أقسم الله عز وجل بالعشر الأوائل من ذي الحجة في كتابه العزيز فى قوله تعالى :{وَالْفَجْرِ . وَلَيَالٍ عَشْرٍ}، والرسول يدعونا إلى مَزِيد من العمل الصالح فيها لما فيها من نفحات الله على عباده ؛ لأن العمل في هذه الفترة له منزلة عظيمة عند الله تعالى.
[[system-code:ad:autoads]]
الحكمة من أن العشر الأوائل من ذي الحجة أفضل وأحب الأيام إلى الله؟
وقد اجتمع العشر ذي الحجة من دواعي التفضيل أن هذه الأيام من الأشهر الحرم، وأن فيها يوم عرفة، واستثمار هذه الأيام يكون بالتوبة الصادقة والاستقامة على الحق والاعتصام بحبل الله المَتِين.
[[system-code:ad:autoads]]
"والذي يظهر أن السبب في امتياز عشر ذي الحجة لمكان اجتماع أمهات العبادة فيه، وهي الصلاة والصيام والصدقة والحج، ولا يتأتى ذلك في غيرها". الحافظ ابن حجر رحمه الله.
لماذا فضلت العشر الأوائل من ذي الحجة ؟
تعد العشر الأوائل من ذي الحجة من الأيام المباركة التي يتضاعف فيها الأجر وتغفر فيها السيئات، وقد شهد لها رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنها خير أيام الدنيا، وقال تعالى: «وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ ۚ فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَن تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ ۚ لِمَنِ اتَّقَىٰ ۗ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ» (البقرة: 203).
وأجمع الكثير من المفسرين على أن الليالي العشر التي ذكرت في قوله تعالى «وَالْفَجْرِ وَلَيَالٍ عَشْرٍ»، هي العشر من ذي الحجة، وقد فُضِّلت الأيّام العَشر من ذي الحِجّة على غيرها من أيّام السنة من عدّة وجوهٍ، وبيان هذه الوجوه فيما يأتي:
1- أقسم الله -عزّ وجلّ- بها في القرآن الكريم، والله -تعالى- لا يُقسم إلّا بشيءٍ عظيمٍ؛ قال الله -تعالى-: (وَالْفَجْرِ*وَلَيَالٍ عَشْرٍ)، والمقصود بالليالي العَشر؛ العشر من ذي الحِجّة على الصحيح ممّا ورد عن المُفسِّرين والعلماء، و تشمل الأيّام العشر من ذي الحجّة أفضل الأيّام، مثل: يوم عرفة؛ وهو يوم الحَجّ الأكبر الذي تُغفَر فيه الذنوب والخطايا، وتُعتَق فيه الرِّقاب من النار، ومنها أيضاً يوم النَّحر؛ لقَوْل النبيّ -عليه الصلاة والسلام-: (إنَّ أعظمَ الأيَّامِ عندَ اللَّهِ تبارَكَ وتعالَى يومُ النَّحرِ ثمَّ يومُ القُرِّ).
2- فضل أيام عشر من ذي الحجة ، تُؤدّى فيها فريضة الحجّ التي تُعَدّ من أعظم الفرائض. شَهِدَ لها رسول الله -عليه الصلاة واسلام- بأنّها أعظم أيّام الدُّنيا؛ إذ قال: (ما مِن أيَّامٍ أعظَمُ عِندَ اللهِ ولا أحَبُّ إليه مِن العَمَلِ فيهنَّ مِن هذه الأيَّامِ العَشرِ، فأكثِروا فيهنَّ مِن التَّهليلِ والتَّكبيرِ والتَّحميدِ)، و تجتمع فيها أمّهات العبادت فيها؛ كما أخرج الإمام البخاريّ عن عبدالله بن عباس -رضي الله عنهما-: (ما العَمَلُ في أيَّامٍ أفْضَلَ منها في هذِه؟ قالوا: ولَا الجِهَادُ؟ قَالَ: ولَا الجِهَادُ، إلَّا رَجُلٌ خَرَجَ يُخَاطِرُ بنَفْسِهِ ومَالِهِ، فَلَمْ يَرْجِعْ بشيءٍ).
3- فضل أيام عشر من ذي الحجة ، تُعَدّ الأيّام العَشر من ذي الحِجّة الأيّامَ المعلومات الواردة في قَوْل الله -تعالى-: (وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّـهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ).
لماذا فضلت العشر الأوائل من ذي الحجة ؟
الأيام العشر الأوائل من ذي الحجة ولياليها أيام شريفة ومفضلة، يضاعف فيها العمل ويستحب فيها الاجتهاد فى العبادة وخاصة الصوم وزيادة عمل الخير والبر بشتى أنواعه.
وحثّ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- على استغلالها بالأعمال الصالحة وبجهاد النفس، ووصف العمل فيها بأنّه أفضل من الجهاد في سبيل الله -تعالى-؛ فقال: (ما العَمَلُ في أيَّامٍ أفْضَلَ منها في هذِه؟ قالوا: ولَا الجِهَادُ؟ قَالَ: ولَا الجِهَادُ، إلَّا رَجُلٌ خَرَجَ يُخَاطِرُ بنَفْسِهِ ومَالِهِ، فَلَمْ يَرْجِعْ بشيءٍ).
ولم يُقيّد النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- الأعمال الصالحة في هذه الأيّام بعملٍ مُعيَّن، وجعل الأمر مُطلَقاً؛ فالعمل الصالح أنواعه كثيرة، ويشمل ذلك ذِكر الله -تعالى-، والصيام، وصِلة الرَّحِم، وتلاوة القرآن، والحجّ؛ ممّا يعني اجتماع أجلّ العبادات في الإسلام وأفضلها في هذه الأيّام، ولفظ الأيّام الوارد في الحديث المذكور يدلّ على أنّ العمل الصالح يستغرق اليوم كلّه، واليوم في الشرع يبدأ منذ طلوع الفجر وحتى غروب الشمس، وأفضل عمل يستغلّ به المسلم نهار هذه الأيّام هو الصيام، كما أنّ أفضل ما يُستغَلّ فيه الليل صلاة القيام، أمّا حُكم صيام العشر الأوائل من ذي الحجّة فهو مندوب، بينما حُكم قيام الليل أنّه سُنّة.
وورد أنه -صلّى الله عليه وسلّم- قد حافظ على صيام العَشر من ذي الحجّة؛ ودليل ذلك ما ورد في السنّة النبويّة من حديث حفصة -رضي الله عنها-، قالت: (كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُومُ تِسْعَ ذِي الْحِجَّةِ، وَيَوْمَ عَاشُورَاءَ، وَثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ)، وعلى الرغم من عدم ثبوت صحّة بعض الأحاديث الواردة في فضل صيام هذه العَشر على وجه الخصوص، إلّا أنّه لا يمنع من صومها.
وورد أن النبي -صلّى الله عليه وسلّم- صام التسع الأوائل من ذي الحجة ليعلمنا أن أحب العبادة تشغل كل الوقت بذكر الله والصيام هى العبادة التي تستغرق الوقت الكثير، ومن نوى الصيام الله ففي كل لحظة من اللحظات يرتفع له عند الله أجر، حتى وإن كان نائما بالنهار.
وخير عبادة في النهار الصيام، ويستحب أن يجعل له وردًا من القرآن أو أن ينوي ختم القرآن في هذه الأيام، وأعظم ما نستجلب به رحمة الله أن نعود لنصحح ما بيننا وبين الله، من خلال التوبة الصحيحة وتجديد العهد مع الله والمحافظة على الصلاة في جماعة والإكثار من الأذكار.