يوم التروية هو اليوم الثامن من ذي الحجة، وينطلق فيه الحجاج إلى منى، ويحرم المتمتع بالحج، أما المفرد والقارن فهما على إحرامهما، ويبيتون بمنى اتباعا للسنة، ويصلون فيها خمس صلوات: الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر، وهذا الفجر هو فجر يوم عرفة.
[[system-code:ad:autoads]]
بدأ النبي (صلى الله عليه وسلم) حجة الوداع ب يوم التروية، وهو رواية وسقاية الحجيج يوم الثامن من ذي الحجة في "منى"، حيث طاف خيام الحجاج ليؤكد حرمة الدماء والعفو والتسامح ومبادئ سيادة القانون وحرمة العرض، وقال لهم: "إن الشيطان يئس أن يعبد في أرضكم هذا، ولكنه رضي فيما أقل من ذلك مما تحتقرون من الأعمال".
[[system-code:ad:autoads]]
النبي بشر المسلمين بأن الأجيال القادمة لن تعود لعبادة غير الله أو عبادة الشيطان مرة أخرى، وكأنه يطمئن المسلمين على أولادهم وأحفادهم ويزرع الأمل في نفوس الناس بشكل واقعي بتنبيه على عدم إهمال هذا الأمر والحذر من الوقوع في براثن الشيطان.
وقضى النبي يوم الثامن من ذي الحجة في "منى" (يوم التروية) في مقابلة المسلمين الذين لم يقابلهم قط، وأوتي له ببعير حتى يستطيع الناس رؤيته والحديث معه، وسؤاله في مناسك الحج.
كما بشر النبي الكريم، المسلمين في حجة الوداع قائلا: "الحجاج والعمار وفد على الله تعالى.. إذا دعوه أجابهم وإذا سألوه أعطاهم".
وقال: "إن أفضل الحج العج والثج"، والعج هو رفع الصوت بالتلبية والثج هو الذبح والأضحية، فكان الحبيب يكثر من التلبية والحمد لله والشكر على نعمه سبحانه وتعالى.
لماذا سمي يوم التروية بهذا الاسم
سمي يوم التروية بهذا الاسم لأن الحجاج كانوا يروون فيه من الماء من أجل ما بعده من أيام؛ قال العلامة البابرتي في "العناية شرح الهداية" وقيل: إنما سمي يوم التروية بذلك؛ لأن الناس يروون بالماء من العطش في هذا اليوم يحملون الماء بالروايا إلى عرفات ومنى.
وقيل إنه سمي بذلك لحصول التروي فيه من إبراهيم في ذبح ولده إسماعيل عليهما السلام؛ قال العلامة العيني في "البناية شرح الهداية" إنما سمي يوم التروية بذلك؛ لأن إبراهيم صلى الله عليه وآله وسلم رأى ليلة الثامن كأن قائلا يقول له: "إن الله تعالى يأمرك بذبح ابنك"، فلما أصبح رؤي، أي: افتكر في ذلك من الصباح إلى الرواح؛ أمن الله هذا، أم من الشيطان؟ فمن ذلك سمي يوم التروي".
أعمال يوم التروية
يخرج الحاج من مكة في حدود الساعة التاسعة العاشرة صباحا متوجها إلى منى في يوم التروية وهو اليوم الثامن، وهناك يصلي الظهر والعصر والمغرب والعشاء وفجر اليوم التاسع وهو يوم عرفة وهو في منى، وهناك أعمال مستحبة في يوم التروية وهي: الإحرام -نية الدخول في نسك الحج- يحرم في صبيحة يوم التروية بعد تحلله من العمرة، ويمكن الإحرام بعد الظهر أو بعد العصر أو في يوم عرفة.
ومن أعمال يوم التروية النزول في منى، فيتوجه الحج إلى منى لينزل فيها تحضيرا لإتمام مناسك الحج، وكذلك من أعمال يوم التروية الصلاة: يصلي الحجاج الصلوات الخمس على أوقاتها قصرا وليس جمعا، فيصلي الظهر ركعتين والعصر ركعتين والعشاء ركعتين، أما الفجر والمغرب فلا يجوز قصرهما.
ويبيت الحجاج في منى ليلة التاسع من ذي الحجة وهذا من السنة، إذ إنه ليس بواجب، وأيضا من أعمال يوم التروية الذكر والتكبير والتهليل والتحميد، ويستمر الحجاج بالتلبية «"لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك».
حكم من لم يذهب ل منى يوم التروية
ومن لم يذهب في يوم التروية لا شيء عليه؛ لأنه هيئة من هيئات الحج، لا هي فرض، ولا هي واجب؛ إنما هي سنة وهيئة، موضحا أنه بعد ذلك سواء من كان في مكة (كمن لم يذهب إلى منى للزحام) أو كان في منى وأصبح الآن في اليوم التاسع وهو يوم عرفة فإنه يتحرك إلى عرفة بحيث إنه يظهر إليها قبيل الظهر؛ لأن وقت الوقوف عند جماهير الأمة يبدأ.
دعاء يوم التروية
ليس لمناسك الحج من الطواف والسعي بين الصفا والمروة والوقوف بعرفة، وفي مزدلفة ومنى أدعية مخصصة، لابد منها، بل يشرع للمؤمن أن يدعو ويذكر الله، وليس هناك حد محدود، فيذكر الله بقوله: «لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله، سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم، يردد مثل هذا الذكر، ويدعو بما يسر الله من الدعوات، يسأل ربه أن الله يغفر له ذنوبه، ويدخله الجنة، وينجيه من النار، يسأل الله له ولوالديه المغفرة والرحمة».