لا تزال أصداء صفقة مشروع تطوير مدينة رأس الحكمة ضمن مخطط تطوير الساحل الشمالي الغربي في مصر، مسيطرة على الأجواء الاقتصادية داخليًا وخارجيًا، نظرًا لقيمة الصفقة وهي الأكبر في تاريخ الاستثمار الأجنبي المباشر في مصر، حيث وضع المشروع مصر فى قلب حركة الاستثمار العالمي، وسلطت عليها الضوء بشكل غير مسبوق، وباتت مصر محطة كبيرة لأنظار كبار المستثمرين، سواء فى القطاع العقاري أو السياحي.
[[system-code:ad:autoads]]
ومن المنتظر فى القطاع العقارى خلال الفترة المقبلة، الاستغلال الأمثل والاستثمار الأفضل للعديد من الأصول المصرية، سواء التى تملكها الحكومة، أو تملكها بعض الشركات ومنها شركات قطاع الاعمال العام وذلك عن طريق الشراكات أو الاستحواذ بنسب متفاوتة، ويأتى ذلك كرد فعل مباشر لصفقة رأس الحكمة التى تم إبرامها مع الجانب الإماراتى، والتى ستكون نقلة تنموية غير مسبوقة لتلك المنطقة التى تبلغ مساحتها 170 مليون متر مربع.
[[system-code:ad:autoads]]
مشروعات رأس الحكمة والعاصمة الإدارية
وخلال الأشهر القليلة المقبلة، متوقع أن يتم ضخ المزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة فى مصر فى مختلف المجالات المتنوعة وذلك انطلاقا من مشروع رأس الحكمة التنموى شريطة تقديم الحكومة لمجموعة من الحوافز الهامة والحوافز الجاذبة للمستثمرين، لاسيما فى ظل الصراع الكبير على جذب الاستثمار فى المنطقة، علاوة على تفعيل الشباك الواحد وتفعيل الحجز الإلكترونى بشكل كبير وأن يكون سريعا وليس مجرد شكل فقط وإجراءات بطيئة، بالإضافة إلى منح الرخصة الذهبية للمشروعات التنموية فى بعض المناطق وفق الاشتراطات التى وضعتها الحكومة مع توسيع قواعد منح الرخصة الذهبية.
وكان الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، شهد مراسم توقيع أكبر صفقة استثمار مباشر من خلال شراكة استثمارية، بين وزارة الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، ممثلة فى هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، و"شركة أبو ظبى التنموية القابضة" بدولة الإمارات العربية المتحدة؛ لتنفيذ مشروع تطوير وتنمية مدينة رأس الحكمة على الساحل الشمالى الغربى.
ويعد الاستثمار الأجنبي المباشر من أهم أوجه الأنشطة الاقتصادية بصفة عامة، إذ إنه يضطلع بدور رئيسي ومهم على صعيد عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية في معظم الدول وخاصة النامية، لذلك تولى كل الدول عناية كبيرة به، وتقرر الحوافز والضمانات له. فمثل هذا الاستثمار يمثل قناة رئيسية يتدفق عبرها رأس المال والخبرة العلمية والفنية، بالإضافة إلى أثر هذه الاستثمارات في النمو والتنمية الاقتصادية في البلاد المضيفة.
فهذه الاستثمارات تزيد من حجم الجهد الاستثماري الممكن تحقيقه في البلد المتلقي عن ذلك المستوى الذي تُتيحه له مدخراته المحلية، فهذه الاستثمارات تساعد الدولة المتدفقة إليها على الاستفادة من مخزون المدخرات العالمية الذي أفرزته الاقتصاديات الأخرى، وبالتالي تمكنه من تحقيق معدلات نمو أعلى من تلك الممكنة في حدود إمكاناته الاستثمارية الذاتية فقط. هذا إضافة إلى أن هذه الاستثمارات تحمل معها خصائص الاقتصاد النابعة منها، وبالتالي فإنها تمثل إعادة توطين لهذه الخصائص في البلد المتلقي، وهو الأمر الذي يكون له جاذبية خاصة في حالة تدفق هذه الأموال من الدول ذات التفوق والتقدم التكنولوجي.
من جانبه، قال قال الدكتور رائد سلامة مقرر مساعد لجنة التضخم وغلاء الأسعار، إن تسويق الفرص الاستثمارية وخاصة في مجال الاستثمار الأجنبي المباشر، يعد من أهم الفرص الاستثمارية في مصر حاليًا. ويعتبر مشروع رأس الحكمة من أبرز هذه الفرص، نظرًا لما يمتلكه من مقومات جذب سياحي هامة، خاصة في منطقة مغرية جدًا للسياح. كانت فكرة إنشاء الساحل الشمالي، التي دعا إليها المهندس الراحل حسب الله الكفراوي، وزير الإسكان والتعمير وقتها، تهدف إلى الترويج للساحل الشمالي كوجهة سياحية واستخدامه أيضًا لأغراض التصنيع والزراعة.
