مع دخول العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة شهره التاسع، ما زالت الأوساط السياسية تري في حركات المقاومة الفلسطينية خصمًا للاحتلال لا يستهان به.
وعليه، قدمت مجلة “فورين أفيرز” روشتة لإسرائيل تستفيض فيها بحثًا كيف يمكن القضاء على حماس.
[[system-code:ad:autoads]]
واستعرضت المجلة الأمريكية في عددها الصادر حديثًا السياق التاريخي والأخطاء الاستراتيجية لحماس، وقامت بتحليل مخلص لتل أبيب تشرح فيه لماذا حركة المقاومة تظل تهديدًا كبيرًا.
وفي نهاية دراسة مستفيضة للمجلة الأمريكية، قدمت “فورين أفيرز” خطة من ذهب بعنوان ”كيف يمكن لحماس أن تدمر نفسها؟“.
وشدد الكاتب دانييل بايمان على أن الحلول العسكرية هامة، لكنها لا تكفي وحدها لحل للقضاء علي حماس، بل هناك حاجة إلى نهج متعدد الأوجه، يشمل استراتيجيات سياسية واجتماعية واقتصادية.
[[system-code:ad:autoads]]
قوة حماس
حماس، اختصارًا لحركة المقاومة الإسلامية، تأسست خلال الانتفاضة الأولى عام 1987 كرد فعل على احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية.
لديها هيكل مزدوج: جناح عسكري (كتائب عز الدين القسام) وشبكة خدمات اجتماعية تقدم التعليم والرعاية الصحية والرعاية الاجتماعية للفلسطينيين.
تستمد حماس قوتها من خدماتها الاجتماعية، وقدراتها العسكرية، والتزامها الأيديولوجي.
وحازت خدماتها الاجتماعية على دعم شعبي كبير، مما يميزها عن السلطة الفلسطينية في كثير من الأحيان لدي قطاع كبير من المواطنين في غزة.
بالإضافة إلى ذلك، فإن جناحها العسكري قادر على إطلاق صواريخ متواصلة على إسرائيل، مما يعزز سمعتها حركة مقاومة ضد المحتل الإسرائيلي.
ويلقى التزام حماس الأيديولوجي بالجهاد صدى بين العديد من الفلسطينيين الذين يشعرون بالقمع والاستبداد الإسرائيلي كقوة مغتصبة لأراضيها ومقدساتها.
وفازت حماس في الانتخابات التشريعية الفلسطينية عام 2006، ورغم العزلة الدولية والعقوبات الاقتصادية، تمكنت حماس من الاحتفاظ بالسلطة.
الجميع يخسرون، باستثناء حماس
عندما بدأت إسرائيل غزوها البري في قطاع غزة في الخريف الماضي، كان هدفها (المعلن) هو تدمير قدرات حركة حماس.
ولكن، باعتراف المجلة الأمريكية، رغم أن الحرب قد قوضت إلى حد ما صفوف حماس، إلا أنها زادت بشكل كبير من الدعم للمقاومة بين الفلسطينيين، وفي جميع أنحاء الشرق الأوسط، وحتى على المستوى العالمي.
وعلى الرغم من أن إسرائيل حاولت بكل الطرق المدفوعة وغير المدفوعة، والبجحة أحيانًا، تبرير مجازرها ضد المدنيين في غزة، بمزاعم اختباء عناصر حركة المقاومة وسط سكان القطاع، إلا أن وحشيتها الفجة ألحقت أضراراً هائلة بسمعتها العالمية ووضعت ضغوطاً كبيرة على علاقتها بالولايات المتحدة، أهم شريك لها.
وتعتبر الحرب الإسرائيلية على غزة كارثة استراتيجية.
وعلى الرغم من أن إسرائيل تدعي أنها قتلت الآلاف من مقاتلي حماس، إلا أن هناك أدلة قليلة تشير إلى أن قدرة الحركة على تهديد إسرائيل قد تضررت بشكل كبير.
وأظهر استطلاع رأي أجراه المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية في مارس الماضي أن التأييد لحماس بين سكان غزة تجاوز 50 في المائة، بزيادة 14 نقطة عن ديسمبر الماضي.
وزعمت فورين أفيرز أن القضاء على حماس سيكون جيداً للفلسطينيين وإسرائيل والشرق الأوسط والولايات المتحدة.
تدمير الجماعات الأخرى
يستخلص بايمان دروسًا من انحدار الجماعات المسلحة الأخرى سواء حركات مقاومة أو إرهابية، مشيرًا إلى أن العديد منها يتفكك بسبب عوامل داخلية أكثر من الضغط الخارجي.
جماعات مثل الجيش الجمهوري الإيرلندي والجيش الأحمر الياباني واجهت انقسامات داخلية، وفقدان الدعم الشعبي، وأزمات قيادية أدت في النهاية إلى تفككها.
ويتمني بايمان بأن مصيرًا مشابهًا قد يواجه حماس بسبب ما وصفه بأنه سوء إدارة القطاع.
نصائح أمريكية للاحتلال
وباخلاص، قدم الكاتب روشتة تدمير حماس سياسيًا ولخصها في خمسة نصائح كما يلي:
أولا: تحسين ظروف المعيشة في غزة: يجب على إسرائيل والمجتمع الدولي التركيز على تحسين ظروف المعيشة في غزة.
ويتضمن ذلك تخفيف الحصار، وتسهيل تدفق البضائع والخدمات، والاستثمار في مشاريع البنية التحتية.
ويمكن أن تضعف تحسن ظروف المعيشة قبضة حماس على السلطة عن طريق تقليل جاذبية خدماتها الاجتماعية.
ثانيًا: دعم الفلسطينيين المعتدلين: يجب على المجتمع الدولي تعزيز السلطة الفلسطينية والفصائل الفلسطينية المعتدلة الأخرى.
يتضمن ذلك تقديم الدعم المالي والتقني لتحسين الحوكمة في الضفة الغربية وتقديم بديل سياسي قابل للتطبيق لحماس.
ثالثًا: تعطيل شبكات التمويل الخاصة بحماس: استهداف مصادر تمويل حماس أمر بالغ الأهمية.
يتطلب ذلك تعاونًا دوليًا لتعقب وتعطيل التدفقات المالية من أي أطراف داعمة أو من خلال أنشطة مشروعة وغير مشروعة مثل التهريب وغسيل الأموال.
رابعًا: تعزيز التعاون الأمني: يمكن أن يساعد تعزيز التعاون الأمني بين إسرائيل واللاعبين الإقليميين في وقف إمداد حماس بالعتاد والسلاح. بل يمكن أن يؤدي تبادل المعلومات الاستخبارية والعمليات المشتركة إلى تدهور قدرات حماس العسكرية بشكل كبير.
خامسًا: الترويج للحلول الدبلوماسية: يمكن أن تهمش حماس من خلال دفع جديد نحو حل دبلوماسي للقضية الفلسطينية.
يتضمن ذلك إعادة الانخراط في محادثات السلام، وتعزيز حل الدولتين، ومعالجة القضايا الأساسية مثل الحدود واللاجئين ووضع القدس المحتلة.
واختتمت المجلة الأمريكية بقولها إن حماس لا تزال عدوًا لا يستهان به، لكن سقوطها وتدميرها ليس مستحيًلا وقد يأتي من الداخل.
فقط مزيج من تحسين ظروف المعيشة للفلسطينيين، ودعم الفصائل السياسية المعتدلة، وتعطيل شبكات التمويل الخاصة بحماس، وتعزيز التعاون الأمني يمكن أن يخلق الظروف القادرة على تدمير حماس.