مع قرب دخول الحرب في السودان شهرها الخامس عشر -والتي اندلعت في الخامس عشر من شهر أبريل 2023- واصلت جامعة الدول العربية جهودها لرأب صدع الحرب، ووقف القتال الدائر في السودان بين أبناء الوطن الواحد: القوات المسلحة السودانية بقيادة عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو، والتي وصفها الجيش السوداني بأنها قوات متمردة.
[[system-code:ad:autoads]]
ومنذ اندلاع الحرب التي وصفت بأنها غير مسبوقة في تاريخ السودان الحديث، راح ضحيتها في أقل تقدير حوالي خمسة عشر ألف شخصاً حتى الآن، وعشرة ملايين تشردوا بعيداً عن مساكنهم ومدنهم وقراهم، بجانب هدم لمؤسسات الدولة السودانية وتدمير للمصالح العامة والخاصة.
[[system-code:ad:autoads]]
وإدراكا من جامعة الدول العربية لأهمية تكثيف وسائل التنسيق والتعاون بين المنظمات الإقليمية والدولية ورعاةالمبادرات الرئيسية الرامية إلى تحقيق وقف شامل لإطلاق النار، وتعزيز حوار سياسي سوداني شامل، واستعادة السلام والاستقرار في السودان،عقدت الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، اجتماعا تشاوريا بشأن تنسيق مبادرات وجهود السلام في السودان، والذي دعا إليه الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، لتعزيز تنسيق مبادرات وجهود السلام لصالح السودان.
مشاركة واسعة للأطراف المعنية بالسودان
شارك في الاجتماع الذي ترأسه الأمين العام لجامعة الدول العربية،على مستوى كبار المسئولين، المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة للسودان رمطان العمامرة، ووزير الخارجية البحريني عبد اللطيف الزياني رئاسة الدورة 33 لجامعة الدول العربية، والاتحاد الأفريقي، والهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية (الايجاد) والاتحاد الأوروبي، والجمهورية العربية الإسلامية الموريتانية رئاسة الاتحاد الأفريقي، وجمهورية جيبوتي رئاسة الايجاد، وجمهورية مصر العربية والمملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأمريكية.
وفي كلمته، أكد الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، أن هذا الاجتماع الذي دعت إليه الجامعة العربية يأتي في ظل حرب غير مسبوقة في تاريخ السودان الحديث تدور أحداثها منذ أربعة عشر شهراً، راح ضحيتها في أقل تقدير حوالي 15 ألف شخص حتى الآن، وعشرة ملايين تشردوا بعيداً عن مساكنهم ومدنهم وقراهم، مع إسقاط واستهداف متعمد لمؤسسات الدولة وبخاصة في العاصمة الخرطوم، وعمليات تطهير عرقية بشعة عادت لتطل برأسها من جديد في دارفور وكردفان، بالإضافة إلى انتهاكات بالجملة لحقوق الإنسان الأساسية وصلت إلى حد ارتكاب مجازر يندى لها الجبين كما حدث في ولاية الجزيرة الأسبوع الماضي، ومجاعة توشك أن تفتك بشعب هذا البلد الذي اشتهر بكونه سلة خبز أفريقيا والوطن العربي.
أبو الغيط: حرب السودان تشهد عمليات تطهير عرقية واسعة ومجازر يندى لها الجبين ومجاعة تفتك بشعبها
وركز أبو الغيط، على أن استمرار هذه الحرب يعني استمرار تآكل قدرات الدولة السودانية على أداء مسئولياتها، وإجبار الأجيال السودانية الحالية والقادمة على التشرد فراراً من أتون الصراع.
