ما هي أعظم الأيام عند الله ولماذا اجتمعت في ذي الحجة؟ سؤال يشغل الأذهان وربما يغفله الكثيرون أيضا، فمع دخول عشر ذي الحجة الأول، يتسابق المسلمون بين حجاج وغير حجاج على اغتنام ما في العشر الأول من أعمال مستحبة في أعظم الأيام عند الله، حيث جاء في السنة المطهرة ما يبين فضل عشر ذي الحجة ويوم عرفة، ويوم النحر ويوم القر، فكيف اغتنم أعظم الأيام عند الله؟
[[system-code:ad:autoads]]
ما هي أعظم الأيام عند الله؟
يقول الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إن من أيام الله المشهودة يوم النحر، وهو العاشر من ذي الحجة، وقد سماه الله تعالى «يوم الحج الأكبر»، حيث قال: {وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ} ، وكذلك سماه الرسول الكريم ﷺ بهذا الاسم، فقد روى ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي ﷺ وَقَفَ يَوْمَ النَّحْرِ بَيْنَ الجَمَرَاتِ فِي حجة الوداع، وَقَالَ: «هَذَا يَوْمُ الحَجِّ الأَكْبَرِ» [رواه البخاري].
[[system-code:ad:autoads]]
ويوم النحر من أعظم الأيام عند الله تعالى، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أَعْظَمُ الْأَيَّامِ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمُ النَّحْرِ، ثُمَّ يَوْمُ الْقَرِّ» [صحيح ابن خزيمة]، والمراد بـ«يوم القَرِّ» بفتح القاف وتشديد الراء هو: اليوم الذي يلي يوم النحر.
ويوم النحر عيدٌ من أعياد المسلمين، قال رسول الله ﷺ: «إِنَّ يَوْمَ النَّحْرِ وَيَوْمَ عَرَفَةَ وَأَيَّامَ التَّشْرِيقِ، هُنَّ عِيدُنَا أَهْلَ الْإِسْلَامِ، وَهُنَّ أَيَّامُ أَكَلٍ وَشُرْبٍ» [مسند أحمد].
أفضل الأعمال في أعظم الأيام عند الله
ويضيف علي جمعة: هو موسم مبارك للتقرب إلى الله تعالى، وطلب مرضاته، حيث يمارس الحاج فيه أعمالاً كثيرة أثناء أداء فريضة الحج، كالصلاة والتكبير ونحر الهدى.. إلى غير ذلك من مناسك، كما أن غير الحاج يمارس فيه أعمالاً كثيرة أيضاً من صلاةٍ وذكرٍ وتكبيرٍ، وتقربٍ إلى الله تعالى بذبح الأضاحي، وقد سأل الصحابة رضوان الله تعالى عليهم النبي ﷺ عن سنة الأضحية وثوابها، فأجابهم بقوله: «سُنَّةُ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ» قَالُوا: «مَا لَنَا مِنْهَا؟ قَالَ: بِكُلِّ شَعْرَةٍ حَسَنَةٌ» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ فَالصُّوفُ؟ قَالَ: «بِكُلِّ شَعْرَةٍ مِنَ الصُّوفِ حَسَنَةٌ» [مسند أحمد]، وإهراق الدم في أيام عيد الأضحى عمل يحبه الله تعالى ويجزل الثواب العظيم لمن قام به، قال رسول الله ﷺ : «مَا عَمِلَ آدَمِيٌّ مِنْ عَمَلٍ يَوْمَ النَّحْرِ أَحَبَّ إِلَى اللَّهِ مِنْ إِهْرَاقِ الدَّمِ، إِنَّهُ لَيَأْتِي يَوْمَ القِيَامَةِ بِقُرُونِهَا وَأَشْعَارِهَا وَأَظْلَافِهَا، وَإنَّ الدَّمَ لَيَقَعُ مِنَ اللَّهِ بِمَكَانٍ قَبْلَ أَنْ يَقَعَ مِنَ الأَرْضِ، فَطِيبُوا بِهَا نَفْساً» [سنن الترمذي].
وللتضحية آداب ينبغي مراعاتها، منها: التسمية والتكبير، والإحسان في الذبح بحدِّ الشفرة وإراحة الذبيحة والرفق بها، وإضجاعها على جنبها الأيسر موَّجهة إلى جهة القبلة لمن استطاع.. إلى غير ذلك من الآداب والسنن، وجدير بالمسلم ألا يغفل أن المقصود من ذلك كله هو تعظيم الله تعالى، وإظهار الشكر له، والامتثال لأمره سبحانه، قال تعالى: {لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ}.
ومن السنة في الأضحية أن يوسع المسلم (المضحي) على جيرانه وأقاربه وعلى فقراء المسلمين، وعلى نفسه، حيث يسن له أن يقسمها أثلاثاً: ثلث لنفسه وأهله، وثلث لجيرانه وأقاربه، وثلث للفقراء والمساكين.
وفي ذلك ما فيه من نشر المحبة ورجوع الألفة والوداد بين الأقارب والأهل والجيران، بل إن شئت فقل بين عموم المسلمين، والمسلم مأمور بصلة الرحم في كل حينٍ غير أنها تتأكد في الأيام المباركة.
وقد بيَّن الإسلام ما لصلة الأرحام من مكانة رفيعة وآثار طيبة في المجتمع، سواء كانت بالكلمة الطيبة أو بالمساعدة والمعونة أو بالرعاية والتقدير في كثير من المواطن، فقد جاء رَجُلٌ إلى النَّبِيِّ ﷺ يسأله قائلا: أَخْبِرْنِي بِمَا يُقَرِّبُنِي مِنَ الْجَنَّةِ، وَمَا يُبَاعِدُنِي مِنَ النَّارِ.. فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «تَعْبُدُ اللهَ لَا تُشْرِكُ بِهِ شَيْئاً، وَتُقِيمُ الصَّلَاةَ، وَتُؤْتِي الزَّكَاةَ، وَتَصِلُ الرَّحِمَ» (متفق عليه)، وقد حذَّر الله تعالى قاطع الرحم بسوء المصير بقوله: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ} ، كما وعده الرسول الكريم بأنه محروم من الجنة بقوله: «لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ قَاطِعُ رَحِمٍ» [صحيح مسلم]، ولا يحسبن المسلم أن صلة الرحم تقتصر على من يصلونه ويزورونه فقط، بل الصلة المقصودة تشمل جميع الأقارب بمن فيهم من لا يزوره أو يسأل عنه، قال رسول الله ﷺ: «إِنَّ الرَّحِمَ مُعَلَّقَةٌ بِالْعَرْشِ، وَلَيْسَ الْوَاصِلُ بِالْمُكَافِئِ، إِنَّ الْوَاصِلَ إِذَا قُطِعَتْ رَحِمَهُ وَصَلَهَا» [شعب الإيمان].