على مدار 17 عاما، كانت تعانى المذيعة الكينية الشهيرة من آلام فى الرحم كل شهر، وذلك بالتزامن مع موعد الحيض الشهرى لها، ولكن كان الموت رحيما عليها من إهمال مجتمعها، إذ توفت وهى فى عمر الـ38 من عمرها، وذلك فى ظل معاناة النساء من الإهمال الطبى لها، والنقص الشديد فى عيادات متابعة صحة المرأة، ولكن هل يمكن أن تتغير الأمور بعد ما حدث مع ماري نجامبي كويكاي، المعروفة باسم جاهمبي كويكاي، والتى أصبحت قصتها محل حديث صفحات التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام فى كينيا.

[[system-code:ad:autoads]]

وبحسب ما نشرته شبكةBBC البريطانية من تفاصيل ما حدث معها، فقد كرست مارى معظم حياتها القصيرة لإخبار زملائها الكينيين عن الحالة المنهكة لمرض بطانة الرحم، والتي أدت إلى وفاتها هذا الأسبوع عن عمر ناهز 38 عامًا فقط، وبصفتها مذيعة إذاعية شهيرة ودي جي موسيقى الريغي، كانت لديها المنصة المثالية، وبشجاعة، شاركت معاناتها، وكثيرًا ما كانت تحاسب المسئولين في السلطة، وتطالب برعاية صحية أفضل للنساء، وخاصة أولئك الذين يعانون من اضطراب الدورة الشهرية.

[[system-code:ad:autoads]]

الجميع تعاطف مع آلامها

وبحسب ما قالته دوريس موريمي، زميلتها الناشطة، لـ"بي بي سي"، فقد تعاطف الناس مع معاناتها وألمها، فمنذ أن كانت في الثالثة عشرة من عمرها، عانت من عذاب شهري منتظم، وألم مبرح يصاحب الدورة الشهرية، ومع ذلك، استغرق الأمر 17 عامًا لمعرفة ما كانت تعاني منه بالضبط والحصول على التشخيص المناسب لحالتها، وكان ذلك بسبب عدم وجود مرافق محلية متخصصة في علاج التهاب بطانة الرحم.

وبطانة الرحم هي حالة أمراض نسائية مرتبطة بالحيض، حيث تتطور أنسجة مشابهة لبطانة الرحم في مناطق أخرى من الجسم، بما في ذلك قناة فالوب والحوض والأمعاء والمهبل والأمعاء.

ولا يعتبر التهاب بطانة الرحم قاتلا، ولكن في حالات نادرة يمكن أن يسبب مضاعفات تهدد الحياة.

وتشمل الأعراض الألم الشديد إلى المنهك غالبًا في منطقة الحوض، والتعب، والدورة الشهرية الشديدة، وفي حالات نادرة يمكن أن يظهر أيضًا في أجزاء أخرى من الجسم بما في ذلك الرئتيان والدماغ والجلد.

من الحالات القصوى وهكذا أثر في حياتها

وكانت حالة السيدة كويكاي واحدة من تلك الحالات القصوى، حيث ساءت حالتها على مر السنين، خاصة مع نضوج أعضائها التناسلية، وقد أثر ذلك على تعليمها وعلاقاتها وعملها والعديد من الجوانب الأخرى في حياتها.

وبحسب ما روته بنفسها، قالت مارى لـ"بي بي سي" في عام 2020 إنها في وقت ما أثناء وجودها في الجامعة، قدمت امتحانًا لكنها لم تستطع كتابة أي شيء بسبب الألم، وكان عليها أن تعيد بعض السنوات، مما أدى إلى تأخير تخرجها.

في عام 2015، انهارت رئتها بسبب التهاب بطانة الرحم الصدري، وهو مظهر نادر للمرض، وقد تتكرر الحالة في الأشهر والسنوات اللاحقة، وغالبًا ما تتطلب جراحة متخصصة.

وإحدى الصور الأكثر ديمومة للسيدة كويكاي هي صورة لها في سرير المستشفى والجزء العلوي من جسدها مغطى بضمادات كثيفة، والعديد من الأنابيب على طول الجانب الأيمن من الصدر، وكان ذلك في عام 2018، عندما تعرضت بالفعل لسلسلة من انهيارات الرئة والعمليات الجراحية، وقد تم إدخالها إلى مستشفى متخصص في الولايات المتحدة وكانت تقوم بجمع التبرعات من أجل العلاج الباهظ الثمن.

كلماتى لا يمكن أن تصف الألم

وكانت ضعيفة وتعاني من الكثير من الألم، وقالت في ذلك الوقت: "لن أصف الألم لأنني أفتقر إلى الكلمات التي تناسب ما مررت به، فقد دمرت الحالة جسدها وفي المستشفى الأمريكي، تمت إزالة الأنسجة التي نمت بسبب التهاب بطانة الرحم من رحمها ومناطق الأمعاء والمبيضين.

وقالت إن التحدي الأكبر كان رئتيها، فقد انتشر المرض كثيرًا، ويرجع ذلك جزئيًا إلى الطريقة التي تمت إدارته بها سابقًا في الوطن، لدرجة أن الجراح في الولايات المتحدة لم يتمكن من "تصديق كل ما تم فعله".