وقال إن إنهاء الأزمة هو أساساً مسئولية النخب السودانية، إلا أن المجتمع الدولي بمنظماته الدولية والإقليمية، عليه أيضاً مسئولية كبيرة تمليها قراراته ومواثيقه بضرورة بذل كل المساعي لاستعادة الاستقرار في هذا البلد والحفاظ على السلم والأمن الإقليمي، والحيلولة دون سقوط الدولة السودانية ومؤسساتها، وهو ما يقتضي أن توحد كل الجهود لأنه ليس من الحكمة أن تظل مبعثرة، وليس من الصواب أن تمضي تلك المساعي دون تنسيق كافٍ يضمن تناغمها ويوحد الرسالة الدولية والإقليمية لإنهاء الأزمة السودانية، وليس من المقبول أن نسمح بأن يكون قادم الأمور في السودان هو الأسوأ.
وبين أبو الغيط، أن هدف الاجتماع تبادل وجهات النظر واستخلاص الدروس من مبادرات السلام والمساعي الحميدة والوساطات المبذولة، ومناقشة السبل المبتكرة لتعزيز آليات التنسيق وتناغم الجهود للتغلب على الصعوبات والتحديات الرئيسية
وزير الخارجية البحريني: إطالة الحرب لن تؤدي إلا زيادة معاناة الشعب السوداني.. ولابد من هدنة إنسانية خلال عيد الأضحى
من جانبه، طالب وزير الخارجية البحريني عبد اللطيف الزياني، بهدنة إنسانية خلال أيام عيد الأضحى بين الأطراف المتنازعة في السودان، مشددا على ضرورة إبلاغ تلك الأطراف بوضوح أن استمرار الحرب والدمار لن يؤدي إلا إلى إطالة معاناة الشعب السوداني، خاصة أن السودان وشعبه الشقيق يعانيان من أزمة إنسانية خطيرة نتيجة للعمليات العسكرية المستمرة التي أدت إلى سقوط كل تلك الأعداد من الضحايا المدنيين والنزوح والدمار ونقص حاد في الموارد الأساسية مثل الغذاء والمياه والرعاية الصحية، ولابد من العمل معاً لإيجاد السبل لإنهاء معاناة الملايين من السودانيين.
وقال الزياني إن في القمة العربية 33 "قمة البحرين" والتي عقدت مؤخراً، أكد فيها القادة العرب جميعاً أهمية التضامن مع السودان، ودعوا الأطراف المتنازعة على الانخراط الجاد والفعال مع مبادرات تسوية الأزمة، مثل محادثات جدة ومبادرة دول جوار السودان وغيرها.
وأكد أن إعلان جدة الإنساني، وهو جهد مشترك بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة، كان بمثابة منارة أمل للسودان، إلا أن الفشل في الالتزام ببنوده سمح للحرب المدمرة بالاستمرار، مما تسبب في المزيد من الأذى للمدنيين وانتهاك القوانين والمبادئ الدولية.
وطالب وزير الخارجية البحريني بضرورة اتخاذ إجراءات فورية لوقف المعاناة في السودان، مشيرا إلى أنه لا يمكن تحقيق ذلك إلا من خلال جهد جماعي يضم جميع الأطراف الملتزمة بإنهاء الأزمة، بدعم من الهيئات الإقليمية والدولية ذات الصلة، داعيا إلى تشجيع العودة إلى طاولة المفاوضات من أجل التوصل إلى حل سلمي، عبر منتدى جدة ودول الجوار، وحشد الدعم الإقليمي والدولي للتوصل إلى حل سياسي، وممارسة الضغط على جميع الأطراف لوقف القتال، فضلا عن تنفيذ المبادرات الاقتصادية لدعم الاقتصاد وبرامج التنمية في السودان، وضمان إيصال المساعدات الإنسانية بشكل آمن لتخفيف معاناة المدنيين، ودعوة المجتمع الدولي، بما في ذلك مجلس الأمن، إلى إصدار قرار ملزم بوقف القتال واحترام القوانين الدولية، ودعم اللاجئين السودانيين في الدول المجاورة وتقديم المساعدات المالية للدول المضيفة.