قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

صدى البلد

نهال علام تكتب: حج القلوب

×

أيام مباركات تتطلع فيها قلوبنا لحدوث المعجزات، وإن كنا في زمان الماديات فما يُبقي إنسانيتنا أن تتعلق قلوبنا بالروحانيات.

أكرمنا رب البشر وفالق الحجر، من يرزق الطير على الشجر ويسبح بحمده الكون في وجل، فهو بارئه الذي لا يعرف العَجل، خالِقُنا.. لذا هو العالم بنا وأننا أضعف من هفوات نفسنا، وزلات أهوائنا، فكان كرمه لنا بأيام متواترات عظمها بمضاعفة الأجر وواسع الرحمات لننظر للسماوات، نتوب ونذوب في حلاوة استشعار النِعم واستصغار النِقم من مشكلات الدنيا الفانية، فنعود كمولود بلا ندوب نجدد مع الله العهود، ونقطع على أنفسنا الوعود ونسأله باسمه الصَمود أن يرزقنا الصُمود.

ولكننا بشر خطائين توابين، ذاهبين آيبين، ساكنين متحركين، صامدين منهارين، صامتين ثرثارين، مستبشرين مستنفرين، لذا لمحراب العفو سنظل ساعين، فكانت عطايا أكرم الأكرمين ساعات من الاستجابة والوعد بدعوة مجابة، في أوقات اختصها الله بالتشريف وذلك ليكون بعبده لطيف، ويذَكره أن الودود يذكُره، ها هو يناديه ويبحث عنه ويمد جناحه إليه يسأله أنا هنا فأين أنت يا عبدي عد لي فأنا الرافع الخافض، المعز المذل، العزيز الغفور، فأولى بك أن تكون لي عبد صبور الذي سأجعلك يوماً بفضله شكور فاقتنص تلك الأوقات الطيبة الطهور.

ومن فضل الله على عباده لحظات الفجر اليومية وساعات جوف الليل التي لا يدركها إلا العارفون، وهناك أيام الجمع الأسبوعية وشهر رمضان كهدية سنوية بما له من خفايا بهية، يتبعه عيد الاضحى كمنحة إضافية، يفوز فيها كل من ضحى بشوق وقناعة وهو يشعر باللطائف الربانية.

في ظني البسيط فكر لا أراه عبيط، أن الأضحية ليست حكراً على من يمتلك ثمنها، ولا سنة لمن اقتدر، بل في تلك الأيام المباركات الأضحية هي فرض علينا جميعا، فجميعنا مُقتدر، فقد يأتيها من ضحى بوقته لعمل الخير واسعاد الغير وراعي في عمله الضمير ولم يلتفت لوسواس الشيطان الحقير، فالأضحية ربما يجدها من رمم ألمًا وساعد حلماً ورسم ابتسامة وكانت ضحكته طاقة نور خلابة وهو يمِد يد العون في بسالة، الأضحية في صلاة يحيي بها الصلة ويحيا بها القلب كذو صلة فتفتح بها دروب النور ومنابر السرور.

الأضحية هي رمز للتضحية والتسليم الكامل لإرادة الله والثقة المطلقة في حكمته، والرضا بحكمه، واليقين بعفوه وعدله ورحمته، وليس فقط في مال زائد ينفق، وكل انفاق لوجه الله خالصاً دون نفاق بأمر من الله مقبول، وبكرمه سيُضاعِفُه لمن يشاء، لذا أقدم على الخير ولا تستضعفه.

توجه لله بالدعاء، أطلب وألح، اسأل وأنت موقن بالإجابة، وأن المنح عطاء والمنع سخاء، فلا تفقد الأمل والرجاء، وأنت ربك مالك الكون وما عليه، فلن يضيره إلا ضُرك، فتوكل عليه فهو نعم المولى والنصير وإليه المقادير والمصير، إليه نمضي ونسير.

يا الله.. ارزقنا تلك الدعوة التي تغير القدر وتعبد قلوب البشر وتلين الحجر، وتكون معينا عند الصبر..

إلهي.. لا تكلني لسواك ولا تحرمني علاك، ولاتترك أحلامي لبشر يا بازغ الشمس والقمر..

ربي.. اغفر لي إن لم يكن صنيعي على قدر يقيني، واشفع وارحم فأنت الأعلم كم نحبك..

يا نصيري..أنت متكأي وبصيري، سامحني عندما يراودني قلق على غَدِي ومصيري..

يا عدل.. تجاوز عن ضعف صمودي في تلك المرات التي تجاوزت فيها أدبي وحدودي وتطاولت بسؤالى وظنوني اتسائل عن عدلك، خجلى أنا مني فاغفر لحظات جنوني..

يا جبار القلوب.. أكيل لك أمر من تجبر على تلك القلوب، فلا حيلة لنا سواك، رُحماك رُحماك..

يا رحيم.. لا طاقة لنا بما أحاط بنا من أذية فادفع عنا بلطفك شر البلية، فأنت الأعلم أن صبرنا لا طاقة له بما لم نُحط به عِلماً، وهذا حال نبيك الذي تجليت له فما بال عبدك الذي أحبك لأنه يحبك..