وأضاف "سلامة" في تصريحات خاصة لـ "صدى البلد"، أنه في الفترات الأخيرة من حكم حسني مبارك، شهد الساحل الشمالي تطورًا مختلفًا، حيث قام المصريون باستثمار أموال طائلة في فلل وشاليهات هناك، مما أدى إلى ضخ مليارات الجنيهات والدولارات في الشقق والفيلات، متجاهلين الغرض الأساسي الذي أُنشئ من أجله الساحل الشمالي، وهو جذب الاستثمارات السياحية والزراعية والصناعية تلك الاستثمارات كان من المفترض أن تجذب العملات الأجنبية، مما يساهم بشكل إيجابي في زيادة احتياطي النقد الأجنبي والسيولة النقدية من العملات الأجنبية في مصر.
وتابع: يمكن لمصر أن تستخدم هذه التجربة في الترويج لمشروعات مثيرة ومشابهة لهذا المشروع. ومن المهم أن تستعين وزارة الاستثمار ببنوك الاستثمار المصرية المحلية، والتي تمتلك القدرة على التفاهم مع المستثمرين الأجانب، ولديها القدرة على التحدث بنفس اللغة الفنية التي يتحدث بها المستثمرون.
واختتم أنه فيما يخص العاصمة الإدارية الجديدة، فبالرغم من النقاشات التي قد تدور حول تكلفة المشروع، يمكننا أن نجد العديد من الأصوات التي تدافع عن أهمية هذا المشروع على المدى الطويل.
تسويق فرص الاستثمار في مصر
ويؤكد مشروع تطوير منطقة رأس الحكمة على أنه يتوفر لدى مصر العديد من الإمكانيات والمقومات الاقتصادية الجاذبة للقطاع الخاص الساعي للمشاركة الجادة مع الحكومة المصرية في تنفيذ المشروعات التنموية الكبرى بما يحقق مكاسب للجميع وهي كالتالي:
صمود الاقتصاد المصري في مواجهة الأزمة الاقتصادية العالمية الراهنة يتجلى من خلال التوسع في الشراكة مع القطاع الخاص لتنفيذ مشروعات تنموية ضخمة. هذا المشروع يبرز عزم الدولة المصرية على التوسع وتبني المزيد من مشروعات الشراكة بين القطاعين العام والخاص، التي تقوم على تعاون إيجابي يجمع بين التفكير الحكومي، الذي يأخذ في الاعتبار الأبعاد الاجتماعية والاقتصادية للمجتمع، والتفكير الخاص الذي يركز على الاستثمار وزيادة الأرباح. النقطة المشتركة بين هذين النهجين هي السعي نحو التنمية المستدامة. من هنا، تأتي أهمية إشراك القطاع الخاص في تنفيذ المشروعات التنموية الكبرى، مثل مشروع تنمية رأس الحكمة، التي تحتاجها الدولة المصرية في جمهوريتها الجديدة.
زيادة تدفق الاستثمارات العربية لدعم الاقتصاد المصري، خاصة في أوقات الأزمات: تتزايد الاستثمارات العربية في مصر خلال فترات الأزمات الاقتصادية، مثل تلك التي تشهدها مصر حاليًا نتيجة للظروف الدولية كالحرب الروسية الأوكرانية، والظروف الإقليمية كالحرب على غزة. الاستثمارات الإماراتية في منطقة رأس الحكمة تعكس هذا الاتجاه، حيث تزداد الاستثمارات العربية في مصر خلال الأزمات، كما كان الحال بعد أحداث 25 يناير، مقارنة بالاستثمارات الأجنبية.
تعزيز الثقة بين الحكومة وشركات القطاع الخاص: هذا المشروع يمثل استجابة لمطالب القطاع الخاص بتحقيق شراكة مع الحكومة المصرية، خاصة في ظل الظروف الحالية والادعاءات المشككة التي قد تؤثر على قرارات المستثمرين. المستثمرون يطالبون بأن تتحمل الحكومة جزءًا من مخاطر مشروعات الشراكة، وألا يقع العبء بالكامل على القطاع الخاص، حيث من حق الحكومة أن تملك جزءًا من هذه المشروعات. مشروعات الشراكة مع القطاع الخاص في مصر تواجه حاليًا مخاطر عدة بسبب الأزمة الاقتصادية العالمية، من أبرزها تغييرات أسعار الصرف وارتفاع تكلفة الاقتراض.
يؤكد المشروع على توجه الدولة المصرية المتزايد نحو اقتصاد السوق، حيث يقتصر دور الدولة على الرقابة والتنظيم. بعد أن كانت الخصخصة تحتل منذ التسعينيات مركز الصدارة في السياسات الاقتصادية كأداة رئيسية لتنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي والتكيف الهيكلي، تأتي الشراكة بين القطاعين العام والخاص الآن كبديل اقتصادي جديد يحتل المكانة التي كانت تشغلها الخصخصة في السياسات الاقتصادية السابقة.