لا أسوأ من نبوءات الشؤم حول العالم، وتزايد حدة الحروب هو الشؤم بعينه، ولكن هذا ما تروج له الصحف الامريكية خلال تلك الأيام، والحديث عن اشتداد الحرب فى أوكرانيا هذا الصيف، وذلك مع دخول أسلحة بـ60 مليار دولار على الجبهة، وهى قيمة المساعدات الأمريكية الأخيرة التى تم الإعلان عنها لصالح كييف، والتى تتضمن أسلحة من المنتظر أن تستهدف عمق الأرضى الروسية، وهو تطور خطير يثير تخوفات من ردود الفعل الروسية.
[[system-code:ad:autoads]]
وبحسب تقرير نشرته صحيفةNPR الأمريكية، فإن حزمة المساعدات العسكرية الأميركية التي تبلغ قيمتها 60 مليار دولار تشق طريقها تدريجياً إلى أوكرانيا، وقد أجرى البيت الأبيض تحولات تدريجية بشأن قدرة أوكرانيا على استهداف روسيا مباشرة ــ وهي التطورات التي ستكون لها تداعيات عميقة لسنوات قادمة، وعلى الفور، يميل القتال في الحرب الروسية الأوكرانية إلى التصاعد خلال فصل الصيف، عندما يسهل الطقس الأكثر دفئا وجفافا على الجانبين المناورة، وذلك مع أخذ كل ذلك في الاعتبار، وإليك خمس مناطق وموضوعات رئيسية يجب أن تكون على دراية بها خلال الأشهر المقبلة:
[[system-code:ad:autoads]]
المعركة على خاركيف ولماذا يهم ذلك
حاول الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الاستيلاء على خاركيف، ثاني أكبر مدينة في أوكرانيا، في بداية الغزو الشامل في أوائل عام 2022، لكنه فشل، وتحاول روسيا من جديد التحرك نحو المدينة التي تبعد مسافة قصيرة عن الحدود مع روسيا، والقتال الأعنف في الوقت الحالي يدور خارج خاركيف، ويقول فريد كاجان، أحد كبار الزملاء ومدير مشروع التهديدات الحرجة في معهد أمريكان إنتربرايز، إن هناك تفسيرين معقولين لسبب استهداف روسيا لمدينة خاركيف، أولاً، ربما تحاول روسيا تضييق خطوط أوكرانيا في مختلف أنحاء البلاد من خلال إرغام أوكرانيا على نقل قواتها من مناطق أخرى إلى منطقة خاركيف.
وتابع: "ثانياً، ربما تحاول روسيا الاقتراب بدرجة كافية من المدينة حتى تتمكن من استخدام المدفعية التقليدية لإبقاء المدينة تحت هجوم مستمر، وفي الوقت الحالي، لا يزال يتعين على روسيا الاعتماد على الصواريخ والقذائف بعيدة المدى"، ويضيف كاجان: "إذا تمكنوا من القيام بذلك، فسيكونون في وضع يسمح لهم بالبدء في إلحاق أضرار جسيمة بالمدينة، أكبر بكثير من حملتهم الصاروخية المستمرة، ولن يكون هذا الضرر الذي يلحق بالمركز الاقتصادي والثقافي ماديًا فقط: إن إسقاط المدينة التي فشل بوتين في الفوز بها ذات يوم سيكون بمثابة ضربة رمزية للأوكرانيين".
ضوء أخضر باستهداف عمق الأراضي الروسية
وبحسب الصحيفة الأمريكية، فقد كانت الهجمات المنسقة التي شنتها روسيا في خاركيف وما حولها سبباً في إحداث تغيير في سياسة الولايات المتحدة، فقد أعلنت إدارة بايدن في أواخر مايو أنها ستسمح لأوكرانيا بإطلاق النار على أهداف داخل روسيا قريبة من الحدود الأوكرانية الروسية، وفي السابق، كانت الولايات المتحدة مصرة على عدم استخدام الذخائر الأمريكية لضرب الأراضي الروسية، وقال اللفتنانت جنرال الأمريكي المتقاعد بن هودجز عن السياسة الأمريكية: "لم يكن هناك أي سبب قانوني أو أخلاقي أو عسكري لعدم السماح لأوكرانيا بالقيام بذلك، وأعتقد أن الإدارة الأمريكية كانت مفرطة الحذر، خوفاً من أن تقوم روسيا بطريقة أو بأخرى بالتصعيد أو استخدام سلاح نووي رداً على ذلك".