وقالت: "إن النسيج الندبي ووضع أنابيب صدرية خاطئة في كينيا خلق هذه الفوضى"، ورغم ندوبها الكثيرة، إلا أنها كانت لا تزال تبتسم، وقد كان معظم الوقت الذي قضته في المستشفى لتصحيح الجراحة الفاشلة بسبب التشخيص الخاطئ، وبحسب وصفها، "فكل ندبة تحكي قصة، وأرى كل ما حاربت أماى، عاطفيًا، وعقليًا، وجسديًا"، ومع ذلك، فقد اختارت أن تحارب حالتها بثبات، بينما تعمل على رفع مستوى الوعي العلني بهذه الحالة.

من هى كويكاى

ولدت السيدة كويكاي عام 1986 في ضواحي العاصمة نيروب، وقامت والدتها وجدتها بتربيتها وعلمتها التحلي بالصبر والصلابة في كل مواقف الحياة، فقد أرادت دائمًا أن تصبح مذيعة منذ البداية، وعلى الرغم من حالتها الصحية، تمكنت من إكمال دراستها الجامعية وأصبحت مذيعة إذاعية شهيرة ودي جي موسيقى الريغي - المعروفة أيضًا باسمFyah Mummah لدى معجبيها، ومن الممكن أن يكون معظم الناس في كينيا قد عرفوا بهذه الحالة بسببها.

وعبر معاناتها وسعيها لنشر التوعية من الإهمال بحق رعاية المرأة فى بلادها، دوت صيحها داخل البلاد وخارجها، وأصبحت أيقونة للعمل النسائى، والتوعية بقضاياها الصحية، وأكملت قصتها بالوفاة مبكرا، بعد معاناة مع المرض الذى أنهكه الإهمال ببلادها.

خمسة أشياء عن بطانة الرحم:

ويؤثر على حوالي 10% من النساء والفتيات في سن الإنجاب على مستوى العالم، وهو مرض مزمن يرتبط بألم شديد يؤثر على الحياة خاصة أثناء الدورة الشهرية والجماع وحركات الأمعاء، وليس له علاج معروف، وعادةً ما يهدف العلاج إلى السيطرة على الأعراض.

وعلى الرغم من أهمية التشخيص المبكر والعلاج الفعال لمرض بطانة الرحم، إلا أن هذا غالبًا ما يكون محدودًا في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل

وكانت دوريس موريمي، مؤسسة منظمةEndo Sisters East Africa، وهي منظمة غير حكومية تعمل على رفع مستوى الوعي حول هذه الحالة، واحدة من المتحدثين في أحد المنتديات على محطة تلفزيون محلية عندما روت السيدة كويكاي قصتها علنًا لأول مرة، وقالت إنه حتى ذلك الحين، لا يبدو أن الكثير من الناس يفهمون التهاب بطانة الرحم، حتى عندما خرجت منظمتها للتدريب والتحدث مع الناس.

وقالت موريمي لـ"بي بي سي": "بعد ذلك، كانت دائما هي النقطة المرجعية، لذلك كانت في الأساس وجه التوعية بمرض بطانة الرحم المهاجرة في هذا البلد"، إذ يؤثر التهاب بطانة الرحم على حوالي 10% (190 مليونا) من النساء والفتيات في سن الإنجاب على مستوى العالم، وفقًا لمنظمة الصحة العالمية، ولا يوجد علاج معروف، لذلك العلاج عادة ما يكون مجرد السيطرة على الأعراض.

التحدى الأكبر هو التشخيص الخاطئ

لكن السيدة كويكاي اعترفت بأن "التحدي الأكبر" الذي يواجه الأشخاص الذين يعانون من التهاب بطانة الرحم هو "التشخيص الخاطئ، والذي يأتي مع العمليات الجراحية الفاشلة، والأدوية الخاطئة"، وقالت إن هذا ما مرت به، حيث كان على الأطباء التعامل مع الأضرار الناجمة عن التشخيص الخاطئ قبل إدارة المرض، وبقيت حوالي عامين في الولايات المتحدة بينما كان الأطباء يعالجونها، وبعد ذلك، وخلال السنوات التي تلت ذلك، قامت بتأريخ تجربتها، الأمر الذي جعل الكثير من الناس يتعاملون مع هذه الحالة ويتعاطفون معها.

وتعتقد السيدة موريمي أنه من خلال عيش قصتها ومشاركتها، ساهمت السيدة كويكاي في دفع البلاد إلى فهم ما كان من الصعب فهمه.

وقد أشاد العديد من الأشخاص الآخرين بقوتها في التحدث عن النساء اللاتي يعانين من التهاب بطانة الرحم.

وتقول الممثلة الكوميدية سينجي، التي تعاني أيضًا من هذه الحالة، إن التشجيع الذي تلقته من السيدة كويكاي كان لا يقدر بثمن في كفاحها.

وقالت الفنانة الكوميدية واسمها الحقيقي سيلفيا سافاي: "لقد منحتني القوة في كل مرة شعرت فيها برغبة في الاستسلام، كنت أتطلع إليك لأنني كنت أؤمن أنك إذا نجحت فسأفعل ذلك أيضاً.. قلبي مكسور".