أجابت لجنة الفتوى بمجمع البحوث الإسلامية، عن سؤال يقول (ما هي أوجه الاتفاق والاختلاف بين الهدي والأضحية والعقيقة؟
وقالت لجنة الفتوى بمجمع البحوث الإسلامية، إن هناك أوجه اتفاق واختلاف بين الهدي والأضحية والعقيقة وهي كالتالي:
أولا: أوجه الاتفاق بين هذه الثلاث:
1- كونها عبادة يُتقرَبُ بها إلى الله سُبْحَانَهُ وتعالى، فالهدي: ما يُهْدَى إلى الحرم من بيهمة الأنعام (الإبل والبقر والغنم ) تقربًا إلى الله، والأضحية: ما يُذبَحُ من بهيمة الأنعام في أيام النحر( يومِ الأضحى إلى آخِرِ أيَّامِ التَّشريقِ) تقرُّبًا إلى اللهِ تعالى، والعقيقة: ما يُذبَحُ عن المولود شكرًا لله على نعمة الولد وتقربًا إليه، فكُلٌّ من هذه النسك الثلاثة يُذْبَحُ تقربًا إِلَى الله تعالى، وَشكْرًا له عَلَى نِعَمِهِ .
2- كونها من بهيمة الأنعام (الإبل والبقر والغنم) على الراجح المفتى به، وإن وقع الخلاف بين الأئمة الأربعة في الأفضل في الأضحية من بهيمة الأنعام، كما اتفقوا على جنس العقيقة من الغنم، واختلفوا هل يقوم غير الغنم من الإبل والبقر مقامها في العقيقة أم لا؟.
3- كونها خالية من العيوب، سالمة من الآفات؛ لأن الله طيب لا يقبل إلا طيبًا، فلا يجزيء فيها العرجاءُ البيِّنُ عرجُها، ولا العوراءُ البيِّنُ عورُها، ولا المريضةُ البيِّنُ مرضُها، ولا العجفاءُ الهزيلةُ، فينبغي أن تكون سمينةً طيبةً.
4- كما يشترط فيها توافرُ الأسنانُ المطلوبة شرعًا، فينبغي أن تبلغ الشاةُ السنة من عمرها، والبقرة السنتين، والناقة الخمس سنين
5- إراقة الدم مقصودة في هذه النسك الثلاثة على الراجح المفتى به، فلا تجزئ القيمة في الهدي الواجب- إلا ما ورد النص فيه على جواز إخراج القيمة فيه كالهدي الواجب جزاء الصيد-، ومن ثَمَّ فلايجوز أن يتصدق بقيمة الهدي أو الأضحية أو العقيقة؛ لأن إراقة الدم مقصودة .
ثانيًا: أوجه الاختلاف بين هذه الثلاث:
1- الحكم: الهدي منه ما هو واجب، ومنه ما هو مستحبٌّ، أما الأضحية والعقيقة فكلاهما سنة مؤكدة على الراجح المفتى به خلافًا لمن أوجبهما.
2- السبب: العقيقة تذبح للتقرب إلى الله تعالى والشكر له على نعمة الولد، أما الأضحية فإنها تذبح للتقرب إلى الله تعالى، والشكر له سبحانه على نعمة الحياة في أيام النحر، أما الهدي فهو ما يذبح من الأنعام في الحرم في أيام النحر للتمتع ونحوه.
3- المكان والزمان: الهدي يذبح في أيام النحر وفي الحرم، أما العقيقة فمرتبطة بوقت ولادة المولود، وفي أي مكان، أما الأضحية فإنها تذبح في أيام النحر، وهو وقتها، وفي أي مكان كالعقيقة .
4- الأكل: يجوز الأكل من الأضحية والعقيقة وهدي التطوع، أما هدي التمتع والقران فالراجح جواز الأكل، أما الأكل من هدي الكفارات والإحصار والمنذور فقد وقع الخلاف فيه أيضًا والراجح عدم الجواز.
5- الاشتراك: ومعنى الاشتراك في النسك أن يشترك سبعة أفراد في واحدة من البقر أو الإبل بحيث لايقل نصيب الواحد عن سُبُع، وَأَجْمَعوا عَلَى أَن الشَّاة لا يجوز الاشْتِرَاك فِيهَا، قال ابن هبيرة: {واتفقوا على أنه تجزئ البدنة عن سبعة، وكذلك البقرة، والشاة خاصة عن واحد} اختلاف الأئمة العلماء (1/ 338)، فيجوز في الهدي التشريك فمن كان عليه شاة فله أن يشترك في سبع بقرة أو جمل على الراجح المفتى به، وكذا في الأضحية، والدليل على ذلك ما رواه مسلم عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ -رضي الله عنهما- قَالَ: نَحَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ الْبَدَنَةَ عَنْ سَبْعَةٍ، وَالْبَقَرَةَ عَنْ سَبْعَةٍ، وإن كان النص واردًا في الهدي إلا أن الأضحية تقاس عليه كما نص الفقهاء.
أما العقيقة فقد وقع الخلاف في جواز المشاركة فيها والراجح الجواز، يقول النووي: {ولو ذبح بقرة أو بدنة عن سبعة أولاد أو اشترك فيها جماعة جاز سواء أرادوا كلهم العقيقة، أو أراد بعضهم العقيقة، وبعضهم اللحم كما سبق في الأضحية} المجموع (8/ 429)
6- يسن للمضحي: عدم أخذ شيء من شعر رأسه وأظافره مع هلال ذي الحجة إلى أن يضحي على الراجح المفتى به، ولا يسن ذلك لمن أراد العقيقة.
7- يحرم بيع جلد الأضحية والهدي: ولو تصدق بثمنه، أما بيع جلد العقيقة والتصدق بثمنه فقد وقع فيه الخلاف حيث أجاز الحنابلة بيع جلدها والتصدق به.
جاء في الإقناع: {وحكمها-أي العقيقة- حكم الأضحية في أكثر أحكامها: كالأكل والهدية والصدقة...، ويباع جلدها ورأسها وسواقطها ويتصدق بثمنها بخلاف الأضحية لأن الأضحية أدخل منها في التعبد} الإقناع في فقه الإمام أحمد بن حنبل (1/ 412).
وقد علل ابن قدامه -رحمه الله- هذا الفرق بقوله: {ويحتمل أن يفرق بينهما من حيث إن الأضحية ذبيحة شرعت يوم النحر، فأشبهت الهدي، والعقيقة شرعت عند سرور حادث، وتجدد نعمة، فأشبهت الذبيحة في الوليمة} المغني (9/ 463)
8- يتفاضل الذكر عن الأنثى في العقيقة عند الجمهور فيسن عن الذكر شاتان وعن الأنثى شاة، ولو عق عن الغلام شاة واحدة جاز وهو قول عند المالكية، ومروي عن ابن عمر، وعروة بن الزبير، وأسماء بنت أبي بكر، أما الأضحية والهدي فالذكر والأنثى فيهما سواء.
9- يسن في الأضحية اللحم أي أن توزع لحمًا على الفقراء، بخلاف العقيقة فالسنة فيها الطبخ بأن تطبخ ويدعى إليها الفقراء والمساكين، أما الهدي فيوزع على فقراء الحرم ومساكينه.