ويضيف هودجز، أن الأوكرانيين لم يضيعوا أي وقت في هذه السياسة الجديدة، وقد دمروا بالفعل الأنظمة الروسية وأسلحة الدفاع الجوي، ولكن الموقف الجديد لا يصل إلى حد السماح باستخدام هذه الأنواع من الأسلحة في أي مكان آخر، ويقول هودجز إن هذا "قصر نظر - بالمعنى الحرفي والمجازي، وفيما يخص حدود العمليات العسكرية الأوكرانية فالروس بالطبع سيتكيفون مع ذلك وسيكتشفون أين توجد الفجوات".
حسابات وحشية للحرب ومزيد من القوى البشرية
ويبدو أن كلا الجانبين بحاجة إلى المزيد من القوات، إذ تكافح أوكرانيا لتجنيد المزيد من المقاتلين، في حين تخسر روسيا أعدادا كبيرة من قواتها طوال القتال العنيف، وقال هودجز عن الجيش الروسي إن روسيا "تخسر أكثر من ألف قتيل يوميا، وإنهم غير قادرين على الهجوم بنفس القوة التي كانوا عليها من قبل،".
فيما يقول الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في ديسمبر إن الجيش الأوكراني يطمح إلى تجنيد 500 ألف جندي إضافي ، وأصدر برلمان البلاد قانونًا يخفض سن تجنيد الجنود من 27 إلى 25 عامًا.
رهان بوتين على النصر في نهاية المطاف
وقال بوتين مؤخراً إنه مستعد للتفاوض على وقف إطلاق النار، ولكن هودجز رفض ذلك، وقال: "إنه يتصيد، وإنه مجرد جزء من الاستخدام الروسي للمعلومات المضللة"، وأضاف: "إنه غير مهتم بوقف إطلاق النار إلا إذا أدرك أن قواته في ورطة وأنها تحتاج إلى بعض الوقت لإعادة تجميع صفوفها".
فيما يقول كاجان، من معهد أميركان إنتربرايز، إن بوتين يبدو أكثر ثقة بآفاقه في ساحة المعركة، ويشير كاجان إلى الخطاب الأخير لبوتين وكبار المسؤولين الروس، والذي يشير إلى أنهم على استعداد متزايد لتحمل مخاطر كبيرة لتحقيق مكاسب على الأرض - حتى لو كان ذلك يعني خسارة القوات، قال: "إذا كان بوتين واثقًا من أن الأوكرانيين لن يتمكنوا أبدًا من استعادة أي شيء يستولي عليه، فمهما كان ثمن الضحايا، فإن ذلك يدفع مقابل مكاسب صغيرة".
ويوضح كاجان أن بوتين يأمل أن يتضاءل الدعم الأمريكي لأوكرانيا بحلول هذه المرحلة، فهو يعتقد أن التعديل الأخير الذي أجراه بوتين لوزراء الدفاع يظهر أنه ينوي ممارسة اللعبة الطويلة الأمد، وأضاف: "أعتقد أنه لا يزال يعتقد أنه قادر على كسر إرادة الولايات المتحدة، وأنه يستطيع فقط أن يجعل قواته تستمر في الزحف إلى الأمام، ولو ببطء، لكنها ستصل إلى هناك في النهاية، وبوتين يعد روسيا لتكون قادرة على مواصلة هذه الحرب إلى أجل غير مسمى".
مد وجزر الدعم الأمريكي للحرب
ويقول كل من كاجان وهودجز إن الولايات المتحدة والحلفاء الغربيين الآخرين بحاجة إلى إظهار دعم أقوى بكثير تجاه أوكرانيا عسكريا، فأولوية إدارة بايدن هي منع أي تصعيد من قبل روسيا، ولكن كاجان قال إن نجاح أوكرانيا يعتمد على المزيد من الدعم المنسق من الولايات المتحدة.
ويوضح كاغان: "أعتقد أن ما يحتاج الأميركيون إلى استيعابه هو أن نتيجة هذه الحرب لا تزال تعتمد بشكل كبير على الخيارات التي نتخذها، فإذا زودنا أوكرانيا بالمواد التي تحتاجها، وقام الأوكرانيون بالأشياء التي يتعين عليهم القيام بها، فمن المحتمل جدًا أن يتمكن الأوكرانيون من تحرير أجزاء من بلادهم ذات أهمية بالغة"، وحذر كاجان من أنه إذا قطعت الولايات المتحدة مساعدتها لأوكرانيا مرة أخرى أو بشكل دائم، فإن الروس يمكن أن يتغلبوا بسهولة على أوكرانيا، وقال: "علينا ألا نكون راضين بأي شكل من الأشكال عن هذه الحرب."