ينتظر الوسطاء موقفا إسرائيليا واضحا، حيال مقترح الهدنة في غزة. في وقت يكتنف المشهد غموض كبير حول مصير المقترح الذي قدمه الرئيس الأمريكي، جو بايدن، بشأن وقف إطلاق النار، والإفراج عن الرهائن في قطاع غزة. تطورات تأتي في وقت تتحدث فيه مصادر عن وصول وفد من حركة حماس بمرافقة قطرية إلي القاهرة للتفاوض. وجولة خارجية لوزير الخارجية الإيراني بالوكالة، شملت لبنان وسوريا. وخرج منها بتصريحات عدة ورسائل مختلفة. فهل ثمة خلاف أمريكي إسرائيلي، حول المقترح الأخير، والتخبط في الداخل الإسرائيلي، حول موقف موحد إزائها؟ وماذا عن المخاوف من توسع رقعة المواجهة في المنطقة مع جولة الوزير الإيراني في كلا من لبنان وسوريا؟.
مجددا تؤكد الإدارة الأمريكية، إن ما أعلنه الرئيس بايدن، من عناوين عريضة لصفقة تدعو إلي وقف إطلاق نار في غزة، هي اقتراح إسرائيلي، وأن واشنطن واثقة من موافقة حكومة الاحتلال عليه. إذن ماذا يحدث داخل المستوي السياسي الإسرائيلي؟ وماذا تخفي المواقف المتناقضة لرئيس الحكومة نتانياهو؟ وما أسباب تصاعد وتيرة التهديد من حليفيه بن جفير وسمو تريتش، وذلك في إسقاط الحكومة في حال الموافقة علي المقترح؟ ثم ماذا عن الجدل حول طلب بن جفير، الاطلاع علي كامل تفاصيل المقترح، ورفض نتانياهو تسليمه المسودة؟. وكأنه يخشي هذه المرة أن يكون ضحية خداع رئيس وزرائه.
أزمة كبري يعيشها كيان الاحتلال، فقياداته غير قادرة علي إكمال الحرب التي تستنزف الجيش، في ظل الفشل في تحقيق الهداف العسكرية، والقبول بالصفقة سيعني الهزيمة. وما بين الفشل والهزيمة، أي خيار أشد مرارة أمام نتانياهو؟. المأزق يتعمق أمام قادة الاحتلال، ويزداد سخونة مع اشتعال النيران في مستوطنات الشمال، علي جبهة الإسناد اللبنانية. حيث رفع "حزب الله"، مستوي الصراع درجات مع تمادي الاحتلال في التصعيد. فهو للمرة الأولي يستخدم مسيرة تقصف من الجو أهدافها المحددة، ثم تعود إلي قواعدها. وهو للمرة الأولي يستخدم قوة تدميرية عالية في صواريخ بركان. كما للمرة الأولي منذ اندلاع الحرب، تنطلق صفارات الإنذار في مستوطنات جنوب الجولان. لقد عنون الإعلام الإسرائيلي نشراته، بأن الشمال يحترق، وأن النيران وصلت إلي المنازل. فيما يقول "حزب الله"، إنها جزء يسير من قدراته. وهنا لا يقود حرب نفسية، فما يحدث علي الأرض هو حرب حقيقية، يقول مستوطنو الشمال من ملاجئهم.