شهدت العاصمة الأرجنتينية بوينس آيرس، موجة غضب واسعة، ومظاهرات حاشدة، تخللها اشتباكات عنيفة مع الشرطة، وذلك رفضا للإصلاحات الاقتصادية التى اقترحها الرئيس الجديد خافيير مايلي، وسط اتهامات بأنها ستضر ملايين من فقراء الشعب، كونها لا تراعى العدالة الاجتماعية، وهو ما يزيد من الضغوط الاقتصادية على الشعب الأرجنتينى فى ظل سرطان التضخم، والذى وصل لـ300%.
[[system-code:ad:autoads]]
وقد تزامنت موجة الغضب الشعبية، مع موافقة مجلس الشيوخ الأرجنتيني بفارق ضئيل على حزمة الإصلاحات الاقتصادية المثيرة للجدل، والتي قدمها الرئيس خافيير مايلي، حيث تم إجراء التصويت وسط اندلاع اشتباكات عنيفة بين المتظاهرين وشرطة مكافحة الشغب خارج الكونجرس.
[[system-code:ad:autoads]]
ساحة معركة ... قنابل حارقة وحجارة
وبحسب تقرير الشبكة البريطانية، فقد ألقى المتظاهرون في بوينس آيرس - الذين يقولون إن الإجراءات ستضر بملايين الأرجنتينيين - قنابل حارقة وحجارة، مما أدى إلى إشعال النار في السيارات، فيما وردت أنباء عن إصابة عدد من الأشخاص، ووصفت وسائل الإعلام المحلية مكان الحادث يوم الأربعاء بأنه "ساحة معركة"، فيما استخدمت الشرطة الغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه على المتظاهرين الذين بدورهم ألقوا القنابل الحارقة والحجارة
وقبل إقرار مشروع القانون، اندلعت اشتباكات عندما حاول المتظاهرون شق طريقهم نحو الكونجرس، وبحسب ما ورد أُضرمت النيران في مركبتين، بما في ذلك مركبة تابعة لمؤسسة إخبارية، وقبيل إقرار مشروع القانون في مجلس الشيوخ، هتف المتظاهرون: "الوطن ليس للبيع، الوطن يُدافع عنه"، بينما كُتب على إحدى اللافتات: "كيف يمكن لرئيس دولة أن يكره الدولة؟".
إصابات بين المواطنين والنواب والشرطة
واندلعت المشاجرات عندما حاول المتظاهرون شق طريقهم نحو الكونجرس عبر الأسوار، حيث قام المتظاهرون بإلقاء الحجارة على الضباط الذين رشوهم بالفلفل، وقال مراقبون ونواب معارضون إن عشرات المتظاهرين وحفنة من النواب تلقوا رعاية طبية. وقالت النائبة سيسيليا مورو لوكالة فرانس برس للأنباء إن خمسة نواب معارضين على الأقل كانوا في الحشد نقلوا إلى المستشفى.
وقال مسؤولون إن ما لا يقل عن 20 شرطيا أصيبوا أيضا، وقالت قوات الأمن إنها اعتقلت 15 شخصا، ونقلت وكالة فرانس برس عن فابيو نونيز، وهو محام محتج يبلغ من العمر 55 عاما، قوله: "لا يمكننا أن نصدق أننا نناقش في الأرجنتين قانونا سيعيدنا 100 عام إلى الوراء".
الرئيس يشكر الشرطة على قمع المظاهرات
من جانبه أصدر مكتب الرئيس ميلي بيانا شكر فيه قوات الأمن على قمع من وصفهم بـ "الإرهابيين" الذين يحاولون تنفيذ انقلاب، وقال مايلي في مؤتمر في بوينس آيرس: "سنغير الأرجنتين، وسنجعلها الدولة الأكثر ليبرالية في العالم"، وقد كان مجلس النواب قد وافق على مشروع القانون المثير للانقسام الشديد في أبريل الماضي، بعد إدخال تعديلات كبيرة عليه.
وكان قد وصل مايلي إلى منصبه في عام 2023 بعد أن تعهد بأخذ المنشار في الإنفاق العام، وأثناء حملته الانتخابية، قام حتى بالتلويح بالمنشار أثناء إلقاء خطاب يرمز إلى تصميمه على القيام بذلك، ومنذ ذلك الحين، قام بخفض الحكومة إلى النصف، وخفض 50 ألف وظيفة عامة، وعلق عقود الأشغال العامة الجديدة، وألغى دعم الوقود والنقل.
سرطان التضخم وتفاصيل الإصلاحات
وتشمل الإصلاحات، التي تهدف إلى إنعاش الاقتصاد المتعثر في البلاد، إعلان حالة الطوارئ الاقتصادية وخفض معاشات التقاعد وتخفيف حقوق العمال، وقد تم انتخاب مايلي، وهو خبير اقتصادي يميني، في خضم أزمة اقتصادية عميقة لا يزال يكافح من أجل وقفها بعد ستة أشهر من توليه منصبه، ويقترب معدل التضخم السنوي حالياً من 300%، في حين يعيش أكثر من نصف الأرجنتينيين الآن في فقر، وقد لاقت إجراءات مايلي "الصادمة" معارضة من الأحزاب السياسية اليسارية والنقابات العمالية والمنظمات الاجتماعية.
ولكن الاقتراح، الذي كان متعادلا في البداية بأغلبية 36 صوتا مقابل 36 في مجلس الشيوخ، تم إقراره مبدئيا يوم الأربعاء بعد أن كسرت رئيسة المجلس، نائبة الرئيس فيكتوريا فيلارويل، التعادل، وقالت فيلارويل بعد كسر التعادل: "بالنسبة للأرجنتينيين الذين يعانون، والذين ينتظرون، والذين لا يريدون رؤية أطفالهم يغادرون البلاد... تصويتي بالإيجاب".
وستتم الآن دراسة مشروع القانون المؤلف من 328 مادة نقطة بنقطة قبل الموافقة الكاملة المتوقعة عليه يوم الخميس، وسيعود بعد ذلك إلى مجلس النواب للحصول على الضوء الأخضر النهائي.
وكان قد تعهد الرئيس بتعهدات أخرى قدمها أثناء حملته الانتخابية، مثل استبدال البيزو بالدولار الأمريكي وإلغاء البنك المركزي، ولكنه تراجع عنها مؤخراً، والمشكلة بالنسبة للرئيس هي أن ائتلافه "لا ليبرتاد أفانزا" (باللغة الإنجليزية - تقدم الحرية) لا يحظى بالأغلبية في الكونجرس الأرجنتيني، وقد وجدت صعوبة في إبرام صفقات بين الأحزاب، وهو يريد من الكونجرس أن يمنحه سلطة خصخصة أكثر من عشرين شركة مملوكة للدولة، بما في ذلك شركة الطيران الحكومية، والسكك الحديدية، والخدمة البريدية، ومورد المياه الوطني.