بعد شهور طويلة من العسر عاشها المصريون مع ارتفاعات غير منطقية للأسعار وأزمات صنعها شح الدولار, آن الأوان أن يعيش المصريون أوقات اليسر, وتعود الأسعار إلى الاستقرار, ولكن الحقيقة أن أجواء الأسواق مازالت معبأة بالترقب, بين هبوط طفيف وارتفاع غير مبرر للأسعار.
نجحت الدولة فى توفير وكسر شوكة الدولار، وأفرجت عن سلع بالمليارات كانت مكدسة بالموانىء, ولكن الأسعار على أرض الواقع ظلت على جموحها.
الغلاء مفتعل ومصطنع، ويحتاج إلى قدر من الحزم، فليس من المنطقى- بعد كل هذه التدفقات الدولارية- أن تظل بعض السلع بأسعار عالية, ولا يعقل بعد هذه الملايين من أطنان الأعلاف التى أفرجت عنها الحكومة أن تبقى اللحوم والدواجن ضيوفا أعزاء لا يزورون موائد المصريين إلا فيما ندر بسبب الغلاء.!
أعلم تماما أننا فى سوق حر، لكن جشع بعض التجار المستوردين يستوجب الكثير من الحزم, حتى لو اضطرت الحكومة إلى أن تكون هى المستورد والموزع الرئيسى لكل السلع الاستراتيجية على وجه التحديد, لتضمن ذهاب هذه السلع إلى المستهلكين بأسعار منطقية.
فى يقينى أن الحكومة إذا أقدمت على هذه الخطوة- ولو لمدة ثلاثة أشهر فقط - فإن ضمائر التجار المعوجة ستستقيم, وربما يبادر مثل هؤلاء التجار- ودون تدخل من الحكومة- بتحديد هامش ربح منطقي، حتى يتمكنوا من منافسة بضائع الحكومة.
حرائق الأسعار المفتعلة يجب تطويقها سريعا، لتظل بعيدة عن محاولات التأجيج، وحتى لاتنال بنيرانها من استقرار المجتمع وتماسكه.
* أعتقد أن المشكلة ليست فى إسرائيل، فقد أثبتت الأحداث منذ حرب أكتوبر المجيدة عام 1973 أنها دولة من ورق، وأنه يمكن العصف بها بسهولة، ولكن المشكلة فى أمريكا التى تقدم دعما بلا حدود لصالح دولة الاحتلال منذ أكثر من 70 عاما حتى الآن، إننا نحتاج إلى تفاهم عربى عميق أولا قبل الحوار مع أمريكا، ليكون هناك استراتيجية عربية دائمة فى التعامل معها مستقبلا لمعرفة ماذا تريد أمريكا، وهل تريد السلام حقا والتعايش المشترك فى المنطقة، أم تريد العدوان والتدمير والتخريب وإشعال المنطقة إلى ما لا نهاية؟ الموقف لا يحتاج إلى انفعالات زائدة، أو غضب مؤقت، أو قرارات عنترية, وإنما إلى رؤية عميقة وهادئة حول مستقبل العلاقات العربية الأمريكية، ومستقبل المنطقة، وأتمنى أن تكون المبادرة من الجامعة العربية.
* منذ أكثر من أربعين عاما وخلال مبادرة السلام المصرية مع إسرائيل عرض الرئيس الراحل أنور السادات على القادة الفلسطينيين استرداد الضفة الغربية وغزة دون قتال، ومن خلال مفاوضات السلام، لكنهم رفضوا ذلك واعتبروه خيانة، والآن الشعب الفلسطيني هو من يدفع الثمن، والأيام القليلة المقبلة سوف تشير إلى أين تتجه المنطقة، وهل تتحول إلى برميل بارود ساخن ومتفجر، أم أن هناك أملا فى النجاة؟!
* مصر بلد له تاريخ عريق، وهو البلد الذى فتح أبوابه ليستقبل السيد المسيح والعائلة المقدسة فى القرن الأول الميلادى، وفتح أبوابه أيضا للأرمن ليعيشوا فيها ويندمجوا فى المجتمع المصرى، ونوبار باشا أول رئيس لمصر كان من أصل أرمنى، وكذلك باغوس بك أول وزير خارجية لمصر، وعلى المستوى الكنسى نذكر القديس غريغوريوس الأرمنى الذى تذكره الكنيسة المصرية فى الصلوات الكنسية، وكذلك القديسة "أريسيما" الأرمنية، وهى معروفة فى الكنيسة القبطية حتى أن معظم الأديرة القبطية بها راهبات يحملن إسم"اريسيما"، وتعد الجالية الأرمينية من أقدم الجاليات الأجنبية فى مصر، وقد بدأ وصولها إلى مصر منذ العصر الفاطمى, ثم العصر المملوكى، وفى عصر محمد على استعان بهم فى وظائف حكومية، وشهد هذا العصر تدفق أعداد كبيرة من الأرمن على مصر، وتم بناء كنيستين واحدة للأرمن الأرثوذكس، والثانية للأرمن الكاثوليك، ومن أبرزالمشاهير الأرمن فى مصر الفنانات: نيللى ولبلبة وأنوشكا وغيرهن.
* إن أهم مايميز مجتمعاتنا الشرقية وخاصة بلدنا الحبيب مصر هو ارتباط مفاهيم الدين بمواقف الحياة، فليس بينهم فاصل, فمن يعرف الله حق معرفة، وفى قلبه مخافة الله قادر أن يجتاز وسط مجتمعه وبلده العديد من الاشكاليات والتحديات، ويصعب على أهل الشر استغلاله أو طمس هويته لأنها مستمدة فى الأساس من إيمان حقيقى ممزوج بعمل وواجبات تجاه بلده، ومن هنا كان الفارق بين مصر وغيرها من البلاد، فهى عفية بقوة إيمان أهلها متماسكة بتعاليم الأديان مترابطة رغم كل ماحل عليها من أزمات. إن أجمل مانعيشه وسط أعيادنا، ووسط فرحتنا بها هو الإيمان واليقين المعاش بين أبناء هذا الوطن، فما أجمل أن تنشأ وتحيا فى وطن كان أول من نادى بالتوحيد ومعرفة الله الواحد الذى نعبده جميعا.
* الجهاز المركزى للتعبئة العامة والاحصاء كشف عن أن مصر احتلت المرتبة الخامسة بين دول العالم الأكثر قراءة بمعدل 30 إلى 7ساعات أسبوعيا.
* العصر يسير بسرعة الصاروخ، وحتى نستطيع مواكبته لابد أن يكون التعليم بشقيه قبل الجامعى والجامعى هو المستهدف الأول فى المرحلة المقبلة، ولن نتقدم إلا بالعلم، ولن تحدث النهضة إلا بالعلوم والبحث العلمى.