لاشك أنه ينبغي على الحجيج معرفة مكان الوقوف بعرفة حتى لا يفسد الحج ، حيث إن الوقوف بعرفة من أهم أركان الحج وأعمال اليوم التاسع من ذي الحجة ، وهو ما أرشدنا إليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأخبرنا عن مكان الوقوف بعرفة ليصح الحج على أكمل وجه ، فهو صلى الله عليه وسلم دائمًا ما يوصينا بكل ما فيه خير وفلاح لنا وينهانا عن كل ما فيه شر وبلاء وخسارة في الدنيا والآخرة.
مكان الوقوف بعرفة
قالت لجنة الفتوى التابعة لمجمع البحوث الإسلامية، إنه فيما ورد عن رسول الله –صلى الله عليه وسلم-، أنه يجوز للحاج أن يقف بأي موضع تيسر له من عرفة، باستثناء مكان واحد .
وأوضحت «البحوث الإسلامية» في إجابتها عن سؤال: «ما مكان الوقوف بعرفة؟»، أنه يجوز للحاج أن يقف بأي موضع تيسر له من عرفة إلا بطن عُرَنَةَ، مستشهدة بما قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : «عَرَفَاتٌ كُلُّهَا مَوْقِفٌ إلَّا بَطْنَ عُرَنَةَ».
وأضافت أنه قد وضعت الآن علامات تبين حدود عرفة فيجب على الحاج ألا يتجاوز هذه الحدود، ومن وقف خارج حدود عرفة، ولم يقف بها ــ فسد حجه بالاتفاق، منوهة بأن الوقوف بعرفة في يوم التاسع من ذي الحجة ركن من أركان الحج؛ لما ثبت من حديث عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ يَعْمَرَ، أنه قال: شَهِدْتَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: الْحَجُّ عَرَفَةُ، الْحَجُّ عَرَفَاتٌ مَنْ أَدْرَكَ عَرَفَةَ قَبْلَ أَنْ يَطْلُعَ الْفَجْرُ فَقَدْ أَدْرَكَ الْحَجَّ أَوْ تَمَّ حَجُّهُ.
وتابعت: يوم عرفة هو أفضلُ أيام السنة للدعاء، وهو مُعظم الحج، وفسره ذلك ابن علاّن بأن الوقوف بعَرَفَة معظم الحج؛ إذ بإدراكه يُدرك الحج، وبفواته يفوت، ولذا قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «الحج عَرَفَة»، وهو أفضل أركان الحج لتوقفه عليه، ولما فيه من الفضل العظيم والشرف العميم، ومقصودُه والمعوّل عليه.
الوقوف بعرفة من أعمال يوم التاسع
1- الوقوف بعرفة: هو أهم أركان الحج، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الحج عرفة".
وقته:أ- الأفضل: من بعد الزوال حتى بعد غروب الشمس، ب- الجائز: من طلوع شمس يوم التاسع حتى طلوع فجر يوم العاشر، ولو أدركت لحظة في هذا الوقت بعرفة فحجك صحيح، ولكن إن كانت هذه اللحظة قبل غروب الشمس فقط فعليك دم، وإن كانت بعد الغروب فلا شيء عليك، إلا أنه فاتك المبيت بمزدلفة فعليك دم لأجل مزدلفة لا لأجل عرفة.
- توجه إلى عرفة بعد شروق الشمس وصل فيها الظهر والعصر (جمع تقديم) على ركعتين ركعتين بأذان وإقامتين، وامكث فيها إلى غروب الشمس، وأكثر من الذكر والدعاء هناك، والسُّنَّة أن تستقبل القبلة عند الدعاء لا استقبال الجبل، ويستحب هذا الدعاء "لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير".
وعرفة كلها موقف، ولا يشرع صعود الجبل، ويستحب الإكثار من الدعاء والتضرع، ولا يشترط أن تكون واقفًا أو تحت الشمس، فلك أن تجلس وتستظل.
2- الإفاضة إلى مزدلفة:
أ- إذا غربت الشمس، اذهب إلى مزدلفة فإذا وصلتها صلِّ المغرب والعشاء (جمعًا وقصرًا بأذان واحد وإقامتين) قبل أن تحط رحلك، وقبل جمع الحصى.
