قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

صدى البلد

هل يحاسب الطفل قبل البلوغ على السرقة؟..وما كيفية إبراء الذمة من المسروقات؟

هل يحاسب الطفل قبل البلوغ على السرقة؟
هل يحاسب الطفل قبل البلوغ على السرقة؟
×

هل يحاسب الطفل قبل البلوغ على السرقة؟ وكيف تبرئ ذمته مما فعل؟ سؤال أجابته دار الإفتاء المصرية من خلال فتوى لها.

هل يحاسب الطفل قبل البلوغ على السرقة؟

وقالت الإفتاء إن الأشياء التي سرقها الإنسان في طفولته قبل البلوغ؛ فإنه لا يحسب له ذلك ذنبًا؛ لعدم تكليفه في صغره؛ فعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثٍ: عَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، وَعَنِ الصَّبِيِّ حَتَّى يَحْتَلِمَ، وَعَنِ الْمَجْنُونِ حَتَّى يَعْقِلَ» أخرجه أحمد، لكن مع عدم كتابة الإثم على الصبي السارق وعدم استحقاقه العقوبة؛ فإن ذلك لا يسقط حق المجني عليه في استرداد ما أخذ منه، فيجب ضمان ما أخذه الصبي وردّه إلى صاحبه إن كان باقيًا، أو ردّ قيمته من مال الصبي إن تلف المسروق.

قال الإمام ابن قدامة الحنبلي في "المغني" (3/ 243): [قال ابن المنذر: أجمع أهل العلم على أن جنايات الصبيان لازمة لهم في أموالهم. وذكر أصحابنا في الفدية التي تجب بفعل الصبي وجهين: أحدهما في ماله؛ لأنها وجبت بجنايته، أشبهت الجناية على الآدمي. والثاني: على الولي، وهو قول مالك] اهـ.

حكم أخذ المال بدون وجه حق في الشريعة الإسلامية

تقول الإفتاء إن الأصل في الشريعة الإسلامية أن أخذ المال بدون وجه حق حرامٌ شرعًا، فقد عصم الشرع الشريف المال كما عصم النفس والعقل والنسل والعرض والدين والأمن العام في المجتمع، فحرَّم الله تعالى أخذ مال إنسان بدون وجه حق أو بغير طيب نفس منه، فمن اعتدى على الأموال كان آثما شرعًا مستحقًّا للعقوبة في الدنيا والآخرة، ووجب عليه المبادرة بالتوبة من هذا الذنب؛ قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا ۞ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرًا﴾ [النساء: 29-30]، وعن أبي بَكرةَ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ عَليْكُمْ حَرَامٌ كَحُرْمَةِ يَومِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا» أخرجه البخاري ومسلم.

وتابعت: السرقة نوع من أنواع الاعتداء بأخذ المال دون وجه حق، وهي لغة: أخذ الشيء من الغير خفية.. وشرعًا باعتبار الحرمة أخذه كذلك بغير حق نصابًا كان أم لا. "الدر المختار" للحصكفي (4/ 82، ط. دار الفكر).

قال جل شأنه: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاللهِ شَيْئًا وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَادَهُنَّ وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللهَ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [الممتحنة: 12]. وهذه الأمور المنهيّ عنها في الآية الكريمة -وإن كانت الآية نزلت في مبايعة النساء- إلا أنها ليست خاصة بالنساء فقط، وإنما هي أمور بايع الرجال النبي صلى الله عليه وآله وسلم على اجتنابها أيضًا، فتحريمها عام على الرجال والنساء.

قال العلامة الطاهر بن عاشور المالكي في "مقاصد الشريعة الإسلامية" (3/ 235، ط. وزارة الأوقاف القطرية): [وقد تنبّه بعض علماء الأصول إلى أن هذه الضروريات مشار إليها بقوله -(وذكر الآية الكريمة السابقة)-؛ إذ لا خصوصية للنساء المؤمنات. فقد كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يأخذ البيعة على الرجال بمثل ما نزل في المؤمنات كما في "صحيح البخاري"] اهـ.

وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ فِي مَجْلِسٍ، فَقَالَ: «بَايِعُونِي عَلَى أَنْ لَا تُشْرِكُوا بِاللهِ شَيْئًا، وَلَا تَسْرِقُوا، وَلَا تَزْنُوا -وَقَرَأَ هَذِهِ الآيَةَ كُلَّهَا- فَمَنْ وَفَى مِنْكُمْ فَأَجْرُهُ عَلَى اللهِ، وَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَعُوقِبَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَتُهُ، وَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَسَتَرَهُ اللهُ عَلَيْهِ؛ إِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُ، وَإِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ» متفق عليه.

وعن المقداد بن الأسود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لأصحابه: «مَا تَقُولُونَ فِي السَّرِقَةِ؟» قَالُوا: حَرَّمَهَا اللهُ وَرَسُولُهُ فَهِيَ حَرَامٌ. أخرجه أحمد.

وتحريم السرقة أجمع عليه المسلمون وأصحاب الديانات السماوية، ويتفرع على ذلك وجوب حفظ اللقطة عن الضياع؛ قال الإمام شهاب الدين القرافي في "الفروق" (4/ 67، ط. عالم الكتب): [قاعدة: خمس اجتمعت الأمم مع الأمة المحمدية عليها، وهي: وجوب حفظ النفوس والعقول فتحرم المسكرات بإجماع الشرائع... وحفظ الأعراض فيحرم القذف، وسائر السباب، ويجب حفظ الأنساب فيحرم الزنى في جميع الشرائع، والأموال يجب حفظها في جميع الشرائع فتحرم السرقة، ونحوها، ويجب حفظ اللقطة عن الضياع لهذه القاعدة] اهـ بتصرف.

والسرقة في الجملة تعتبر من الكبائر؛ قال الإمام الذهبي الشافعي في "الكبائر" (ص: 97، ط. دار الندوة): [الكبيرة الثالثة والعشرون السرقة] اهـ.

عقوبة السرقة والشروط الواجبة لإقامة حدها

شدّد الإسلام في عقوبة السرقة وحدّ لها حدًّا زاجرًا؛ حتى يرتدع كل من تسول له نفسه أن يتعدى على أموال الآخرين وحقوقهم، وحث المسلم على العمل والكسب الحلال الطيب؛ حتى يقبل الله تعالى أعماله، وحتى لا يخضع لعقاب الله وعذابه يوم القيامة؛ فعن أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم يَقُولُ: «أَيُّمَا لَحْمٍ نَبَتَ مِنْ حَرَامٍ، فَالنَّارُ أَوْلَى بِهِ» أخرجه البيهقي في "شعب الإيمان"، لكن حتى يقام على السارق العقوبة الحدِّية لا بد أن تتوفر في جريمة السرقة شروط معينة، وهذه الشروط تتمثل في خمسة أمور، هي: أن يكون مكلفًا، وأن يقصد فعل السرقة، وألَّا يكون مضطرًا إلى الأخذ، وأن تنتفي القرابة بينه وبين المسروق منه، وألَّا تكون عنده شبهة في استحقاقه ما أخذ؛ كما في "الدر المختار" للحصكفي الحنفي (4/ 82-85، ط. دار الفكر)، و"بداية المجتهد" لابن رشد المالكي (4/ 230-237، ط. دار الحديث)، و"الأحكام السلطانية" للماوردي الشافعي (ص: 330-332، ط. دار الحديث)، و"الأحكام السلطانية" لأبي يعلى الحنبلي (ص: 266-268، ط. دار الكتب العلمية).

وإذا تخلف شرط من تلك الشروط السابقة لا يقام على السارق الحد؛ لأن الحدود تُدرأ بالشبهات، لكن يعاقب من ثبتت عليه جريمة السرقة غير مكتملة الشروط بالتعزير حسب القانون وما يقرره القاضي، ووفقًا لجسامة الجريمة وخطورة الجاني، فعَنْ السيدة عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم: «ادْرَءُوا الْحُدُودَ عَنِ الْمُسْلِمِينَ مَا اسْتَطَعْتُمْ، فَإِنْ كَانَ لَهُ مَخْرَجٌ فَخَلُّوا سَبِيلَهُ؛ فَإِنَّ الإِمَامَ أَنْ يُخْطِئَ فِى الْعَفْوِ خَيْرٌ مِنْ أَنْ يُخْطِئَ فِى الْعُقُوبَةِ» أخرجه الترمذي.