يا من لا ملجأ منك إلا إليك.. ولا منجي من الكرب إلا بعفوك وبأيديك، لا تردني فأنا خائبة دون سندك خائرة بلا مددك حائرة فلا تحرمني عطفك فأنا بحبي لك ذائبة..

اسألك باسمك الأعظم.. ألا تغضب عندما تخور قواي وأزأر أين أنت يا الله! حاشاك أن يكون هذا شكاً، فما هو إلا إجلالاً لعظيم سلطانك، واستحضاراً لقدرتك وقوتك، فمن لي غيرك استجير به عندما يشتد الظُلم ظلماً،م والظَلام ظُلمة..

يا قوي.. تكفل بكل من ظن في نفسه أنه قوي، فالغنى بك والرضا بأن نكون الفقراء إليك والسعادة في السعى لك ونحن نتأرجح على حبل ذنوبنا خائفين، لكننا واثقين في سعتك يارب العالمين..

ارزقنا ياالله.. بسجدة طويلة تبلل فيها دموعنا قلوبنا، نتلمس فيها بعض راحة يارحيم في دار الكبد، فأرحنا بثباتنا على حبك ودوام يقيننا بعدلك، ولا تحرمنا حلاوة الصلاة والصبر والصيام، بما نحمله من هموم وألام تنسينا أحياناً لذة الإيمان..

يانور على نور.. ابعد عن قلبي الفتور، وارزقني الهمة في طاعتك، والجَلد على تجاوز كل جلاد نَصب نفسه متحدثاً باسمك، وهم يا منبع جلدي منتشرين في البلاد.

يا مالك السماوات.. ضاقت علينا الأرض بما رحبت، فلا تردنا بما صنعنا، فأنت إلهنا خالقنا وحسبنا، والأعلم بنا فلا تتركنا لضعف نفوسنا ولا سطوة أمنياتنا، واحمينا من شر بريق كاذب ووعد آشر وكل شيطان ماكر، بصرنا يا بصير وأجعلنا ممن كشفت عنهم غطائهم فكانت أبصارهم كالحديد..

ياودود..أفوض إليك مكر كل عدو لدود، لا يشغلني أمره فكيف ذلك وأنت موجود، فأنت حسبي وسندي يا حبيبي، أرجوك يا منقذي لا تطفئ صبري، ولا تحول يقِيني لجبل جليدي لن يَقيني.

يا خالقي.. ألهمنا الصبر والتسليم وماتطول علينا المقادير، وأرزقنا من الإجابات ماتمسح به حزن أيامنا وليالينا، وأرفع عن قلوبنا ما أثقلها، وأرفع عنا ما أطفأ الابتسامة في عينينا.

مُعيني.. أعلم أنها وإن طالت قصيرة، ولكن دقات يوم بلا أمل ثقيلة، فإن كانت صحفي خالية من الدواء فيا وكيلي لي رجاء أن تُعجل باللقاء، فما أصعب سجن أبوابه الأمنيات وجدرانه الذكريات وسجانه شبح لسنوات مرّت وهي تلوح دامعة بعد أن فرّت.

يا ذو الجلال.. أسألك مراتب الإحسان، بلغني إياها يا محسن العطاء، ومُحسِن الابتلاء، فكما أمرتني قد أحسنت لمن ظلمني، ولم أعذبهم إلا بالمزيد من الإحسان إليهم.

اشتاق لقائك ياحبيبي.. وانتظر بفارغ الصبر نصيبي من رشفة ماء اطمع فيها واحلم بها من يد رسولك الكريم وإن لم يكن لي عمل القاك به، فحسن ظني بك أنك لن ترد لعبادك عشم أن يلتقوك به..

ياالله دعوناك كما أمرتنا فاستجب لنا كما وعدتنا.. وأنت لا تُخلف وخير مُخلِف والمُعاقِب لمن أَخلف، يا من أنت أقرب إلي من وريدي، حجاج بيتك ببيتك، هم ضيوفك وإكرام الضيف حق فأكرمهم بتلبية دعواتهم ما دامت خيراً، وأكرم من حج إليك بقلبه وذلك ما استطاع إليه من سبيل، وأنت المُطلع ولست بحاجة لدليل.

كل عام ونحن جميعاً بكل خير، وقادر أن يبدِل الحال لأحسن وأجمل الأحوال في طرفة عين، أو بين سجدتين، ربما كل ما يحتاجه الأمر لحظة دعاء يغلب فيها اليقين، أن الأمر كله بيد رب العالمين، وكلنا في نهاية الأمر راحلين ولن يبقى سوى وجهه الكريم، وهذا يا إلهي الفوز الأكبر فلا تحرمنا بجهلنا ولا تحرقنا بندمنا، وتقبلنا واهدنا وتب علينا وارحمنا مِن جفاء مَن حولنا وخواء نظراتنا، وعواء أحلامنا وفراغ قد يصيب قلوبنا، وشقاء بعدنا عنك، وعناء وحدتنا دونِك، فحسبنا أنت ووكيلنا فلا تكلنا لأنفسنا للحظة واحدة.