عقدت مؤخراً ورشة عمل مشتركة بين عدد من الخبراء المتخصصين في مجال التراث من وزارة السياحة والآثار وممثلي جمهورية الصين الشعبية، وذلك لبحث ودراسة آليات التسجيل المشترك لمقياس النيل بجزيرة الروضة بالقاهرة ونقوش بايهيليانج الصينية، حيث أن مقياس النيل بجزيرة الروضة من المواقع المسجلة على القائمة المبدئية لمواقع التراث العالمي لليونسكو عام 2003، بينما موقع نقوش بايهيليانج الصينية بهذه القائمة منذ عام 2008.
[[system-code:ad:autoads]]
وفى ضوء ذلك أشاد خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان عضو المجلس الأعلى للثقافة لجنة التاريخ والآثار بهذه الخطوة موضحًا أن القيمة التاريخية والمعمارية والفنية لمقياس النيل بالروضة تؤهله لأن يكون قيمة عالمية استثنائية، فقد بني عام 247 هـ،861 م بأمر الخليفة العباسي المتوكل كما هو منقوش في نص تسجيلي على شريط يحيط بفوهة البئر من أعلاها ومعه تاريخ بنائها في رجب سنة 247هـ، وأن البئر بنيت على يدي أحمد بن محمد الحاسب، وكان يستخدم لقياس فيضان النيل وعلى أساسه يتم تحديد الضرائب في العام الزراعي المقبل.
[[system-code:ad:autoads]]
تاج روماني قديم
وأوضح الدكتور ريحان أن المقياس عبارة عن عمود رخامي مدرج ومثمن القطاع يعلوه تاج روماني حفر عليه علامات القياس، يتوسط العمود بئر مربع مشيد بأحجار مهذبة روعي في بنائها أن يزيد سمكها كلما زاد العمق وعلى هذا شيد البئر من ثلاث طبقات: السفلى على هيئة دائرة، يعلوها طبقة مربعة ضلعها أكبر من قطر الدائرة، والمربع العلوي والأخير ضلعه أكبر من المربع الأوسط. وأن سمك الجدران وتدرجه على هذا النحو، يدل على أن المسلمين كانوا على علم بالنظرية الهندسية الخاصة بازدياد الضغط الأفقي للتربة كلما زاد العمق إلى أسفل، ويجري حول جدران البئر من الداخل درج يصل إلى القاع.
يتصل المقياس بالنيل بواسطة ثلاثة أنفاق يصب ماؤها في البئر من خلال ثلاث فتحات في الجانب الشرقي، حتى يظل الماء ساكنا في البئر، حيث أن حركة المياه في النيل من الجنوب إلى الشمال وبالتالي لا يوجد اتجاه حركة للمياه في الناحية الشرقية والغربية، يعلو هذه الفتحات عقود مدببة ترتكز على أعمدة مدمجة في الجدران، ذات تيجان وقواعد ناقوسية.
نقوش بالخط الكوفي
ويرتكز العمود الوسطي على قاعدة من الخشب الجميز لأنه الوحيد الذي لا يتأثر بالمياه وذلك لتثبيته من أسفل، ومثبت من أعلى بواسطة جائز شداد (كمرة رابطة)، وعليه نقش بالكوفي لآية قرآنية.
قوانين دولية
ونوه الدكتور ريحان إلى أن الترشيحات في اليونسكو تمر بمراحل مختلفة تبدأ باعتراف الدولة بتراثها أولًا أي أن يكون الأثر مسجل في الدولة ويخضع لقوانين الحماية، وفي مصر يكون مسجل كأثر طبقًا لقانون حماية الآثار رقم 117 لسنة 1983 وتعديلاته، وأن تكون الدولة قد صدقت على اتفاقية حماية التراث العالمي الثقافي والطبيعي 1972، ةأن يشتمل ملف الترشيح كافة المستندات والخرائط التي من شأنها إبراز الممتلك وتحديد سلامته وأصالته وبعد اكتماله ترسل لجنة التراث العالمي إلى الجهات الاستشارية للتقييم.
ويتم تقييم الممتلكات عن طريق منظمة الإيكوموس لمواقع التراث الثقافي كاستشاري وعن طريق الاتحاد الدولى لصون الطبيعة كاستشاري لمواقع الطبيعية وكذلك الأيكروم والتي تقيم حالة حفاظ وسلامة الممتلكات، بعد تقييم الممتلكات تتخذ لجنة التراث العالمي قرارها وتجتمع مرة كل عام لإدراج الممتلكات وقد تقبله أو ترجؤه بشروط أو ترفض إدراجه ويتم الإدراج على أساس معايير تحدد قيمة المواقع الاستثنائية قد تقترحها الدولة صاحبة الممتلك أو أحد الجهات الاستشارية.
وأشار الدكتور ريحان إلى أن اليونسكو تساعد من خلال سكرتارية اللجنة (مركز التراث العالمي) الدول في إعداد الترشيحات من خلال المساعدة في تحديد ما يلزم من خرائط وصور فوتوغرافية وتعيين الوكالات الوطنية التي يمكن الحصول منها على هذه المواد، وإعطاء أمثلة من الترشيحات الناجحة والتدابير الإدارية والتشريعية، وهناك معايير لقبول الملف حيث أن الأيكروم وضع شروطًا ومعايرًا وهي قيمة الممتلك فنيًا وتاريخيًا، وأصالته وقيمته كإبداع متميز استثنائي في الجودة، وأهمية وتأثيره في الوقت والمكان، وارتبطه بأحداث تاريخية أو قيمة جيولوجية، كما يمثل المكان تراثًا يُخشى عليه من الاختفاء أو يُخشى عليه من نمط الحياة الحديثة وإن كانت لا تعكس تميزًا من وجهة النظر الفنية أو التاريخية إضافة لمعياري السلامة والأصالة.