"هل الولايات المتحدة معرضة لخطر اندلاع حرب أهلية في السنوات القليلة المقبلة" .. كان هذا هو السؤال الذى حاول أحد مراكز الأبحاث الحكومية الموجودة داخل كندا، الإجابة على احتمالات حدوثه، وتحدث المشاركون في البحث عن سيناريو سيء قد يحدث قريبا، فى ظل حالة الانقسام داخل أمريكا، ورصد الكثير من العوامل التى تجعل هذا السيناريو قابل للتنفيذ فى أي لحظة.

[[system-code:ad:autoads]]

وفي تقرير بعنوان "الاضطرابات في الأفق"، طرح مكتب يعرف باسم "آفاق السياسة الكندية" الحرب الأهلية الأمريكية كسيناريو يجب على أوتاوا – العاصمة الكندية - أن تفكر في الاستعداد له، وكان هذا الافتراض مدسوساً في منتصف الوثيقة المكونة من 37 صفحة.

ورسمت الوثيقة هذا الاحتمال في 15 كلمة: "الانقسامات الإيديولوجية في الولايات المتحدة، والتآكل الديمقراطي، والاضطرابات الداخلية تتصاعد، مما يؤدي إلى إغراق البلاد في حرب أهلية"، وذلك بحسب ما كشفه تقرير نشرته صحيفة بوليتيكو الأمريكية.

[[system-code:ad:autoads]]

التنبؤات المروعة ظاهرة منذ 2016 ورئاسة ترامب

وأوضحت الصحيفة الأمريكية، انه أمر مقلق أن تكتشف أن جارك المباشر يشعر بالتوتر بشأن احتمال وقوع أعمال عنف مروعة في منزلك، رغم أنه لم يكن هناك نقص في التنبؤات المروعة بشأن السياسة الأمريكية في عهد ترامب، فمنذ انتخابات عام 2016، انغمست المنظمات غير الربحية ذات الميول اليسارية والمستشارين السياسيين والأكاديميين في تكهنات لا نهاية لها وتمارين لعب الأدوار، ظاهريا لمساعدتهم في الدفاع عن الديمقراطية.

وأضافت الصحيفة أنه من الناحية العملية، كان الكثير من هذا بمثابة لعب أدوار منغمسة في الذات، تضمنت إحدى الحلقات الهستيرية في عام 2020 محاكاة لألعاب الحرب التي انتهت بتشجيع بايدن وحلفائه الساحل الغربي بأكمله على الانفصال عن الاتحاد.

لكن المقلق كما رصدته الصحيفة الأمريكية، هو أن تقريرPolicy Horizonsيعتبر مختلفًا، فهو ليس خيالًا مظلمًا (أو خيالًا مناهضًا للمعجبين) من أنصار أمريكيين، ولكنه فرع رصين من حكومة أجنبية صديقة تفكر في تصدعنا الوطني.

سيناريوهات كارثية للحرب

واستطلع تقريرPolicy Horizonsأراء مئات الخبراء والمسؤولين الحكوميين حول الأحداث التخريبية التي قد يتعين على كندا الاستعداد لها، وبعد ذلك، صنف المؤلفون هذه السيناريوهات بناءً على احتمالية حدوثها، ومدى سرعة حدوثها، وحجم الفوضى التي قد تسببها، وشملت السيناريوهات الأخرى في هذه الفئة العامة انتشار الأسلحة البيولوجية محلية الصنع؛ وظهور مسببات الأمراض المقاومة للمضادات الحيوية، مما يؤدي إلى الوفيات الجماعية ونقص الغذاء؛ واندلاع الحرب العالمية الثالثة.

ويقول جون ماك آرثر، وهو باحث في معهد بروكينجز وعضو في اللجنة التوجيهية لآفاق السياسة، أن وصف التقرير للحرب الأهلية الأمريكية قد يعكس عمق القلق الكندي بشأن السياسة الأمريكية، أكثر من القلق الحرفي بشأن حرب على غرار حرب عام 1861 بين الولايات المتحدة.

وشدد ماك آرثر على أنه كان يتحدث عن نفسه وليس عن آفاق السياسة، وأشار إلى أن صعود الحمائية والانعزالية الأمريكية خلال إدارة ترامب قد هز النفسية الكندية وقلب العلاقات الاقتصادية المستمرة منذ عقود، فقد تركت سياسات دونالد ترامب وسلوكه الشخصي تجاه كندا – بما في ذلك الإطاحة بترودو بعد اجتماع سابق لمجموعة السبع في كيبيك – بصمة مؤلمة.