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «ادْفَعُوا الْحُدُودَ مَا وَجَدْتُمْ لَهُ مَدْفَعًا» أخرجه ابن ماجه.

كيفية إبراء الذمة من المسروقات

يجب على السارق التوبة إلى الله تعالى، وأن يبرئ ذمته من حقوق العباد التي أخذها بغير وجه حق، وإبراء الذمة من المسروقات يكون بردها إلى أصحابها إن كانت باقية في يد السارق، ويكون برد المثل أو القيمة عند تلف المسروقات أو فقدانها؛ ذلك لأن من المقرر شرعًا أن "التوبة من حقوق العباد لا تسقط إلا بالأداء أو الإبراء"؛ فعَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وآله وسلم قَالَ: «عَلَى الْيَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّى تُؤَدِّيَهُ» أخرجه أبو داود والترمذي وابن ماجه.

وعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضى الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ كَانَتْ لَهُ مَظْلَمَةٌ لأَحَدٍ مِنْ عِرْضِهِ أَوْ شَيْءٍ فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْهُ الْيَوْمَ قَبْلَ أَنْ لَا يَكُونَ دِينَارٌ وَلاَ دِرْهَمٌ؛ إِنْ كَانَ لَهُ عَمَلٌ صَالِحٌ أُخِذَ مِنْهُ بِقَدْرِ مَظْلَمَتِهِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ صَاحِبِهِ فَحُمِلَ عَلَيْهِ» أخرجه البخاري.

قال العلامة علاء الدين الكاساني الحنفي في "بدائع الصنائع" (7/ 96، ط. دار الكتب العلمية): [لأن محلّ الجناية خالص حق العباد، والخصومة تنتهي بالتوبة، والتوبة تمامها برد المال إلى صاحبه، فإذا وصل المال إلى صاحبه لم يبق له حق الخصومة مع السارق] اهـ.

وذكر الفقهاء في كيفية إبراء الذمة من المسروقات، ورد المظالم إلى أهلها بأنه يجب على التائب أن يرد الحقوق المادية لأصحابها، فإن لم يجدهم ردها لورثتهم، فإن عجز عن إرجاعها لعدم معرفته بأصحاب هذه الحقوق فليتصدق بها عنهم.

قال العلامة الحصكفي الحنفي في "الدر المختار" (4/ 283، ط. دار الفكر): [(عليه ديون ومظالم جهل أربابها وأيس) مَن عليه ذلك (مِن معرفتهم، فعليه التصدق بقدرها من ماله وإن استغرقت جميع ماله)، هذا مذهب أصحابنا لا نعلم بينهم خلافًا] اهـ.

وقال شيخ الإسلام النووي الشافعي في "روضة الطالبين" (11/ 246، ط. المكتب الإسلامي): [وإن تعلق بها حق مالي؛ كمنع الزكاة، والغصب، والجنايات في أموال الناس، وجب مع ذلك تبرئة الذمة عنه، بأن يؤدي الزكاة، ويرد أموال الناس إن بقيت، ويغرم بدلها إن لم تبق، أو يستحل المستحق، فيبرئه ويجب أن يعلم المستحق إن لم يعلم به، وأن يوصله إليه إن كان غائبًا إن كان غصبه منه هناك، فإن مات سلمه إلى وارثه، فإن لم يكن له وارث وانقطع خبره دفعه إلى قاض ترضى سيرته وديانته، فإن تعذر تصدق به على الفقراء بنية الغرامة له إن وجده] اهـ.

أما إذا خشي الإنسان من حدوث مضار إذا رد الحقوق لأصحابها؛ كفتنة، أو تشهير بسوء السيرة، أو قطع لصلة الرحم، ونحو ذلك، جاز له أن يعيد الحق إلى أصحابه بطريقة أو بأخرى من غير أن يخبرهم بما ارتكبه من السرقة، ولو كان الرد في صورة هدية ونحوها أو هبة مجهولة المصدر.