سقوط أخلاقي بامتداد دولي، ارتقوا وهم نيام، تحولوا إلي أشلاء، تفحمت أجسادهم في رفح. سقطت العدالة الدولية، وكل أشكال الإنسانية. هنا يسدل الستار علي كل الاستعراضات الكلامية لعالم لم يرضي وحسب، بكل الإبادة الجماعية. بل غزاها مالا وسلاحا، ومواقف سياسية. ثمانية أشهر، من الإدانات الشكلية لـ نتانياهو، المتسلح بغطاء أمريكي، عن اتفاق بين الحليفين علي شكل عملية رفح. تحدث الإعلام، وفي المدينة ذاتها جاءت المجزرة، لتنزع ورقة التوت الأخيرة عن الإدارة الأمريكية. متحدثا وفق حسابات انتخابية، وتفعل وفق مصالح سياسية. الاحتلال الرازح تحت ضربات المقاومة، يجد نفسه أمام خيارات صفرية.
بالمجازر يحاول نتانياهو، شراء الوقت بعد ما نفذت من يديه الأوراق السياسية والميدانية، وفقد كيانه عناصره الوظيفية، وعلي رأسها الردع والأمن. ففي أي إطار يمكن وضع مجزرة تل السلطان برفح. وهل يعاني الغرب أمام هذه المجازر المتواصلة، عجزا دوليا، أم غيابا للقرار السياسي؟. وهل هذه المجازر تؤشر لنهاية الحرب، أم إطالة أمدها؟ وأي مسار للحرب يرسمه الصمود بمواجهة المجازر؟. تمضي إسرائيل، قدما علي هجومها علي مدينة رفح، علي الرغم من الإدانات الدولية، بالضربة الإسرائيلية التي استهدفت مخيم للنازحين، وتسببت بمقتل 45 فلسطينيا علي الأقل. فضلا عن مئات الجرحى. ورغم تحذيرات "الأونروا"، من أن نحو مليون شخص، فروا من رفح، خلال الأسابيع الماضية. وعلي الرغم من قرار محكمة العدل الدولية بوقف هجماتها. يصر الكيان علي مواصلة عملياته العسكرية في غزة. جو بايدن، الرئيس الأمريكي، الذي يواجه ضغوطا متزايدة من داخل حزبه، لتقليص الدعم لإسرائيل، طالب حليفته بحماية المدنيين الفلسطينيين.
وبينما كان جيش الاحتلال، يزيد من عدد المجازر في سجلاته، كانت حكومة نتانياهو، تروج لتقديم مقترح جديد بشأن تبادل الأسري، ووقف إطلاق النار. ولكن.. كيف يمكن إجراء مفاوضات وسط المذابح؟ وكيف يمكن الثقة بجدية نتانياهو بالتفاوض، وهو أصلا يهاجم رئيس طاقم المفاوضات، ويغرق في خلافات "الكابينيت"، التي وصلت حتى مقاطعة وزير الأمن في حكومته؟ فإلي متى يستطيع نتانياهو المناورة؟. ربما وحده الميدان، قادر علي إخضاع زعيم الليكود، لا سيما، أن عمليات المقاومة الخيرة في رفح، باتت تحصد أعدادا متزايدة من الجنود.