التقرير جرس إنذار مبكر لواشنطن

وبدت كاثرين بودري، الأستاذة في جامعة بوليتكنيك مونتريال التي قامت بتحليل التقرير الصادر عن لجنة آفاق السياسة في مايو، أكثر تشككا، ومن وجهة نظر بودري، تكمن قيمة تقرير "الاضطرابات" في وضع شبكة من الأحداث الافتراضية التي تستحق الاستعداد لها، حتى يتمكن الخبراء والمسؤولون من رؤية مدى ترابطها - وكيف أن التعامل مع سيناريو واحد في وقت مبكر قد يساعد في معالجة السيناريوهات الأخرى في وقت لاحق. على.

وقالت إن العديد من السيناريوهات الواردة في التقرير تشير إلى الحاجة الملحة إلى إتقان التكنولوجيا الجديدة: مثل التهديد المتمثل في الهجمات الإلكترونية التي تؤدي إلى تعطيل البنية التحتية الحيوية، أو إرهاق خدمات الطوارئ إلى حد الانهيار. ويمكن للحكومة أن تحدد أولوياتها في ضوء تلك الأفكار.

وقالت إن التقرير المستقبلي قد يكون من الأفضل أن يأخذ في الاعتبار "مدى قدرة الحكومة على التصرف" في حالات الطوارئ المختلفة.

لا يعكس آراء حكومة كندا

وأرسل متحدث باسم وزارة العمل والتنمية الاجتماعية الكندية، وهى التي تستضيف مؤسسةPolicy Horizons، بيانًا للصحيفة الأمريكية، يشرح منهجية التقرير ويؤكد أن المحتوى "لا يعكس بالضرورة آراء حكومة كندا، أو الإدارات والوكالات المشاركة. "

وفسرت الصحيفة الأمريكية الرد المسئول من قبل الوزير الكندى – بعد رفض كاتبي التقرير التعليق عليه، وتساءلت "هل أدركوا، ربما، أن التكهن بشأن حرب أهلية وشيكة يخوضها أحد الحلفاء قد يكون أمراً غير مهذب؟".

هل الجيش الفيدرالي الضخم قادر على حسم المحاولة؟

وفى تحليلها للتقرير، تحدثت الصحيفة الأمريكية، عن ما هو الشكل الذى ستبدو عليه الحرب الأهلية الأميركية؟، ورجحت ألا يكون هناك انقساما كبيرًا من البلاد ينفصل بشكل جماعي، ويعلن رحيله عن طريق قصف قاعدة عسكرية، ولكن يبدو أن النهج الكونفدرالي قد عفا عليه الزمن في مواجهة الجيش الفيدرالي الضخم والمحترف والعالي التقنية اليوم.

وذكرت الصحيفة أن هناك سيناريو واحد جدير بالثقة لحرب أهلية أميركية، وهو سيناريو ليس من الماضي البعيد أو من بعيد، بل من مثال قريب وقريب - وهو مثال كندا، حيث لم تكن معركة كيبيك الانفصالية في الستينيات حربًا أهلية شاملة، لكنها كانت هجومًا عنيفًا ومستمرًا على الولاية، نفذه مسلحون قطاعيون اعتقدوا أن النظام الفيدرالي قد تغير بطرق غير مقبولة، وما يقرب من عقد من التفجيرات والسطو والاختطاف بلغ ذروته في أزمة أكتوبر عام 1970، عندما اختطف الانفصاليون في كيبيك وقتلوا بيير لابورت، نائب رئيس وزراء المقاطعة.

كانت هذه فترة حرب أهلية وحشية ومؤلمة، وفي فترة ما بعد يناير، وليس من قبيل التكهنات الجامحة أن نتصور سلسلة مماثلة من الأحداث في الولايات المتحدة، فأمريكا دولة مدججة بالسلاح ولها نظام فيدرالي متنازع عليه وهويات إقليمية قوية فخورة، وبعض ولاياتنا، مثل تكساس وكاليفورنيا، أصبحت كيانات شبه وطنية بالفعل، ومن المؤكد أن الرئيس القادم سيكون مكروهاً من قبل قسم كبير من البلاد، ومن المرجح أن ينظر إليه على أنه غير شرعي من قبل أقلية كبيرة على الأقل.