ب- بِتْ في مزدلفة وصلِّ الفجر في أول وقته وأكثر من الدعاء والذكر حتى الإسفار (المبيت واجب حتى طلوع الفجر والأفضل حتى الإسفار)، ويجوز للضعفاء من الرجال والنساء أن يدفعوا في آخر الليل بعد غياب القمر لتجنب الزحام.
ج- التقط سبع حصيات لرمي جمرة العقبة الأولى، ومن أي مكان أخذتها جاز.د- اذهب إلى منى قبل طلوع الشمس.
حكم الوقوف بعرفة
وأفاد مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، بأن الوقوف بعرفة فرضٌ مؤقتٌ لا يتأدى في غير وقته كسائر الفرائض المؤقتة.
ونبه «الأزهر» في إجابته عن سؤال: «ما حكم من لم يدرك الوقوف بعرفة؟»، إلى أن من أحرم ولم يدرك الوقوف بعرفة تحلل بعمل عمرة، ولا يجزئه أن يقفَ بعرفة يوم النحر؛ لأن الوقوف بعرفة فرضٌ مؤقتٌ لا يتأدى في غير وقته كسائر الفرائض المؤقتة.
واستشهد بما أخرجه مالك والبيهقي، أَنَّ هَبَّارَ بْنَ الْأَسْوَدِ رضي الله عنه جَاءَ يَوْمَ النَّحْرِ وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه يَنْحَرُ هَدْيَهُ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، أَخْطَأْنَا الْعِدَّةَ ، كُنَّا نَرَى أَنَّ هَذَا الْيَوْمَ يَوْمُ عَرَفَةَ، فَقَالَ عُمَرُ رضي الله عنه: «اذْهَبْ إِلَى مَكَّةَ فَطُفْ أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ ، وَانْحَرُوا هَدْيًا ، إِنْ كَانَ مَعَكُمْ، ثُمَّ احْلِقُوا أَوْ قَصِّرُوا، وَارْجِعُوا، فَإِذَا كَانَ عَامٌ قَابِلٌ فَحُجُّوا وَأَهْدُوا، فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعَ» .
مدة الوقوف بعرفة
وبينت لجنة الفتوى التابعة لمجمع البحوث الإسلامية، إنه في اليوم التاسع من شهر ذي الحجة يقف الحجاج على جبل عرفات، حيث يعد الوقوف بعرفة من أهم أركان الحج.
ونوهت « البحوث الإسلامية» في إجابتها عن سؤال: « ما ضابط الوقوف المجزئ في يوم عرفة؟»، بأن المراد بالوقوف المجزئ بعرفة: اللبث فيها، فعلى أي وضع كان الحاج بعرفة أجزأه سواء كان ماشيا أم راكبا أم مضجعا أم نائما؛ يجزئه الوقوف.
وأشارت إلى أنه قال الجمهور: الوقوف المجزئ: الوقوف بعرفة أو المرور منها ولو للحظة . وضبطه المالكية بالطمأنينة: أَيْ اسْتِقْرَارٌ بِقَدْرِ الْجِلْسَةِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ.
فضل جبل عرفة
يعد مشعر عرفات من أهم المشاعر المقدسة التي يؤدي فيها المسلمون مناسك الحج، وهي مشاعر منى، ومزدلفة، وعرفات؛ لأن وقوف الحاج على صعيد عرفة ركن أساسي لا يكتمل أداء فريضة الحج بدونه، كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم- "الحج عرفة" (صححه الألباني).
و تكمُن أهمية جبل عرفاتٍ في أنّ الوقوف به في يوم عرفة ركنٌ من أركان الحج، وهو كلّ الحج وأهمّ أركانه؛ فقد ورد حديث شريف عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: (الحجُّ عرفةَ…)، فعلى هذه البقعة من الأرض -جبل عرفات- يجتمع حجّاج بيت الله الحرام في اليوم التاسع من شهر ذي الحجة، ويقع جبل عرفاتٍ على بُعد واحدٍ وعشرين كيلو مترٍ تقريباً من مكة المكرمة، بمساحةٍ إجماليةٍ تُقارب عشرة كيلو مترٍ ونصف مربع، وله حدود واضحةٌ.