ، بما روي عن الفضل بن العباس - رضي الله عنهما - قال: «كنت رَدِيف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من جَمْعٍ إلى مِنى، فلم يزل يلبِّي حتى رمى جمرة العقبة». مضيفًا: أما بالنسبة للعمرة، فعن عطاء عن ابن عباس: «أنه كان يُمْسِك عن التلبية في العمرة إذا استلم الحجر »؛ رواه الترمذي وصحَّحه.
وأمر الله بالتكبير في القرآن الكريم، كما ورد في قوله تعالى: «وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ» (البقرة: 185) عدّه الله قرين التهليل، كما عدّ التسبيح قرين التحميد واعتبر أعلى أنواع الذكر وأرفعه.
مواضع تكبيرات الحج قبل الإهلال بالحج
يشرع للحاج أن يكبّر : لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك حتى يصل إلى الميقات، واستعد للدخول في النسك، واستوى على المركوب، و تكبيرات الحج عند رؤية الكعبة حيث يشرع للحاج التكبير عند رؤية البيت الحرام. التكبير عند استلام الحجر الأسود أو محاذاته: يشرع للحاج أن يكبر عن استلام الركن الذي فيه الحجر الأسود.
وتكبيرات الحج في نواحي الكعبة يشرع للحاج أن يكبر : لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك عند الاقتراب من نواحي الكعبة، وعند الدخول إلى جوفها. التكبير يوم عرفة: : لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك يشرع للحاج أن يكبر عند عودته من منى إلى عرفات، وذلك تصديقًا لما ورد في قوله صلى الله عليه وسلم : «كان يُهِلُّ منا المُهِل، ويُكبِّر منا المُكبِّر فلا يُنكر عليه» [صحيح البخاري].
وتكبيرات الحج عند المشعر الحرام يسن للحاج التكبير عند المشعر الحرام في مزدلفة،: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك وذلك بعد أن يصلي الفجر من يوم النحر في اليوم العاشر من ذي الحجة، ويقف عند المشعر الحرام مستقبلًا القبلة لذكر الله، والتكبير، والدعاء، والتهليل والتكبير يوم النحر يسن التكبير في صباح يوم النحر أي في اليوم العاشر من ذي الحجة، وذلك بعد أن يسير الحاج من مزدلفة إلى منى من أجل رمي جمرة العقبة.
حكم التلبية الجماعية
أكد الشيخ عويضة عثمان، مدير إدارة الفتوى الشفوية وأمين الفتوى بدار الإفتاء، أن الأيام العشرة الأوائل من ذي الحجة هي أيام نفحات لحجاج بيت الله الحرام ولغيرهم، مشيرًا إلى أن مشاركة الحجاج بترديد التلبية هو ذكر مُحبب في هذه الأيام.
وأوضح «عويضة»، لـ«صدى البلد»، أنالتلبيةهي نوع من أنواع الذكر، سواء بترديد «لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك»، أو بالتكبير ونحوه من صيغ الذكر الأخرى، هو أمر مطلوب في هذه الأيام المُشرفة.
وقال إن الذكر بكل صيغه وقراءة القرآن، مطلوب ومُحبب في كل وقت، خاصة في هذه الأيام العشر الأولى من ذي الحجة، لأنها هي أيام ذكر وطاعة، وعلى المُسلم أن يغتنم فضلها ويُجرى ذكر الله والتكبير على لسانه.
معنى التلبية
وبيّن الشيخ أحمد ممدوح، مدير إدارة الأبحاث الشرعية وأمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، أن هذه التلبية تعني "أستجيب لك يا رب"، فكأن القائم بالنُسُك يقول لله تعالى ها أنا ذا استجبت لك، وسميت هكذا لكي تعبر عن تكرار الاستجابة.
حكم التلبية
ونوه الشيخ أحمد ممدوح، بأن هناك خلافًا بين العلماء حول ما إذا كانت التلبية في الحج واجبة أم سُنة، فمنهم من رأي وجوبها وذهب الجمهور إلى أنها سُنة.
وألمح «ممدوح» إلى أنه إذا اكتفى القائم بالنُسُك بالنية القلبية، فهذا واف، فيما إذا ضم إليها التلبية فهذا أفضل، مشيرًا إلى أن عكس ذلك، أي أنه لبى ولم ينو، فلا ينعقد الإحرام بتلبية دون نية، لأن الإحرام قصد ونية، أما التلبية فهي أمر زائد مقدم على النية.
حكم تلبية الحائض
وأفاد الشيخ أحمد ممدوح، مدير إدارة الأبحاث الشرعية وأمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، بأنه يستحب للمحرم أثناء الحج أن يلبي قائمًا وقاعدًا وراكبًا على جميع أحواله، مؤكدًا أن الحائض والجنب لا يمنعان من التلبية.ولفت ممدوح إلى أن ألفاظ التلبية وردت في الذي روي عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أَنَّ تَلْبِيَةَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ إِنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالْمُلْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ».
وأبان بأن قول «لَبَّيْكَ» هُوَ لَفْظ مُثَنًّى عِنْدَ سِيبَوَيْهِ وَمَنْ تَبِعَهُ، وَقَالَ يُونُس: "هُوَ اِسْم مُفْرَد وَأَلِفُهُ إِنَّمَا اِنْقَلَبَتْ يَاء لاتِّصَالِهَا بِالضَّمِيرِ كَلَدَيَّ وَعَلَيَّ. وَرُدَّ بِأَنَّهَا قُلِبَتْ يَاء مَعَ الْمُظْهَر. وَعَنْ الْفَرَّاء: هُوَ مَنْصُوب عَلَى الْمَصْدَر، وَأَصْله لَبًّا لَك فَثُنِّيَ عَلَى التَّأْكِيد أَيْ إِلْبَابًا بَعْدَ إِلْبَاب، وَهَذِهِ التَّثْنِيَة لَيْسَتْ حَقِيقِيَّة بَلْ هِيَ لِلتَّكْثِيرِ أَوْ الْمُبَالَغَة".
رفع الصوت بالتلبية
ونبه الدكتور محمد الشحات الجندي، عضو مجمع البحوث الإسلامية، على أن أفضل أنواع الحج ما اشتمل على رفع الصوت بالتلبية وإراقة دماء الهدي.
واستدل «الجندي» بما روي عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «سُئِلَ: أَيُّ الْحَجِّ أَفْضَلُ؟ فَقَالَ: الْعَجُّ وَالثَّجُّ»، موضحًا أن المقصود بـ«العج»: هو رفع الصوت بالتلبية باعتدال، أما «الثج» فإسالة دماء الهدايا -الذبائح-، وقال تعالى: «وَأَنزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ مَاء ثَجَّاجًا» أي سيالًا.