منذُ اليومِ الأولِ مِن العدوانِ الإسرائيليِّ على قطاعِ غزةَ في السابعِ مِن أكتوبرَ الماضي، كانَت مصرُ قِبلةَ العالمِ وَوُجهَتَهُ في تقديمِ واستقبالِ وإدخالِ المساعداتِ الإنسانيةِ والإغاثيةِ لقطاعِ غزةَ، حيثُ استقبلَت عبرَ مطارِ العريشِ فقط المئاتِ مِن الطائراتِ التي حَمَلَتْ مساعداتٍ إنسانيةً وإغاثيةً للفلسطينيينَ، الذين ضَرَبَتْ حولَهُم إسرائيلُ حصارًا مُطبِقًا برًا وجوًا وبحرًا، عقابًا وإبادةً جماعيةً لمدنيينَ عُزَّلَ بكلِّ المقاييس.
[[system-code:ad:autoads]]
معبر رفح
ولأنَّ القضيةَ الفلسطينيةَ هي أمُّ القضايا بالنسبةِ للسياسيةِ الخارجيةِ المصرية، فَقَد رَفَضَتْ مصرُ ومنذُ اليومِ الأولِ مِن العدوانِ خروجَ مُزدَوِجِي الجنسيةِ وحاملِي الجنسياتِ الأجنبيةِ مِن غزةَ قبلَ إدخالِ المساعداتِ الإنسانيةِ للقطاع، وقد نَجَحَتْ مصرُ بالفعلِ في فَرضِ إرادَتِها أمامَ العالمِ، ومِن قَبلِهِ إسرائيل، وأدخلَت شاحناتِ المساعداتِ الإنسانيةِ لإغاثةِ أكثرَ مِن مليونَينِ مِن سكانِ غزةَ المُحاصَرِينَ عبرَ معبرِ رفح.
[[system-code:ad:autoads]]
قطاع غزة
ورغمَ المحاولاتِ الإسرائيليةِ لترويجِ ادَّعاءٍ كاذبٍ أنَّ مصرَ هي مَن تمنعُ دخولَ المساعداتِ الإنسانيةِ إلى قطاعِ غزةَ، فإنَّ الحقيقةَ كانت ظاهرةً أمامَ العالمِ أجمعَ وهي أنَّ احتلالَها لمعبرِ رفح مِن جانبِهِ الفلسطيني وإغلاقَهُ هو السببُ الرئيسيُّ في عَدمِ إدخالِ المساعداتِ الإنسانيةِ، فيما مازالَت المئاتُ مِن شاحناتِ المساعداتِ تتكدسُ أمامَ المعبرِ تنتظرُ دخولَها مِن الجانبِ المصري إلى القطاعِ المُحاصَر.
وبلغةِ الأرقامِ فَقَدْ بلغَ عددُ الشاحناتِ التي دَخَلَتْ قطاعَ غزةَ عبرَ معبرِ رفح والتي تحملُ مساعداتٍ إنسانيةً وإغاثيةً وطبيةً أكثرَ مِن عشرينَ ألفَ شاحنةٍ منذُ بَدءِ العدوانِ، وهو الرقمُ الذي لم يَكُنْ يتمُّ سوى بوجودِ إرادةٍ مصريةٍ حقيقيةٍ لإغاثةِ سُكانِ غزةَ، نسبةُ المساعداتِ المصريةِ منها أكثرُ مِن خمسةٍ وثمانينَ بالمئةِ مِن إجمالِي المساعداتِ العالميةِ التي دَخَلَت إلى القطاعِ، وهو دليلٌ واضحٌ على مركزيةِ القضيةِ الفلسطينيةِ بالنسبةِ لمصرَ وارتباطِها وبالنسبةِ للشعبِ المصري.
رفح
وعلى الرغمِ مِن المحاولاتِ الدوليةِ لإدخالِ المساعداتِ الإنسانيةِ لغزةَ برا وبحرا وجوا والتي كان آخرُها عبرَ ميناءٍ أمريكيٍّ عائمٍ مُؤَقَّتٍ على سواحلِ غزةَ، إلا أنَّهُ فَشِلَ في أن يكونَ بديلًا لمعبرِ رفح في إدخالِ المساعداتِ، بعدَ تضررِهِ نتيجةَ العواملِ الطبيعيةِ، ما دفعَ الولاياتِ المتحدةَ إلى وقفِ العملِ بِهِ نتيجةَ ما حدثُ له مِن أضرار.
منذُ اللحظةِ الأُولَى للعدوانِ على قطاعِ غزةَ، كانت مصرُ مستيقظةً للهدفِ الحقيقيِّ لإسرائيلَ في حَربِها المُستعرةِ ضدَّ الفلسطينيينَ، وهو تفريغُ القطاعِ مِن سكانِهِ وتهجيرُهم إلى مصرَ مِن أجلِ تصفيةِ القضيةِ الفلسطينيةِ، وهو ما رفضتهُ مصرُ وحَذَّرَتْ مِن تنفيذِهِ وأكدَت أنهُ لن يكونَ على حسابِها وقطعًا ليس على حسابِ القضيةِ الفلسطينية نَفسِها.