تحدثت خلال سلسلة المقالات السابقة التي تحمل نفس العنوان بالترقيم حول الخطوط الرئيسية للمؤامرة الصهيوأمريكية و تفاصيل المخطط الشيطاني للاستحواذ على الأراضي العربية لبناء مملكة صهيون الكبري، و نوهت في نهاية المقالة السابقة أننى سأتحدث اليوم حول سر المساندة الأمريكية لبني صهيون في تنفيذ مخططهم الشيطاني، اليوم أشرح أبعاد و أسرار تلك المساندة المطلقة.
[[system-code:ad:autoads]]
دخلت الولايات المتحدة الأمريكية حِلْبَة الصراع العربي الإسرائيلي بعد ما بدأت سلطة النفوذ الصهيوني تأخذ مكانها داخل الأراضي الأمريكية، ما جعل البيت الأبيض توجيه النصح للرئيس ترومان بضرورة مساندة اليهود حتى يحصل على دعمهم في كسب الرأي العام، بناء عليه قام ترومان بتنفيذ نصائح البيت الأبيض و قام بعدة خطوات لكسب مساندة و تأييد اليهود لجذب الرأي العام الأمريكي إليه قام بإرسال عدد 83 برقية للحكومة البريطانية طالبهم خلالها منح اليهود التسهيلات اللازمة لتحقيق الهجرة لأرض فلسطين و وضع قواعد الوطن المزعوم لبناء مملكة صهيون الكبرى تحقيقا لوعد بلفور الصادر عام 1917فضلا عن قيام جماعات الضغط الصهيونية بالعمل داخل أمريكا من أجل فتح أبواب الهجرة لفلسطين، و التي نجحت بقوة في تدفق أفواج الهجرة للأراضي الفلسطينية، ثم أعقبها إعلان ترومان الاعتراف بالكيان الصهيوني كدولة تسمي إسرائيل عام 1948، و منذ ذلك التاريخ بأتت المصالح الأمريكية مرتبطة بالمصالح الصهيونية لعدة أسباب منها :
[[system-code:ad:autoads]]
- لمست الإدارة الأمريكية منذ مدّة ولاية ترومان قوة اليهود و جماعاتها داخل المجتمع الأمريكي و قدرتها على التأثير في الرأي العام الأمريكي، و لن يفوز مرشح للرئاسة الأمريكية بسوى مباركة صهيونية.
- تمثيل بني صهيون للمصالح الأمريكية بالشرق الأوسط - قدرة إسرائيل الدفاعية في الدفاع عن المصالح الأمريكية بصورة أشبه بالبلطجة، في ظل عدم الاتحاد العربي و نفور كل طرف عربي من الأخر، منح بني صهيون القوة و القدرة على التحدي و الإصرار على ترسيخ قواعد الوطن المزعوم و دق أخر مسمار في نعش الدولة الفلسطينية.
كانت العلاقات الأمريكية بالقضية الفلسطينية تقوم على الأساس الرسمي الوارد في الإتفاق الأمريكي البريطاني منذ عام 1948، و عندما تقرر الانتداب البريطاني تضمنت بنوده شروط إنشاء وطن قومي لليهود على أرض فلسطين، إلا ان أهل فلسطين قاوموا ذلك المخطط اللاعين منذ البداية و اندلعت الثورة الفلسطينية الكبرى و أستمرت حتى اندلاع الحرب العالمية الثانية، الامر الذي أجبر بريطانيا على إتخاذ بعض الإجراءات لتهدئة العرب فأصدرت الكتاب الأبيض عام 1939 و أشتمل على عدة مقترحات هدفت إلى إنشاء دولة فلسطينية مستقلة في غضون عشر سنوات، و إنشاء دولة يهودية على أن تحدد علاقاتها ب بريطانيا بموجب معاهدة تكفل لكل من الدولتين احتياجاتها التجارية و الإستراتيجية.
و نص الكتاب الأبيض على ضرورة تحديد هجرة اليهود لأرض فلسطين بألا يزيد عن 70 الف يهودي خلال الأربع سنوات، على أن تتوقف تماما بعد خمس سنوات، إلا أن ذلك الكتاب قوبل بالرفض من العرب و اليهود معا، و إتجهت اليهود للضغط على البيت الأبيض و أعضاء الكونجرس لمساندتها و تحقيق أهدافها و إلا ستقوم بحشد الرأي العام ضد الإدارة الأمريكية.
على الرغم من عدم تدخل الإدارة الأمريكية بصفة رسمية في شئون الشرق الأوسط بشكل رسمي بعد الحربين العالميتين الأولى و الثانية، تنفيذا لسياسة العزلة، إلا أنها لم تكن بمعزل عن تطور القضية الفلسطينية نتيجة لتفوق النفوذ الصهيوني و تغلغله في دوائرها السياسية و المالية و الثقافية، ما أسفر عن إقامة جسر من المصالح بين الدوائر الصهيونية و رؤساء الولايات المتحدة الأمريكية المتعاقبين بصورة أشبه بالزواج الكاثوليكي، و يؤكد ذلك قيام جيمس آرثر بلفور وزير الخارجية البريطاني بزيارة أمريكا في 6 أبريل عام 1917.كان الهدف من تلك الزيارة مساندته في الخطوة التي أتخذها لإنشاء وطن قومي لليهود على أرض فلسطين، خاصة أن الولايات الأمريكية حشدت قوتها العسكرية و مواردها الاقتصادية لخدمة المجهود الحربي للحلفاء في أوروبا، و بالتالي كان من المتوقع حينها أن تلعب أمريكا دورا مهما في تسوية الصلح عقب انتهاء الحرب، خاصة بعد إصدار الرئيس الأمريكي تصريحا قاطعا مواليا للصهيونية، ما بدد مخاوف بريطانيا من احتمالية عزلها سياسيا بشأن القضية الفلسطينية.
أكد حينها ويلسون الرئيس الأمريكي لوزير الخارجية البريطاني عّن طريق القاضي برانديس أحد أبرز و أهم زعماء الصهاينة الأمريكيين حينها و كان صديقا للرئيس الأمريكي ويلسون، أكد خلال اللقاء موافقته و مباركته وعد بلفور في 15 أغسطس عام 1917 و بعث برسالة تحية لليهود الأمريكيين ليبشرهم بالوطن الجديد على حساب تحطيم الدولة الفلسطينية و إبادة و تهجير شعبها .